60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات في محافظات الصعيد    بعد الاتفاق التجاري الضخم مع ترامب، رئيس الوزراء الياباني يعتزم الاستقالة    اليوم، الأهلي السعودي في مواجهة نارية أمام كومو الإيطالي، الموعد والقنوات الناقلة    50 ألف جنيه مكافأة من حزب الجبهة الوطنية لأوائل الثانوية العامة    استعلم الآن.. رابط نتيجة الثانوية العامة 2025    ترامب يعلن عن إطار جديد لاتفاق تجاري مع اليابان    مجلس الأمن يعتمد قرارا لحل النزاعات بالطرق السلمية    قفزة ل الدولار الأمريكي اليوم الأربعاء 23-7-2025 عالميًا.. وانخفاض بقية العملات الأجنبية    تحرك مفاجئ في أسعار النفط بعد الاتفاق التجاري "الضخم" بين واشنطن وطوكيو    10 عمال زراعة.. أسماء المصابين في حادث انقلاب سيارة ب«صحراوى البحيرة»    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    قصف موقع قيادة للاحتلال وتدمير ناقلة جند إسرائيلية ب قذيفة «الياسين 105»    سعر اليورو اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025 مقابل الجنيه.. بكام في الأهلي ومصر؟ (آخر تحديث)    عودة القائد.. حارس الصفاقسي يرحب ب معلول (صورة)    الصفقات الجديدة والراحلين يشعلون غضب يانيك فيريرا في الزمالك.. تقرير يكشف    مؤشرات تنسيق كليات الحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي 2025.. الحد الأدنى للقبول علمي علوم ورياضة    «زي النهارده» في ‌‌23‌‌ يوليو ‌‌1952‌‌.. قيام ثورة ‌‌23‌‌ يوليو ‌‌1952    فيتو داخل منزل نوران نبيل السادسة على الجمهورية: أفتخر بلقب أخت الدكاترة ومثلي الأعلى مجدي يعقوب (فيديو)    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025 «الخطوات والرسوم والمواعيد الرسمية»    حمزة نمرة يطرح اليوم الدفعة الأولى من ألبومه "قرار شخصي"    نقابة الموسيقيين اللبنانية عن تقبيل راغب علامة في حفل العلمين: تعبير عن محبة واحترام    طريقة عمل الحواوشي بالعيش، أحلى وأوفر من الجاهز    لنقلهم إلى درعا.. دفعة جديدة من الحافلات تصل السويداء لإخراج المحتجزين    ترامب يتهم باراك أوباما بالخيانة بشأن تدخل روسيا في انتخابات 2016    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    إحالة وزيرة فرنسية وكارلوس غصن إلى المحاكمة.. ما السبب؟    فيروس شيكونجونيا.. ما هو وباء البعوض الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية ويهدد 5 مليارات شخص؟    رئيس اتحاد الخماسي يُكرم طالب بني سويف الأول على الجمهورية ب100 ألف جنيه    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات على دير البلح وخان يونس    لمدة 7 ساعات.. قطع التيار الكهربائي عن 12 منطقة في البحيرة    بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 .. نصائح لاختيار الجامعة والكلية المناسبة لك    رئيس "بنك الطعام": نقدم نموذج شمولي فريد بالتعاون مع 5 آلاف جمعية    الأولى على الثانوية العامة شعبة أدبي ل«المصري اليوم»: «بكيت فرحًا وسألتحق بالألسن»    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    شخص مقرب منك يؤذي نفسه.. برج الجدي اليوم 23 يوليو    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    محمد التاجي: فهمي الخولي اكتشف موهبتي.. ومسرح الطليعة كان بوابتي للاحتراف    الرابعة على الثانوية: تنظيم الوقت سر النجاح.. وحلمي أكون طبيبة    فرصة لإدراك تأثير جروح الماضي.. حظ برج القوس اليوم 23 يوليو    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    كتائب القسام: قصفنا موقع قيادة وناقلة جند إسرائيلية بالقذائف والصواريخ    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    بدون أدوية.. 6 طرق طبيعية لتخفيف ألم الدورة الشهرية    دروجبا: محمد شريف هداف مميز.. والأهلي لا يتوقف على أحد    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    محافظ الشرقية يهنئ ياسمين حسام لتفوقها: نموذج مشرف لأبناء المحافظة    من 4% إلى 70%.. الطالبة ميار حماده تحقق قفزة دراسية لافتة في قنا    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    إلى الحبيب الغالي.. رسالة من ممدوح عباس إلى حسن شحاتة    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    ما حكم الاعتداء على المال العام؟.. أمين الفتوى يجيب    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثية الأزهر.. . لن تحل أزمات الوطن!
