بين تلال القمامة، وأزمات المرور، وأعمال البلطجة والانفلات الأمنى، يعيش سكان شارع بورسعيد، أحد أقدم وأكبر شوارع القاهرة، لا تختلف حالته كثيراً عن آلاف الشوارع مثله، فى محافظات مصر، إلا أن المشكلات ال5 التى وعد الرئيس محمد مرسى، بحلها فى المائة يوم الأولى لحكمه، تتجلى بوضوح وتحدٍّ صارخ فى ثناياه، على الرغم من أنه تجارى سكنى، ففى «بورسعيد» لا تعرف أكوام القمامة حدوداً، أماكنها ثابتة فى تحدٍّ، أمام مقر الشركة المسئولة عن نظافة القاهرة، بينما سيارات الأجرة صنعت مواقفها العشوائية على بُعد أمتار من مديرية أمن القاهرة، التى يختفى رجالها وعناصرها من الشارع عند غروب الشمس، مع ظهور البلطجية والمسجلين خطر، لجمع الإتاوات من سائقى السيارات، وبطول الشارع تنتشر 9 محطات للوقود، أمامها يحتدم الصراع وتتعدد الاشتباكات فى مشهد متكرر لا ينتهى إلا بنفاد «البنزين والجاز». أما «الزاد ولقمة العيش»، فالطوابير الحاشدة لا تختفى من أمام المخابز التابعة لوزارة التموين. يحمل شارع «بورسعيد» اسم المدينة الباسلة، تخليداً لصمودها ضد الاحتلال، لكنه الآن مطأطئ الرأس أمام تلك المشكلات والأزمات الطافحة على كل جزء من ملامحه، منذ العهد المباركى، والتى تزايدت فى نظام ما بعد ثورة 25 يناير مع وعود المائة يوم.. وهنا نموذج للسائقين الذين أقاموا شبكة من المواقف العشوائية، تجاوزت ال15، بطول الشارع، تبدأ من موقف سيارات عبود، ثم المظلات، حتى باب الشعرية، ذلك الموقف الذى أقامه -كما يقول سامى رمضان، صاحب كشك فى المنطقة- بعض السائقين لتحميل الركاب الوافدين من محافظتى «الشرقية والقليوبية»، وكانوا مجموعة من المسجلين خطر، مدعومين من قسم الشرطة «قبل الثورة» تسيطر على تلك المنطقة لجمع «الكارتة». قال سيد الفواخرى، أحد العاملين بمقهى فى الشارع: الطريق متوقف باستمرار، مما يدفع السيارات إلى السير من طرق خلفية لتفادى الزحام، وكثيراً ما يتعطل الطريق لفترات طويلة دون حركة لأكثر من ساعة. أضاف «الفواخرى»، بضحكة ساخرة، رداً على سؤال «وفين المرور؟»، قائلاً: «مرور إيه؟ إحنا فى ثورة بقى، كل سنة وانت طيب». فى «بورسعيد» تنتشر 3 مواقف أخرى، فى مناطق «باب الخلق، والسيدة زينب، وأحمد ماهر»، فضلاً عن موقف سيارات حلوان، فى تقاطع «الموسكى- بورسعيد». كما توجد 3 مناطق تجارية، تصيب الشارع ب«الشلل»، الأولى منطقة الموسكى، التى استغل الباعة الجائلون الانفلات الأمنى، لفرش بضاعتهم أسفل الرصيف، على جانبى الطريق، بخلاف العربات الحديدية التى تنقل البضائع، والثانية سوق «الروبابيكيا»، أمام عزبة أبوحشيش، التى انتقلت بعد الثورة من داخل شوارع العزبة إلى خارجها، حيث اقتطع كل تاجر مساحة من الرصيف، ومترين من الشارع، وحوّلها إلى معرض دائم لمنتجاته. أما المنطقة الثالثة، فهى مقر مخازن شركات الشحن، أمام مستشفى أحمد ماهر، ومكاوى وجامع البنات، حيث تحتل سيارات النقل الثقيل مساحات كبيرة من الطريق، لتفريغ حمولتها، فى تجاهل تام لقانون المرور الذى يمنع وجودها، من الساعة 8 صباحاً، حتى 12 عند منتصف الليل فى شوارع القاهرة. أما عن القمامة، فقد تحوّل شارع بورسعيد إلى «مقلب كبير» وممتد، تتردد