صعود البورصة المصرية أولى جلسات الأسبوع.. و"الرئيسي" يتجاوز ال37 ألف نقطة    مصر الصناعية الرقمية.. طرح 386 وحدة صناعية جاهزة للتسليم في 11 محافظة    "القاهرة الإخبارية": نتنياهو يناور لتنفيذ المرحلة الأولى من صفقة ترامب بشروط إسرائيلية    إسرائيل: اعتراض مسيرة فوق إيلات قادمة من اليمن    مقتل 20 شخصا بينهم أطفال جراء انهيارات أرضية هائلة في الهند    استقبال حافل لمحمد صلاح في القاهرة استعدادًا لمواجهتي جيبوتي وغينيا بيساو    أزمة جديدة للنادي.. جوميز يشكو الزمالك لدى «فيفا»    يلا شوت بث مباشر.. مشاهدة مانشستر سيتي × برينتفورد Twitter بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | الدوري الإنجليزي 2025-2026    محافظة الجيزة ترفع «الفريزة» والفروشات بطريق المريوطية واللبيني فيصل بحي الهرم    "هيئة العقار": بدء أعمال التسجيل العقاري ل 115 حيًّا بالرياض والقصيم والمنطقة الشرقية    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة الثالثة والعشرين ضمن مبادرة العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    غدًا.. انطلاق إذاعة "دراما إف إم" رسميًا    الدكتور نظير عياد يكتب: المرأة المصرية في ملحمة أكتوبر.. روح النصر وسرّ الثبات    نشاط فني مكثف.. علاء مرسي بين الكوميديا والدراما والسينما    القصة كاملة - شهادات التضامن مع فلسطين ومقاومة الصهيونية تحسم جدل ضم رافائيل كوهين إلى لجنة تحكيم نجيب محفوظ    مواقيت الصلاة اليوم الاحد 5-10-2025 في محافظة الشرقية    بروتوكول تعاون بين الاعتماد والرقابة ووزارة الصحة للارتقاء بجودة خدمات الرعاية الصحية بالمستشفيات    وكيل صحة الأقصر.. يعلن بدء حملة التطعيم المدرسي للعام الدراسي 2024 / 2025    دور المقاومة الشعبية في السويس ضمن احتفالات قصور الثقافة بذكرى النصر    محافظ الإسكندرية يهنئ الرئيس والشعب بانتصارات أكتوبر    فابريس: نحترم الأهلي ولكننا نؤمن بحظوظنا في تحقيق المفاجأة    حماس: تصعيد استيطاني غير مسبوق في الضفة لابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية    احتجاجات بتل أبيب وأسر الرهائن يدعون ترامب ونتنياهو لإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار    أستون فيلا يواصل انتصاراته فى الدورى الإنجليزى بفوز مثير ضد بيرنلى    طرح 11 وحدة صناعية جديدة بمجمع المطاهرة بمحافظة المنيا    سعر الذهب اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025.. عيار 18 بدون مصنعية ب4483 جنيها    أفضل 5 أبراج تنجح في التدريس أولهم برج القوس فى يوم المعلم العالمى    تأجيل محاكمة 71 متهما بخلية الهيكل الإدارى بالتجمع لجلسة 21 ديسمبر    سيارة مسرعة تنهي حياة طفل أثناء عبوره الطريق بصحبة والدته في العجوزة    احزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : في يوم المعلم… منارة العلم تُطفئها الحاجة..!!    حكم الذكر دون تحريك الشفتين.. وهذا هو الفرق بين الذكر القلبي واللساني    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    برلماني: استراتيجية النهوض بصناعة الحديد والصلب خطوة حاسمة لتعزيز الاقتصاد المصري بتوجيهات السيسي    مبابي ينضم إلى معسكر منتخب فرنسا رغم الإصابة مع ريال مدريد    «بس ماترجعوش تزعلوا».. شوبير يعتذر ل عمرو زكي    محمد الغزاوي.. نموذج إداري هادئ يعود للمنافسة في انتخابات الأهلي المقبلة    رئيس جامعة المنيا يهنئ السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    تعليق مفاجئ من الجيش اللبناني بعد تسليم فضل شاكر لنفسه    مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي يكرم فناني ومبدعي المدينة (صور)    سر إعلان أسرة عبد الحليم حافظ فرض رسوم على زيارة منزل الراحل    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    وزارة الإسكان السعودي تحدد نقاط أولوية الدعم السكني 2025    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    مرسوم جديد من «الشرع» في سوريا يلغي عطلة حرب 6 أكتوبر من الإجازات الرسمية    3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    وزير التعليم ومحافظ الإسكندرية يفتتحان إدارة المنتزه أول التعليمية    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكافر
نشر في الوطن يوم 06 - 03 - 2013


الحمد لله..