نشر في الوطن يوم 05 - 02 - 2013

بمبادرات طيبة، وبرعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، حاول الأزهر الشريف إزالة الاحتقان الوطنى منذ بدايات الخلاف حول خارطة الطريق لتحقيق أهداف الثورة وحتى احتدام العنف غير المبرر من الشرطة والأجهزة الأمنية ضد المتظاهرين السلميين حول محيط «قصر الاتحادية» هذا الأسبوع، والذى أصبح رمزاً لطغيان السلطة وإجهاض الثورة.
فقد أصدر الأزهر الشريف بالاشتراك مع مجموعة من المثقفين والسياسيين فى يونيو 2011 وثيقة وصفها شيخ الأزهر بأنها «مجرد إطار قيمى يصونُ أساسيات شعبنا وثوابته، ويعتبرُ الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة من ثوابت المطالب الوطنية، بكل ما تستوجبه من مواطنة كاملة، وتداول حقيقى للسلطة يمنع احتكارها من فريق، أو الوُثوب عليها من فريق آخَر»، وأن التوافق حول تلك الوثيقة «يؤهلها لأن تكون وثيقة يسترشد بها عند وضع الدستور»!
وقد تضمنت «الوثيقة» مبادئ أساسية تشمل دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، واعتماد النظام الديمقراطى، والالتزام بمنظومة الحريات الأساسية فى الفكر والرأى مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمرأة والطفل، والتأكيد على مبدأ التعدُّديَّة واحترام الأديان السماويَّة، واعتبار المواطنة مَناط المسئوليَّة فى المجتمع، وتأكيد الالتزام بالمواثيق والقرارات الدوليَّة، والتمسُّك بالمنجزات الحضاريَّة فى العلاقات الإنسانيَّة، المتوافقة مع التقاليد السمحة للثقافة الإسلاميَّة والعربيَّة، والحرص التام على صيانة كرامة الأمَّة المصريَّة والحفاظ على عزَّتها الوطنيَّة، ثم اعتبار التعليم والبحث العلمى ودخول عصر المعرفة قاطرةَ التقدُّم الحضارى فى مصر، وإعمال فقه الأولويَّات فى تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعيَّة، ومواجهة الاستبداد ومكافحة الفساد والقضاء على البطالة، وبناء علاقات مصر بأشقَّائها العرب ومحيطها الإسلامى ودائرتها الأفريقيَّة والعالميَّة، وتأييد مشروع استقلال مؤسَّسة الأزهر، وعودة «هيئة كبار العلماء»، واختصاصها بترشيح واختيار شيخ الأزهر، واعتبار الأزهر الشريف هو الجهة المختصَّة التى يُرجَعُ إليها فى شئون الإسلام وعلومه وتراثه واجتهاداته الفقهيَّة والفكريَّة الحديثة.
وللأسف فإن هذه الوثيقة الأولى قد أُهدرت رغم توقيعها من جمع كبير من الساسة والذين أسهموا فى صناعة الدستور بعد صدورها بأشهر قليلة، وتم تمرير دستور لا يلتفت إليها رغم أن ممثلى الأحزاب المدنية اشترطوا أن تكون تلك الوثيقة مرجعية أساسية كشرط لقبولهم الانضمام للجمعية التأسيسية للدستور.
وفى يناير 2012 عاد الأزهر الشريف إلى محاولة إرساء أسس الدولة الحديثة القائمة على احترام الحريات الأساسية للمواطنين، فأعلن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر «وثيقة الحريات الأساسية التى تتضمن حرية العقيدة والرأى والتعبير والبحث العلمى والفن والإبداع الأدبى لتكون أساساً يتضمنه الدستور الذى سيتم إعداده، وتعبر عن رؤية المؤسسة الدينية بالتعاون مع المثقفين والمفكرين لتلك الحريات».
وكان حظ وثيقة الأزهر الثانية أقل من سابقتها، فلم تصادف الاهتمام الإعلامى والحوار المجتمعى الجدير بالأفكار والمبادئ التى احتوت عليها! وتشكلت الجمعية التأسيسية للدستور وصنعت دستوراً شارك فيه ممثلون عن الأزهر الشريف -وكانوا قد انسحبوا من الجمعية لفترة- ولم يمكَّنوا من تضمين مشروع الدستور المبادئ التى نادى بها الأزهر فى وثيقته عن الحريات فجاء باب الحريات من أضعف الأبواب فى الدستور وأبعد ما يكون عما ورد فى العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى وقعت مصر عليها! كما اعترف الدكتور ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية بأن الدستور الجديد به قيود على الحريات والحقوق غير مسبوقة فى دساتير مصر كلها.
