أثناء سيرى بشارع 9 بمدينة المقطم أوقفنى أحدهم وسألنى بلا مقدمات: - إنت مش ح تخفّ إيدك عننا شوية؟ نظرت إليه وتفحّصته، هو رجل قارب الأربعين من العمر ولحيته الكثيفة تأكل وجهه تقريباً، قلت: - صباح الخير أولاً. لم يبدُ على ملامحه أى تعبير، ثم قال: - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. هذه هى تحية الإسلام يا أخ أحمد. قلت: - عرفتك الآن يا أخى، وأهلاً بك وسهلاً، ولكن قل لى أخفّ إيدى عنكم كيف وأنا متأكد أن يدىّ لم تقتربا منكم؟ قال: - هل عرفتَ من أنا؟ قلت: - أنت أخ مصرى على العين والرأس، وأنت أيضاًً إن لم يخنى ظنى تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. ضحك بارتياح، وقال: - بسم الله ما شاء الله.. أنت إنسان ذكى على عكس ما قالوا لنا. قلت: - قالوا لكم ماذا عنى؟ قال: - أفهمونا أنك كافر زنديق ومعادٍ للإسلام والمسلمين. قلت: - وطبعاً أنتم صدقتم ما قيل لكم عنى. قال: - نحن نلتزم بمبدأ السمع والطاعة. قلت: - ألم يصل إليكم قول الصديق رضى الله عنه وأرضاه: لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق؟! قال: - يقال إنه قول الفاروق عمر، وليس أبوبكر الصديق. قلت: - رضى الله عنهما وعن كل الخلفاء الراشدين وعن سائر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولفترض أنه قول عمر أو عثمان أو على، هل هذا يغير فى مضمون أو معنى هذا القول الرشيد؟ قال: - لا تأخذنى بعيداً عن صلب القضية. قلت: - وأين صلب القضية؟ قال: - عداؤك للإخوان المسلمين ودعوتهم. قلت: - متى تفهمون حتى تكونوا أهلاً لحكم مصر الذى جاءكم على طبق من ذهب. قال: - نفهم ماذا إذا سمحت؟ قلت: - تفهمون الإسلام أولاً حتى تكونوا جديرين به كدعاة تريدون نشر شريعته فى أرض الله، هل فعلاً أنتم تفهمون الإسلام؟ قال: - بدأت تتخطى حدودك وتدخل فى منطقة ازدراء الأديان يا أستاذ أحمد. ضحكت وقلت: - هى إذن تهمة جاهزة تلبسونها لكل من يختلف معكم. وللحوار بقية.