بشىء من الحذر تحاول قيادات جماعة الإخوان المسلمين التلاعب بنواب الحزب الوطنى المنحل، من رجال الأعمال بالإسكندرية، عن طريق استغلال حالة التوتر التى يعيشها بعضهم، بطريقة تبدو لائقة لطلب دعمهم المادى فى المرحلة المقبلة، وذلك فى صورة مساهمات فى مشروعات خدمية للنهوض بالمدينة. «الوطن» كشفت تفاصيل لقاءين جمعا بين قيادات الحزب الوطنى المنحل، وقيادات الجماعة بالإسكندرية بزعامة حسن مالك؛ لخدمة مصالح الإخوان فى المرحلة الراهنة، فى سرية بين اللقاءين اللذين كان يفصلهما ما يزيد على 45 يوماً. اللقاء الأول، كان فى منزل أسامة النجار، أحد أعضاء اللجنة التى يرأسها مالك للتواصل بين رجال الأعمال ورئاسة الجمهورية، وحمل عنوان «المصالحة والمصارحة»، وذلك بهدف العمل على إنهاء حالة الارتباك فى العلاقة بين رجال أعمال النظام السابق والإخوان المسلمين، ومحاولة الاستفادة منهم خلال الفترة الماضية. وعلمت «الوطن» من أحد رجال الأعمال الحاضرين للقاء، أن حسن مالك لم يبادر بطلب أى مبالغ مالية من رجال الأعمال الحاضرين خلال الاجتماع الأول فى منزل النجار، وكان حريصاً على أن يستمع لمناقشات النواب السابقين وشكواهم، إذ عبر معظمهم عن غضبهم بسبب تصويرهم من قبل قيادات الجماعة أمام الرأى العام بأنهم فلول. اللقاء الثانى، كان بموجب مبادرة من «راغب ضيف الله»، عضو البرلمان السابق عن الحزب الوطنى المنحل، الذى دعا لاستضافة مالك وزملائه من رجال أعمال ونواب الحزب الوطنى المنحل، على مائدة غداء بمنزله غرب الإسكندرية، وحضره عدد من رموز الحزب الوطنى. اختلف اللقاء الثانى عن الأول فى الهدف منه، فلم يكتف مالك بدعوة النواب السابقين للتصالح فقط، بل طلب منهم دعماً مادياً للعديد من المشروعات التنموية بمدينة الإسكندرية تقدر قيمتها بملايين الجنيهات. وفى الوقت الذى نفت فيه قيادات الجماعة حدوث اللقاء فى المدينة التى يتولى مسئولية المكتب الإدارى للجماعة فيها المهندس مدحت الحداد، أكد أحد رجال الأعمال الحاضرين، فضل عدم ذكر اسمه، أن شقيقه هشام الحداد، القيادى الإخوانى، كان حاضراً اللقاء. وتعجب من حرص قيادات الإخوان على النفى القاطع لاجتماعها مع رموز الحزب الوطنى ونوابه السابقين، مؤكداً أن ذلك يعبر عن الازدواجية التى يتمتع بها قيادات الإخوان المسلمين. وتساءل: كيف يقولون عنا إننا فلول وفسدة، ثم يعتبرون أننا «ناس محترمة، وعايزنا نساعدهم»، قائلاً «أنتم دلوقتى افتكرتوا إننا ناس محترمين وبتلموا فلوس مننا». وأضاف «حسن مالك لم فلوس مننا اليوم دا، وإحنا اعتبرناها لأعمال الخير، ودى حاجة كلنا بنعملها واتعودنا عليها لوجه الله، لكن اللى بنستغربله أنهم يقولوا علينا بعد كدة فسدة». وتابع: علمت أنه تم إجراء لقاء ثالث، فى منزل إحدى كبار العائلات من العرب غرب المدينة، حضره قيادات من حزب الحرية والعدالة لكن لم تتم دعوتى وغيرى من نواب الإسكندرية السابقين. وقال إن اختيار منزل ضيف الله، دليل على وجود نية للدفع بأحد أبناء العائلات العرب لخوض انتخابات مجلس النواب بتلك المنطقة، التى كان يحصل حزب النور على معظم المقاعد فيها، نظراً لضعف وجود الإخوان فى مناطق غرب الإسكندرية. ودلل على ذلك بعدم دعوة معظم النواب السابقين، عن الحزب الوطنى عن شرق الإسكندرية، للقاء تواترت أنباء عن عقده بمنزل سعداوى ضيف الله، مؤكداً أنها كانت شبه صفقة للعمل على تحالف سرى بين الإخوان وتلك العائلات التى كانت تسيطر على مقاعد البرلمان بتلك المناطق فى ظل النظام السابق، لتجديد