كثر الحديث هذه الأيام عن كلمة «كافر»، وتعرض هذا المصطلح لعبثية فوضى الخطاب المعاصر، وجنح بعض الناس فى التعامل مع هذه الكلمة بأنماط متعددة من التطرّف.. ففريق أفرط فى إطلاقها على كل من خالف فهمه للدين من أبناء دينه فضلاً عن غيرهم.. بل أطلقها بعض العابثين على من يخالف مواقفه السياسية..
مع أنّ النبى (صلى الله عليه وآله وسلم) حذّر منه فيما رواه البخارى ومسلم: (أيما رجل قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما)، وزاد مسلم فى رواية أخرى: (إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه).
ومنهم من زاد على ذلك بأن جعل من لوازمها القتال والتعدى، وكأن الدين يقوم على الإكراه أو أن مجرد الكفر يبيح الدم والعرض والمال، وهذا باطل مخالف لقوله تعالى: {لا إكراهَ فى الدِّينِ قد تَبيَّنَ الرُشْدُ من الغَىِّ}، وقد أخطأ من قال بأن الآية منسوخة لأنها نزلت فى المدينة المنورة بعد الإذن بقتال الكفار المعتدين.
وفريق آخر فرّط ورفض الاعتراف بهذه الكلمة بالرغم من كونها ثابتة بنص القرآن، ولعله يعيش حالة ردة فعل تجاه الفريق الأول مع عدم تمييزه بين الكفر وتبرير القتال.
والمعنى اللغوى للكُفر هو الستر والتغطية، ولهذا يُسمى المزارع كافراً لأنه يستر البذور ويغطيها بالتراب حين يدفنها.. كما يُسمى الليل كافراً لأنه يستر الأشياء بظلمته ويُغطيها..
ولهذا أيضاً يُسمى الجحود كُفراً لأن صاحبه يستر الحقيقة ويغطيها بإنكاره لها، ويسمى «القار» (الزفت) التى تُطلى به السفن كُفراً، وكذلك يُسمى التراب لأنه يغطى الأشياء حين يدفنها، وكذلك الأرض البعيدة لأنها لا تُرى والقرية الصغيرة لأنها لا تكاد تُذكر.
وهذا اللفظ انتقل إلى اللغة الإنجليزية فى التعبير عن الغطاء: «Cover».
وهناك معنى شرعى للكفر اختلط فهم الناس له بالعُرف المعتاد فى تناول الكلمة وهو ما ينبغى توضيحه وإزالة اللبس المتعلق به وتبيين ما يترتب عليه من حكم دنيوى وحكم أُخروى وهو على النحو الآتى:
- هناك فرق بين الدلالة الشرعية للكلمة والدلالة العُرفية.
فالمجتمع المصرى على سبيل المثال يتعامل معها عرفاً على أنها سُبّة يُشتم بها من اشتد جحوده وظلمه، ولهذا تجد فى اللهجة المصرية عبارات مثل: «دول عالم كَفَرة» «يا كفرة» «انت هتخلينى أكفر»، وبالطبع السلامة تقتضى تجنّبها.
والدلالة العرفية لها اعتبار فى الشرع يدعو إلى الانتباه لحساسيتها، ولذلك قَبِل أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) من قبيلة تَغْلِب طلبهم حين اشترطوا عليه تسمية الجزية بالصدقة لأن دلالة الجزية حملت عندهم معنى الإهانة لمكانتهم بين قبائل العرب.
- أما الدلالة الشرعية فهى على أقسام:
1- كفر دون كفر: وهو يُطلق للتغليظ ومرتكبه لا يخرج عن الإسلام ولكنه يرتكب نوعا من الجحود فى المعاملة ومثاله قول النبى الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم): (اثنتان فى الناس هما بهم كفر، الطعن فى النسب والنياحة على الميت)، فاتهام الناس فى أنسابها والنياحة على الميت من المعاصى المتعلقة بالجحود ولكن ليست مخرجة من الإسلام، ومرتكبها مسلم مذنب عاصٍ.
2- كافر منافق: وهو الذى يتظاهر بالإسلام ويُبطن الكفر وحكمه فى الدنيا حكم المسلم لأن ما فى القلوب غيب والأحكام الشرعية فى الدنيا تُطبّق على الظاهر والأصل فى التعامل فيها مع الإنسان على أساس حسن الظن وافتراض الصدق فيه ما لم يثبت خلاف ذلك، وقد كان المنافقون يُصلّون خلف النبى وهو يعرفهم فلا يمنعهم، لأن التفتيش عن النوايا ليس من مهمتنا.
وإنما وردت الأحاديث التى تذكر صفات النفاق لتحذيرنا من الوقوع فيها حتى لا يتسلل داء النفاق إلى قلوبنا بسببها والعياذ بالله، ومن ذلك قول النبى الكريم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اُؤتمن خان)، فمن تكرر وقوعه فى ذلك فقد اتصف بصفات النفاق.
