عقارب الساعة تقترب من العاشرة مساء، محيط المحافظة يفيض بالأهالى الغاضبين، سيارة ربع نقل تتوسط المتظاهرين، تعتليها مجموعة من الشباب يتحدثون عبر ميكروفون إلى الأهالى يطلبون منهم تسجيل أسمائهم لمن يرغب فى المشاركة فى قطع منافذ بورسعيد الرئيسية، الأول الرسوة، والثانى كوبرى الجميل. يستجيب بعض الشبان المتحمسين، بينما يتراجع الآخرون، هنالك يصرخ الشاب «اللى جاى يتفرج علينا يروح، ربنا يحرق قلب كل واحد زى ما قلبنا محروق عشان تحسوا بينا»، ويعلن عن انطلاق مجموعة من الشباب إلى المنافذ لقطع الطرق المؤدية إلى بورسعيد كنوع من العصيان المدنى. ثم يطلب منهم الذهاب فى مسيرة ضخمة إلى مجموعة المطاعم السياحية بجوار الاستاد لغلقها «ناس معندهاش دم»، هكذا يقول.. وبالفعل تتوجه مسيرة إلى هناك عن طريق «23 يوليو»، وتستطيع غلق المحلات والمطاعم بالمنطقة دون أى أعمال تخريب. وينحرف مسار المسيرة إلى مسجد مريم الذى شيع منه عشرات الشهداء من أهالى بورسعيد خلال الأحداث الأخيرة. بجوار مستشفى آل سليمان التخصصى تلتقى المسيرة بسيارة «جامبو» بها سماعات ضخمة وميكروفون وملصق بها صور للشهيد كريم عطعوط ولافتات تندد بقتله وتطلب منهم المسيرة الانضمام لهم خلال جولتهم بشوارع بورسعيد. ويسيرون بالفعل إلى اتجاه شارع محمد على ووسط المدينة مرددين هتافات: «ياللى ساكت ساكت ليه خدت حقك ولا إيه»، «وحياة دمك يا شهيد ثورة تانى فى بورسعيد»، «يا كريم يا ولد دمك بيحرر بلد». «ارحل يا مرسى». كما طلبت المسيرة من الأهالى الانضمام إليهم وجابت معظم شوارع بورسعيد حتى الساعات الأولى من الصباح وعادت إلى ميدان المسلة. ورغم تأخر ساعات الليل فإن عدد المتظاهرين كان كبيراً. حضر إلى هناك اللواء أحمد وصفى قائد الجيش الثانى الميدانى، التف حوله المتظاهرون واشتكوا إليه من قسوة الأحكام الصادرة ضد أبنائهم فطلب من المتظاهرين احترام القضاء وقال: «إن القضاء المصرى من أفضل الهيئات القضائية فى العالم». وأضاف: «كل واحد هياخد حقه. شعب بورسعيد شعب واعى بيحب بلده وشعب مصر من أنقى الشعوب فى العالم». وأثنى على المظهر الحضارى للاحتجاجات السلمية التى قاموا بها بعد سماع النطق بالحكم وطالبهم بالبدء فى العمل والإنتاج. انتشر فى أرجاء ميدان المسلة الباعة الجائلون وتم تخفيض سيارات الإسعاف بصورة ملحوظة بعد توقف الاشتباكات. فيما استمرت الحلقات النقاشية بين المتظاهرين طوال الليل حول التصعيد وجدواه. أخبار متعلقة: بورسعيد.. المدينة الغاضبة الأحداث الأخيرة تكشف: المستشفيات خارج نطاق الخدمة الحكم واحد ورد الفعل مختلف: أهالى المتهمين يروون تفاصيل «الساعات الثقيلة» والد «عطعوط»: «الداخلية» ضربت ابنى بالرصاص فى مخه و«اليهود ما بيعملوش كدا» المتهم «البرىء» فى «مجزرة بورسعيد»: مصر كلها متهمة «أشرف» بعد البراءة: ولدت من جديد والصدفة جعلتنى متهماً «السلفية الجهادية»: الحكم فى المجزرة «طاغوتى مسيس»