وجودها داخل مجلس النواب الجديد، بالتحالف السرى مع الإخوان، وذلك بغرض دعم أهداف الجماعة فى التغلب على تفوق حزب النور السلفى عليها بتلك المنطقة. وقال إننا لا نشعر بأى قلق لأننا لم نرتكب أى جرم وقمنا بخدمة الوطن، لكن الإخوان هم الذين يشعرون بالقلق نتيجة حرصهم على استمرار إظهار صورتهم أمام الرأى العام بأنهم لا يتعاونون مع الفلول، وظهر هذا القلق عقب تواتر الأنباء عن تلك اللقاءات مما دفعهم للنفى. وقال «م. ف» رجل أعمال وعضو سابق بمجلس الشورى عن الحزب الوطنى، إن حسن مالك كان يطلب منا تجميع 40 مليون جنيه لاستغلالها فى مشروعات خدمية كتطوير مستشفيات، ومزلقانات السكك الحديدية. وتعجب مما وصفة بالعشوائية التى كان يدار بها اللقاء، مؤكداً أنه شعر من كلام مالك ومن حضر معه من مساعديه بأنهم يديرون مصر وكأنها عزبة. فيما علق «م. ع» نائب سابق بالحزب الوطنى، على تلك الاجتماعات، بأنها لا جدوى لها، قائلاً «أنا تعمدت عدم حضور اللقاء الثانى، وذلك لقناعتى بعدم أهميته». وأضاف «علمت أنه حدث ما يشبه المزاد داخل اللقاء ليدفع كل رجل أعمال ملايين الجنيهات، وفقاً للمبادرة التى أطلقها حسن مالك، وهذا شىء غير مقبول». وتابع «أن الإخوان يتصرفون تصرفات غير مفهومة، ومن بينها جولات يقوم بها حسن البرنس نائب المحافظ بمنطقة برج العرب للقاء المستثمرين، وإقناعهم بأن المحافظة سوف تشهد طفرة حقيقية وفقاً لمشروعات وهمية لا تدخل العقل». كانت الجبهة الشعبية لمناهضة أخونة الدولة، قد أصدرت بياناً أكدت فيه رصدها للاجتماع بين قيادات الجماعة ضم محمد سعد الكتاتنى، وحسن مالك، وأحمد جاد، وحسن البرنس، وصبحى صالح، وحسين إبراهيم، من قيادات الجماعة، بحضور سعداوى راغب ضيف الله، وعبدالمنعم راغب ضيف الله، وكامل راغب ضيف الله، ومحمود ضيف الله، وياسر ضيف الله، ورشاد عثمان، ومحمد رشاد عثمان، والصافى عبدالعال، وممدوح حسنى، وإبراهيم حيدو، ومعظمهم من النواب السابقين عن الحزب الوطنى لمناطق غرب الإسكندرية، وذلك بهدف العمل على الدفع بشباب من عائلاتهم غير المعروف انتماؤهم للحزب الوطنى، للإطاحة بنواب حزب النور، مع دعم عائلاتهم لمرشحى الحرية والعدالة، فى مقابل التستر على ملفات فسادهم فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك مثل الكسب غير المشروع والاستيلاء على المال العام وأراضى الدولة، وهو ما نفاه عاطف أبوالعبد المتحدث باسم الحرية والعدالة بالإسكندرية، قائلاً «إن مثل هذه الدعوات الهدف منها هو تشويه صورة الجماعة». وقال أشرف ثابت، القيادى بحزب النور، ووكيل مجلس الشعب السابق، إن الجميع خلال العملية الانتخابية يحاول أن يستخدم ما بوسعه لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، لكن الحزب أو الفصيل السياسى الذى يتخلى عن قيمه التى تعهد بها أمام الناس، يخسر احترامهم. وأضاف «لست من أنصار الخوض فى السبل التى يسلكها الآخرون لتحقيق مكاسبهم، لكننا نعمل لتحقيق أهدافنا بدون أن نتخل عن قيمنا». فيما قال نادر بكار، المتحدث باسم النور، إن الحزب يعمل الآن على التشاور حول هذا الموضوع ويدرس الرد المناسب، وأضاف «النور يدرس الأمر لأن الموضوع خطير». وفى تعليقه، قال محمد حبيب، أمين إعلام حزب النور بالإسكندرية، علمت بوجود جلسة فى منزل ضيف الله من أحد الأشخاص وقت جلوسهم، لكنه لم تصلنا أى تصريحات، ولم نحصل على معلومات مؤكدة من الحاضرين، ونحن لا نتسرع فى الرد، وننتظر دلائل من الممكن أن يبنى عليها الحزب موقفاً محدداً.