أما الحكم الأخروى فهو أنه كافر: {إنَّ المنافقين فى الدَّرْكِ الأسفلِ مِن النَّارِ ولَنْ تَجِدَ لهم نصيراً}.
3- كافر بجهالة: وهو حال أكثر أهل الأرض الذين لم يصلهم الإسلام على نحو واضح يُقنع العقل ويطمئن له القلب ويسلم من التشويش.
وحكمه فى الدنيا أنه كافر بمعنى أنه لا تنطبق عليه أحكام المسلم فى النكاح والميراث والصلاة عليه عند موته وغير ذلك من أحكام الجنائز، ولا يُخاطب بالالتزام بالأحكام الشرعية التى يلتزم بها المسلم كالصلاة والزكاة والحجاب.
وأما الحكم الأُخروى: فالذى يظهر أنه يدخل فى حكم أهل الفترة الذى يتبيَّن من قول الله عز وجل: {وما كُنَّا مُعذِّبين حتى نبعَثَ رسولاً}، وهذا واضح الانسجام مع العدالة الإلهية والرحمة الربانية.
4- كافر معاند: وهو من بلغته الرسالة دون تشويش قولى أو عملى يحجب عنه وضوح صدقها ومع ذلك أصر على الكفر بها وإنكارها جحوداً بالرغم مما استقر فى عقله وقلبه من الاقتناع بصحتها والتصديق بها كما فى قول الحق سبحانه: {وجَحَدُوا بها واستَيْقنَتْها أنفسُهم ظلماً وعلواً}.
وهذا يضاف فى حقه إلى الحكم الدنيوى السابق الحكم الأخروى بأنه من أهل النار إن مات على حالته تلك كما أخبر القرآن الكريم: {والذين كفرُوا وكذَّبُوا بآياتِنا أولئك أصحابُ النَّارِ هُمْ فيها خالدون}.
وجميع هذه الأنواع لا يجوز الاعتداء عليهم ولا قتالهم بسبب كفرهم ولا إرغامهم على الإسلام لأن الدين لا يكون بالإكراه وإنما بالاختيار، فالإيمان قناعة عقلية واعتقاد قلبى، والله تعالى يقول:
{لا إكراهَ فى الدِّين}
{أفأنتَ تُكرهُ الناسَ حتى يكونوا مؤمنين}
{وقُلِ الحقُّ مِن ربِّكم فمَن شاءَ فَليؤمنْ ومَن شاءَ فَليكفُرْ..}
{مَن كَفَرَ فعليهِ كُفرهُ ومَن عمِلَ صالحاً فَلأنفسِهم يَمْهَدون}
{ومَن كَفَرَ فلا يَحزُنْكَ كُفرُهُ إلينا مرجعُهم فنُنَبِّئُهم بما عملُوا إنّ اللهَ عليمٌ بذاتِ الصُدورِ}.
5- كافر حربى: وهو الذى يجمع مع صفة الكفر صفة الاعتداء بالقتال إما بمباشرته أو بالتحريض الحقيقى عليه أو بالتخطيط الثابت له أو بمنع الناس حقهم فى اختيار الإيمان والإصرار على إجبارهم على الكفر وهؤلاء يضاف إلى الحكم بكفرهم دنيوياً، وأخروياً إن ماتوا على ما هم عليه، الحكم بجهادهم بالقتال المباشر لمن اعتدى، وبالتخيير بين الإسلام أو الجزية أو القتال فى حق من يحرض أو يخطط أو يمنع الناس حقهم فى حرية الاختيار، وعليه تُحمل جميع آيات القتال التى يُذكر فيها الكفر بدليل أن النبى الكريم وصحبه البررة تعاملوا مع من لم يكن هذا حاله بغير القتال وقد توفى الحبيب المصطفى ودرعه مرهونة عند يهودى.
وبهذا يتضح أن مجرد الكفر ليس سببا للقتال ولا مبررا له.
هذا هو مفهوم كلمة «كافر» لغة وشرعاً..
وبقى تأكيد خطورة الفوضى الحاصلة فى تصدُّر غير المؤهلين لاعتلاء المنابر والتدريس فى المساجد وعقد الندوات والظهور فى الفضائيات مما جعل كل من هبَّ ودبَّ يستشهد بآيات القرآن ونصوص السنة فى نشر الفتنة والكراهية واستباحة الدماء..
{وإِذا تَولَّى سَعَى فى الأرضِ ليُفسدَ فيها ويُهلكَ الحَرْثَ والنَّسْلَ واللهُ لا يُحبُّ الفسادَ * وإذا قِيلَ لهُ اتَّقِ اللهَ أخَذَتْهُ العزّةُ بالإثمِ فحسْبُهُ جهنّمُ ولَبِئْسَ المِهادُ}.
اللهم اجعل نفوسنا مطمئنة تؤمن بلقائك وترضى بقضائك وأحسن عاقبتنا فى الأمور كلها وأجرنا من خزى الدنيا وعذاب الآخرة يا كريم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.