أفريقيا القارة السمراء، أرض السحر والجمال كانت مهداً للكثير من الأساطير على مر الزمان.. نعيش اليوم أصدقائى مع أسطورة أفريقية تحاول أن تجد تفسيراً لطنين البعوض ونعيق البوم، من خلال حكاية طريفة ممتعة، أدعوكم لقراءتها.. فى يوم من الأيام، رأت البعوضة سحلية تشرب من النهر فقالت لها: «هل تصدقين ما رأيته اليوم يا صديقتى؟». أجابت السحلية: «ماذا رأيت؟»، قالت البعوضة بثقة: «رأيت فلاحاً يجمع ثمار البطاطا من حقله، كل ثمرة منها كبيرة بحجم رأسى». ردت السحلية ساخرة: «وما حجم رأسك أيتها البعوضة بالمقارنة بثمار البطاطا؟! والله إن الصمم أفضل من سماع هذا الهراء».. وأخذت السحلية عودين من البوص سدت بهما أذنيها، وتابعت سيرها فى الغابة.. أثناء سير السحلية رآها الثعبان فحياها قائلاً: «مرحبا صديقتى السحلية»، لم تسمعه السحلية طبعاً وتابعت سيرها، فتوقف الثعبان وتعجب قائلاً: «لا بد أن صديقتى السحلية غاضبة منى وتدبر مؤامرة ضدى، لقد حذرنى والدى من تلونها وتقلبها»، نظر الثعبان حوله بحذر وبسرعة اختبأ فى أول فتحة رآها فى الأرض وكانت جحر الأرنب. عندما رأى الأرنب الثعبان الضخم يقتحم جحره، هرب سريعا من فتحة صغيرة فى الجحر، رأى الغراب الأرنب يجرى بسرعة فخاف وشعر بالخطر، ثم طار فى سماء الغابة ليحذر الحيوانات والطيور، سمع القرد تحذير الغراب فظن أن صياداً اقتحم الغابة، أخذ القرد يقفز بسرعة من شجرة إلى شجرة، وفجأة انكسر أحد الأغصان ووقع القرد على عش البومة، وقتل من دون قصد أحد صغارها. كانت البومة ما تزال فى الخارج تصطاد الطعام لصغارها، وعندما عادت ورأت صغيرها بكت وارتفع صوت نعيقها، شكت الحيوانات البومة التى ظلت تنعق طوال الليل لملك الغابة فدعا لاجتماع طارئ، سأل الأسد ملك الغابة البومة وقال: «لماذا نعقت بصوت عالٍ أزعج كل الحيوانات والطيور؟»، قالت البومة: «قتل القرد أحد صغارى، وأنعق حزناً عليه»، طلب الملك القرد الذى قال خائفاً: «لم أقصد أن أؤذى صغير البومة، لكنها غلطة الغراب الذى حذرنى من الخطر، ومن دون قصد قفزت لأهرب وانكسر غصن الشجرة فوقعت على عش البومة»، قال الملك الأسد: «إذن هو الغراب الذى حذر القرد فخاف وسقط على عش البومة وقتل أحد صغارها، أين الغراب؟»، صاح الغراب قائلا فى خوف: «أيها الملك، إنها غلطة الأرنب الذى رأيته يهرب من جحره فشعرت بالخطر»، قال الملك: «هو الأرنب الذى أخاف الغراب فحذر القرد الذى قتل صغير البومة، أين الأرنب؟». رد الأرنب فى رعب: «إنها غلطة الثعبان الذى اقتحم جحرى، فشعرت بالخوف وهربت»، قال الملك: «إذن هو الثعبان الذى أخاف الأرنب فرآه الغراب وحذر القرد ليهرب ويقع على عش البومة فيقتل صغيرها، أين الثعبان؟»، زحف الثعبان واقترب من الملك وقال: «رأيت صديقتى السحلية، اقتربت منها لأحييها لكنها لم ترد علىّ، فشعرت أنها تدبر ضدى مؤامرة، وبينما كنت أبحث عن مكان أختبئ فيه، اقتحمت بالخطأ جحر الأرنب». هز الملك رأسه قائلاً: «هى السحلية التى قلق منها الثعبان الذى أخاف الأرنب فهرب ورآه الغراب وحذر القرد ليهرب ويقع على عش البومة فيقتل صغيرها، أين السحلية التى تتلون؟». جاءت السحلية تزحف والعودان لا يزالان فى أذنيها، انتزع الملك العودين من أذنيها وقال لها بغضب: «أى مؤامرة كنت تدبرينها للثعبان أيتها السحلية؟»، ردت السحلية بدهشة ورعب: «مؤامرة؟! الثعبان صديقى»، سألها الثعبان: «إذن لماذا لم تردين على تحيتى اليوم؟»، ردت السحلية بنفس الدهشة: «لم أسمعك، أنا حتى لم أرك، لقد قالت لى البعوضة كلاماً لم أطق سماعه فسددت أذنى عنه». ضحك الملك وأحدث صوته زئيراً عالياً وقال: «إذن فى النهاية هى غلطة البعوضة التى أزعجت السحلية التى قلق منها الثعبان الذى أخاف الأرنب، فهرب ورآه الغراب فحذر القرد ليهرب ويقع على عش البومة فيقتل صغيرها وتنعق حزناً عليه».. صاحت جميع الحيوانات فى صوت عالٍ: «عاقب البعوضة أيها الملك..»، أصدر الملك أمره بالقبض على البعوضة التى لم تحضر الاجتماع لكنها كانت تستمع لما يدور فيه، ففرت هاربة ولم يعثر عليها أحد، لكنها منذ ذلك اليوم تعيش معذبة الضمير، ولهذا فهى تقترب من الآذان لتطن فيها بسؤالها الدائم قائلة: «هل ما زال الجميع غاضباً منى؟»! أما البومة فكلما اقترب الفجر تذكرت صغيرها وراحت تنعق حتى اليوم حزناً عليه.. كانت تلك الأسطورة أصدقائى، التى حاول القدماء من خلالها أن يجدوا تفسيراً للكثير من الظواهر والأسئلة العلمية.. ونحن اليوم فى عصر العلم نسأل نفس السؤال: هل تعرفون أصدقائى لماذا يطن البعوض؟ أنتظر إجاباتكم أصدقائى عن هذا السؤال لتنشر فى العدد المقبل بإذن الله.