يقول العزيز الحكيم فى سورة قريش «الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» صدق الله العظيم. إن الآية الكريمة تشير إلى أن سد الجوع مقدم على توفير الأمن. والملاحظ أن عدد الجوعى فى مصر يتزايد بمعدلات هائلة وغير مسبوقة فى ظل حكومة الإخوان فى الوقت الذى تعقد فيه الحكومة المصرية الفاشلة صفقة مع الولاياتالأمريكية لشراء المزيد من القنابل المسيلة للدموع، من أموال الفقراء المطحونين لمقاومة المتظاهرين، مع تناقص الاحتياطى من العملات الأجنبية بشكل ينذر بالخطر الشديد. لقد فشلت الحكومة بامتياز فى توفير فرص عمل آمنة لملايين المصريين، ولم تستطع أن تفسح المجال أمام التوسع فى الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر التى تحتاج إلى عمالة كثيفة لتقليل مخاطر البطالة وسد فجوة الجوع. لم يعد أمام نسبة كبيرة من هؤلاء سوى الانسياق وراء أعمال البلطجة التى تتيح لهم الحصول على المال من أقصر الطرق فى مواجهة مجتمع قاس وظروف اجتماعية واقتصادية لا ترحم آلامهم، فالمجتمع هو الذى أقصاهم وحرمهم من التعليم، ولم يوفر لهم المسكن وظروف الحياة الطبيعية فى حدها الأدنى لحقوق الإنسان من غذاء وكساء ومأوى، وتركتهم الحكومة الإسلامية فريسة للتشرد والضياع، ولم يعد هناك مكان فى مصر بمنأى عن حوادث البلطجة والسطو المسلح، والقتل، والسرقة بالإكراه، والاختطاف مقابل الفدية، وحلت لغة السلاح محل الحوار، وصارت أعمال البلطجة هى الحل الوحيد للحصول على أسباب الحياة وسط حالة من الانفلات الأمنى التى انتشرت معها أعمال العنف، فالحكومة توجه كل اهتمامها لتسليح قوات الأمن المركزى وتزويدهم بالقنابل الغازية لتفريق المتظاهرين دون مراعاة لأمان الناس فى حياتهم اليومية. وفى دراسة للدكتورة فادية أبوشهبة، أستاذة القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أشارت النتائج إلى تزايد أعداد البلطجية فى مصر، وأرجعت أسباب ذلك إلى تراجع دور الدولة وضعف مؤسساتها الرسمية، وسيادة قيم عدم احترام القانون، وتآكل هيبة الدولة، وغلبة الشعور بالاستبعاد الاجتماعى لدى الكثير من فئات المجتمع، وأشارت الدراسة إلى أن نحو 50% من المسجلين خطر تتراوح أعمارهم بين 18-30 عاماً، وتتركز أنشطة البلطجية والمسجلين خطر فى ارتكاب الجرائم التى تخل بالأمن العام، كالإرهاب والقتل والسرقة والخطف والاتجار بالمخدرات، مشيرة إلى أن نحو نصف المسجلين خطر من غير المتعلمين، وأن نسبة 3,5% فقط منهم حاصلون على مؤهل جامعى. لقد هالنى ما قرأت بشأن التحقيقات فى قضية احتراق المجمع العلمى من أن ثلاثة من المتهمين فى الأحداث تقل أعمارهم عن 18 عاماً، وقد حصل كل منهم على 150 جنيهاً ووجبة غذاء لكى يشارك فى إحراق المجمع العلمى، وكان من بين هؤلاء طفل فى الثانية عشرة من عمره ذكر فى التحقيقات أنه فقد والديه فى انهيار صخرة الدويقة وأصبح بلا مأوى، لا طعام ولا سكن ولا تعليم ولا أهل يحيطونه بالرعاية، هذا الطفل وجد فى ميدان التحرير سكناً وفى ممارسة العنف وسيلة سريعة لكسب قوت يومه، مثل هذا الطفل يوجد ملايين الأطفال الذين يهيمون فى الشوارع، وهم على أهبة الاستعداد لإسقاط الدولة الرخوة دون إنذار، فالجوع كافر يا حكومة الإخوان المسلمين.