عليه باستمرار عربات الكارو للتخلُّص من حمولتها، من مخلّفات المبانى أو الزبالة، لا يجد «العربجية»، أى مشكلة فى التخلّص من حمولتهم، سواء برميها فوق كوبرى أو أسفله، أو أمام مدرسة، أو حتى أمام مقر شركة «أرما العرب للبيئة» المسئول الأول عن نظافة القاهرة، وجمع القمامة؛ فأمام مقرها الإدارى، وجراجها الخاص، فى الشارع، ترتفع أكوام القمامة، شاهدةً على تقاعُس الشركة وتخاذُلها. ورغم ذلك برّر اللواء صفوت إمبابى، مستشار العمليات والمتابعة الميدانية بالشركة، وجود تلك الأكوام أمام المقلب الفرعى للشركة، بأن «أرما العرب» غير مسئولة وفقاً للعقد المبرم مع محافظة القاهرة عن مخلفات البناء، وأن مهمتها مقصورة فقط على رفع القمامة. فى شارع بورسعيد، تتجسد الفوضى، والانفلات الأمنى، وتتكرر 3 مشاهد يومية، تزداد مع الساعات الأولى من الليل، عندما ينشط البلطجية، ومسجلو الخطر، ويختفى أفراد الشرطة، فكل شىء ب«الدراع». فى المشهد الأول يرد عليك أحد الباعة المنتشرين إذا ما بدا عليك الامتعاض من افتراش بضاعتهم فى نهر الطريق: «إحنا نفرش فى أى حتة، وإذا كان عاجبك»، وبعيداً عن الباعة، تسمع حواراً بين سائق سيارة أجرة فى «موقف عشوائى» بالشرابية، وبلطجى يجمع الإتاوات «هات اتنين جنيه كارتة»، فيرد السائق: «أنا لسه دافع فى الشادر»، يتابع البلطجى «اخلص يا... أنا ماليش دعوة بغيرى». وفى مشهد ثالث يقف سائق آخر، لإنزال أحد الركاب قبل كوبرى غمرة، فيطل عليه شاب عشرينى من شباك السيارة: «عايز برشام؟»، فيأخذ منه السائق «نصف قرش»، قائلاً: «وأنا راجع هاديك الفلوس». لم تنتهِ مشكلات «بورسعيد» الذى يقسم القاهرة بعد، فلا تزال هناك أزمة الوقود وطوابير السيارات. فأمام محطات «البنزين»، المنتشرة بطول الشارع، 9 محطات، تتكدّس مئات السيارات؛ أجرة، وملاكى، فى انتظار عربة الوقود التى تفرِّغ حمولتها. فالمعتاد -كما يقول محمد فتحى، سائق- أن نجد «بنزينة» أو اثنتين، بهما بنزين 80، فى حين أن معظم السيارات الموجودة فى الشارع تعمل ب«بنزين 80»، أو بالسولار، وكلاهما يختفيان من محطات الوقود باستمرار، خصوصاً التابعة لشركات خاصة. الطوابير فى «بورسعيد» غير مقصورة على محيط محطات الوقود، فهناك أخرى أمام منافذ توزيع الخبر، تكفيك 10 دقائق، أمام «كُشك شركة المصريين» وكيل توزيع العيش المدعم فى القاهرة الكبرى منذ عام 2008، لتعرف أين يذهب «العيش المدعم»، فأيدى أصحاب المحلات، وعربات «الفول»، هى الأقرب إليه من الجوعى، ومستحقى الدعم. يحصل الواحد منهم على ما يريد مباشرة من «الكشك»، مقابل جنيهين فى «جيب» مندوب، زيادة على ثمن العيش. فيما تطول طوابير المواطنين، ويصطف فيها العشرات من أجل «10 أرغفة». أخبار متعلقة: إهمال بالألوان «الوحل» طريقهم.. و«الحمير والكارو» وسيلة انتقالهم مدير إدارة المرور: لدينا 24 «فرقة مسلحة» لمواجهة السطو بجميع المحافظات الطفلة «ملك» الموت ب«جرعة تطعيم» «العلاقات النافذة» انقذت «زينب» من العذاب «الهلال» رفض استقبال «هند» لأن «حالتها ليست حرجة» بالوساطة.. يمكنك الحصول على 3 أسرّة فى «التأمين الصحى» 64 ألف قرار إزالة ل«أبراج الموت» بالقليوبية وحدها.. وحدوه