شوارع المدينة خالية إلا من مدرعات الجيش، وأفراده المسلحين، بزيهم المموه، المحلات مغلقة رغم بلوغ عقارب الساعة العاشرة صباحاً، وفى مقهى صغير، جازف بفتح أبوابه وقت النطق بالحكم، فيما أنزل بابه «الصاج» بما يسمح بالكاد لأحدهم بالمرور تحته محنياً، فيما تعلقت أعين الناس فى الداخل، بصاحب الوشاح الأخضر الذى يتوسط منصة القضاة فى التليفزيون. لقطة درامية، ردد فيها الأهالى داخل المقهى، أسماء ذويهم من المتهمين، وراء القاضى الذى ينطق بالحكم على بعض المتهمين بالإعدام، وبعضهم بالسجن، بين المؤبد والسنة، ولبعضهم بالبراءة، ولم يسلم القاضى من امتعاض الموجودين ونقدهم، حتى فرغ من نطقه بالأحكام. كتم الفرحون بأحكام البراءة لذويهم؛ مشاعرهم مراعاة لمشاعر أهالى المحكوم عليهم بالإعدام والسجن؛ من جيرانهم، حتى خرج الجميع من المقهى، بينما اتفقوا أن «بورسعيد مظلومة من الكل، والله حرام». دقائق بعد النطق بالحكم كانت كافية لتنطلق أمهات المتهمين المحكوم عليهم بالإعدام وأولئك المحكوم عليهم بالسجن، وقد خلعت النسوة حجاب رؤوسهن، وصرن يعددن على المدانين بحكم المحكمة فى مذبحة بورسعيد أمام مبنى ديوان محافظة بورسعيد، تجمهر مواطنون أمام مدرعات القوات المسلحة المتراصة أمام المبنى المكلفة بحمايته، يتسارع المشهد باشتباك أحدهم بضابط جيش، فيسرع مواطنون بتشكيل سلسلة بشرية للحيلولة دون وصول المنفعلين من الأهالى إلى أفراد القوات المسلحة خلفهم، داعمين موقفهم بهتاف: «الجيش والشعب إيد واحدة». اكتفت الأمهات بالبكاء على أبنائهن المحكوم عليهم بالإعدام والسجن؛ بينما قام البعض بالتعدى بالضرب على الصحفيين؛ رغم أن دقائق سابقة كانت الكاميرات نفسها تلتقط ردود الأفعال على الأحكام؛ بينما اعترض آخرون على التعدى على الصحفيين والإعلاميين لأنهم «يقومون بنقل صوت أهالى بورسعيد». تحرك المتظاهرون فى حشود بالمئات فى مسيرات إلى «المعديات» عبر شارع 23 يوليو، والممشى السياحى؛ وتسلل بعضهم إلى الميناء للخروج بالقوارب إلى مياه القناة لاعتراض طريق المعديات؛ الأمر الذى دفع بسيارات الجيش إلى النزول إلى مكان تجمهر المتظاهرين أمام المعدية وقسم «الشرق».