كأنه واحة من الجمال وسط صحراء قاحلة بهوائه النقى ونسيمه العليل والخضرة المنتشرة فى كل الأركان، الزائر لا يصدق أن منشية ناصر تلك المنطقة المشهورة باسم «حى الزبالين»، حيث الملتقى الأساسى لعاملى وجامعى القمامة فى مصر، التى لا يمكن فيها لأى إنسان رؤية الشمس بسبب البيوت المتلاصقة والحوارى التى تتنفس رائحة القمامة المحروقة دوماً، أن يوجد بها دير القديس سمعان الخراز. بوابة الدير، تلك البوابة الكبيرة المزينة بزخارف كنسية عتيقة التى توجد بجانبها لوحة كتب عليها بخط رقيق «رجاء محبة.. إبراز الهوية الشخصية»، أشبه بتلك البوابات السحرية التى تعبر بالزائر من عالم الحقيقة بكل مشكلاته ومآسيه إلى عالم سحرى حدوده السماء والأرض، وتلك المغارات الدينية التى تنبعث منها فقط تراتيل تناجى «الواحد» فى كل مكان. أدهم رأفت مترجم بالدير، شاب فى أواسط العمر خريج كلية الألسن، قرر أن يكون هو الدليل لأى زائر يحكى له حكايته المشوقة، فقصة الدير ليست قصة عادية أبطالها كثر، ما بين الجغرافيا المصرية المتمثلة فى جبل المقطم، والقوة والجرأة التى تميز بها إسكافى مسيحى -سمعان الخراز- الذى سميت الكنيسة على اسمه وكان سبباً فى حماية أبناء دينه، بعد أن تحققت المعجزة السماوية على يده، والدهاء اليهودى الذى لا يختلف عليه أحد، والمتمثل بدوره فى «يعقوب بن كلس» رئيس الوزراء، وحاكم مسلم أكرم المسيحيين وأعطاهم قدرهم فى عهده، وهو الخليفة الفاطمى المعز لدين الله أول خلفاء الفاطميين فى مصر، الذى كان يحكم فى عام 979م، وكان سياسياً محنكاً يسعى لنهضة ثقافية دينية تقوم على توسيع الحريات الدينية، ويسمح بالمناقشات اللاهوتية بين أبناء الديانات المختلفة، وبسبب ولعه بالعلوم الدينية، اعتاد أن يدعو رجال الدين من المسلمين والمسيحيين واليهود ليتناقشوا أمامه بكل صراحة وحرية. هذا الولع -كما يقول أدهم- استغله رئيس الديوان «الوزراء» يهودى الديانة، والمسمى «يعقوب بن كلس» بعد شعوره بأن مكانته مهددة لدى الخليفة بسبب رجل مسيحى آخر خشى أن يعينه الخليفة مكانه، وهو «قزمان بن مينا». فما كان من رئيس الوزراء «يعقوب» إلا أن دعا لمجادلة بين رجال الدين المسيحى واليهودى فى حضرة الخليفة، ليستقر الرأى على أنه إذا كان الدين المسيحى حقيقياً بالفعل فليثبت أهله أن الآية التى وردت بالإنجيل «لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل» قادرة على تحريك جبل المقطم من مكانه، وإلا وجب بطلان دينهم وشطبه من الوجود!. «لا تخف أيها الراعى الأمين» كلمات قال أدهم إن السيدة العذراء همست بها للبابا إبرام السريانى عندما ظهرت له أثناء نومه، بعد دعوته لمسيحيى مصر للصلاة والصوم ثلاثة أيام حتى تزول تلك المحنة، مخبرة إياه أن تتميم المعجزة بيد ذلك الإسكافى الموجود بباب الدير سمعان الخراز الذى «فقأ» عينه بمخراز تكفيراً عن ذنب وحيد اقترفه فى حياته وهو رؤيته «لقدم امرأة جميلة». «كيرياليسون» أو «يا رب ارحم» هى الصلاة التى كان يتلوها سمعان الخراز طالباً من البابا أن يقوم برسم علامة الصليب أمام الجبل فى اليوم التالى. يقف أدهم أمام لوحة ب«مغارة القديس سمعان» تصور عمق المحنة وقتها، فالمعز يظهر وهو على حصانه ويطلب من البابا «إبرام السريانى»، إنهاء هذه المعجزة ويعلن عن تصديقه لقدسية الدين المسيحى، بعد أن وقعت زلزلة عظيمة وتحرك الجبل حتى بانت الشمس من تحته. ثم يقرر الخراز الواقف فى اللوحة بملابسه البسيطة المتقشفة أن يهرب كما يروى أدهم لكى لا ينال المديح من أحد، وتكتمل أركان المعجزة بين عامى 1989 و1991 أى بعد عشرة قرون، حيث تم اكتشاف أن القديس سمعان الخراز الذى أعطته الكنيسة صفة القداسة دفن فى مقبرة الحبش فى القاهرة القديمة، لتنقل رفاته إلى الدير الذى يحوى ست كنائس أخرى تتنافس على جذب الزوار لجمالها ومعمارها الرائع. اخبار متعلقة «النافورة».. ميدان يسكنه المشاهير صالون شهرى ل«علاء الأسوانى وأحمد فؤاد نجم وثروت الخرباوى» قلنا الخير على قدوم الواردين .. لقينا الأذى من مكتب الإرشاد كورنيش المقطم.. هنا ملتقى العشاق وجسر التنهدات من مصر الجديدة إلى المقطم.. الثورة تطارد خصومها مساكن الزلزال.. الحياة على شمال المقطم الهضبة الكبيرة.. معجزات وكرامات فى ميكروباص من «السيدة عائشة» أو أتوبيس من «مدينة نصر».. إزاى تروح «المقطم» الإعتداء على «قنديل» وتعذيب مدمنين وسرقة وتثبيت الجرائم تعددت الجرائم والمنطقة واحدة المقطم.. الحتة المقطوعة