«راجل مقروض».. جملة وصف بها أهالى شارع على جبر بمنطقة فيصل «حسام»، أو «رضوان ناصر رضوان» صاحب الخمسة عشر عاماً.. للوهلة الأولى لا تجد مبرراً لإطلاق هذا الوصف على طفل، حتى بعد قتله، لكن عندما تتحدث مع أفراد أسرته وجيرانه.. تتأكد أن الوصف السابق، يمدح به أهالى المنطقة «حسام» الذى تعامل معهم ومع أسرته معاملة الرجال على الرغم من حداثة سنه. منتصف الشارع، توجد بعض الكراسى، وكاسيت يصدر آيات القرآن الكريم، ورجال وأطفال يعزون وأسرة حسام. داخل شقة حسام أو كما هو مكتوب فى شهاده الميلاد «رضوان ناصر رضوان»، 15 سنة، تجد الباب مفتوحاً على مصراعيه، يجلس أمامه رجل أسمر البشرة تبدو عليه صدمة الفراق.. «أنا أبوحسام أو رضوان واسمى ناصر رضوان، 45 سنة، بالمعاش المبكر»، وروى قصة حسام قائلاً إن حسام يوم الأحد 10 مارس طلب منه زوج عمته، الذى يعمل معه فى تركيب وصلات للدش، أن يشترى له لفه سلك من التاجر الذى يتعاملون معه فى التحرير، وبعد العشاء سأل عليه زوج عمته وأخبرته بأنه لم يعد من التحرير حتى الآن، فقال إن هاتفه المحمول مغلق. «انتظرنا حتى الصباح وطالت رحلة البحث عنه لغاية ما اتصل بينا أمين شرطة وأبلغنا بأنه فى المشرحة». يروى الأب الصدمة وكأنها تحدث وقت كلامه، وقال إنهم ذهبوا إلى المشرحة ووجدوا الطفل مقتولاً ومصاباً بكسر فى عظام الجمجمة، وكذلك وجدت عليه آثار تعذيب لصاعق كهربائى على بطنه، وكذلك كسر فى ذراعه اليسرى، تسلموا الجثة وأنهوا الإجراءات وتم دفنه. يقول الأب: «حسام طلب منى أن يخرج من المدرسة ويعمل لكى يساعدنى ورفضت فى البداية.. ومع إصرار حسام وبعد أن قال له «أنا الكبير ولازم أشيل الهم معاك يا بابا»، وافقت.. وذهب حسام للعمل فى شركة للألوميتال مقابل 600 جنيه فى الشهر، على أن يذهب من الساعة 8 صباحاً حتى 5 مساء، ولم يكتف بذلك بل عمل بعد مواعيد عمل الشركة لدى زوج عمته الذى يمتلك شبكة للدش، وكان عمله يبدأ من الساعة 6 مساء حتى منتصف الليل».[Image_2] تقول حنان على عبدالرحمن (35 سنة) ربة منزل ووالدة حسام، «هو من صغره ابن موت لأنه لما كان بيتفرج على أطفال غزة وهم بيموتوا، كان يسأل دول هيدخلوا الجنة، فطبعاً كنا نجاوبه آه يا حبيبى لأنهم شهداء ويا فرحة أهلهم بيهم، ولما كان حد بيموت فى التحرير، كان بيبكى عليه وبيقول ده شهيد زى أطفال غزة، ويوم الخميس الماضى رجع من شغله وإدانى المصروف وقالى معلش يا ماما ناقص الأسبوع ده عشان هشترى تورتة وأعمل عيد ميلاد لسلمى أختى، وبالفعل احتفلنا وأكلنا وانبسطنا، والخميس اللى بعده كنا مع بعض فى المقابر عشان ندفنه». صلاح على عبدالرحمن (48 سنة) تاجر وخال الشهيد، قال إنه أثناء البحث عن حسام فى التحرير تعرف على صورته عدد من الشباب الموجودين فى المظاهرات، وقالوا إن الشرطة يوم الأحد الماضى ضربته أعلى كوبرى قصر النيل، بصاعق كهربائى وبعصا حديدية وبالفعل بعد العثور عليه فى مشرحة زينهم كانت الإصابات التى قالها طبيب التشريح هى نفس كلام هؤلاء الشباب «ونحن نتهم الشرطة بقتل حسام، ومن الأحاديث التى أتذكرها للشهيد كان يسألنى عن الشهيد وهل أهله بيفرحوا بيه فكنت طبعاً أأكد له هذا الكلام ولما سألته: لماذا تسأل؟ قالى: نفسى أهلى يفرحوا بيا، لأن عمرهم ما فرحوا بيا، وده آخر كلام بيننا، إلى أن دخلت عليه مشرحة زينهم وقمت بتغسيله ووجدت أن خصيتيه متورمتان، وهو ما سوف يؤكده التقرير النهائى للطب الشرعى، وذلك بخلاف الإصابات التى وجدتها فى كل أنحاء جسمه، حيث وجدت آثار حروق وهو ما أكده الطب الشرعى بتعرضه للتعذيب بصاعق كهربائى».