وكعادته استجاب فضيلة شيخ الأزهر يوم الخميس 31 يناير 2013 إلى اقتراح مجموعة من المحسوبين على «شباب الثورة» بإصدار «وثيقة لنبذ العنف» فى محاولة لإنهاء أعمال العنف الجارية منذ أسبوع والتى أوقعت 58 قتيلاً ومئات المصابين، والدعوة إلى الالتزام بالحوار بين القوى السياسية المختلفة! وقد تضمنت الوثيقة التأكيد على حق الإنسان فى الحياة، وعلى حُرمَة الدِّماء والمُمتَلكات الوَطَنيَّة العامَّة والخاصَّة، والتَّفرقة الحاسمة بين العمل السِّياسىِّ والعمل التخريبى، وواجب الدولة ومُؤسَّساتها الأمنيَّة فى حماية أمن المواطنين وسلامتهم وصيانة حقوقهم وحريَّاتهم الدُّستوريَّة، والحفاظ على المُمتَلكات العامَّة والخاصَّة، وضرورة أنْ يتمَّ ذلك فى إطار احترام القانون وحُقوق الإنسان دُون تجاوز. وتضمنت الوثيقة التأكيد على نبذ العُنف بكلِّ صُوَرِه وأشكاله، وإدانته الصَّريحة القاطعة، وتجريمه وطنياً، وتحريمه دينياً وإدانة التحريض عليه، أو تسويغه أو تبريره، أو التَّرويج له، أو الدِّفاع عنه، أو استغلاله. ودعت الوثيقة إلى الالتزام بالوسائل السياسية السلمية فى العمل الوطنى وأسلوب الحوار بين أطراف الجماعة الوطنية وحماية النسيج الوطنى وكيان الدولة المصرية باعتبار ذلك مسئولية جميع الأطراف؛ حكومة وشعباً ومعارضة.
ورغم حسن النوايا المفترض للذين شاركوا فى صياغة وثائق الأزهر الثلاثة وما احتوته من مبادئ صالحة لصياغة أساس للدولة الديمقراطية التى قامت الثورة من أجلها، فإن المنوط بهم تفعيلها من أهل الحكم فيما بعد الثورة قد تناقضت أهدافهم مع توجهات تلك الوثائق واتجهوا إلى تأسيس نظام حكم قوامه تمكين جماعة الإخوان المسلمين وتنفيذ خطتها فى استيعاب جميع مفاصل الدولة وإقصاء معارضيهم بطرق تبدو مشروعة وهى فى الأساس متناقضة مع أساسيات ومقومات الديمقراطية، وقد تجلت أهداف التمكين فى محاولات دؤوبة لزرع عناصر الجماعة وحزبها فى مواقع مؤثرة فى الدولة وتؤدى إلى التحكم فى مسيرة الوطن فى الاتجاه الذى يحقق أهدافها.
إن ممارسات الحكم الجديد بعد الانتخابات الرئاسية كلها تسير فى خط مخالف لآمال الشعب فى التحول الديمقراطى وتحقيق أهداف الثورة. وقد كانت البداية قرار رئيس الجمهورية بدعوة مجلس الشعب المنحل إلى الانعقاد بالمخالفة لحكم المحكمة الدستورية العليا، ثم قراره بإقالة النائب العام وتعيينه سفيراً لدى الفاتيكان والعودة فى ذلك القرار إلى حين إصدار الإعلان «غير الدستورى» فى 21 نوفمبر 2012 وما ترتب عليه من إقالة النائب العام السابق وتعيين نائب جديد بغير الطريق الذى رسمه قانون السلطة القضائية، والتغوُّل على سلطة القضاء وغلّ يدها بتحصين قرارات رئيس الجمهورية ضد الطعن عليها. ثم لما اشتعلت الجماهير بالغضب والثورة على هذا الإعلان «غير الدستورى» تم إلغاؤه مع بقاء آثاره باقية!
ثم استمرت الممارسات التى عطلت إمكانية تفعيل وثائق الأزهر وتم مخالفة مبادئها بصناعة دستور غير توافقى سيطر على صياغته حزب الجماعة والمشايعون له من فصائل الإسلام السياسى وتمريره فى استفتاء رفضه غالبية المصريين أصحاب حق التصويت سواء بالمقاطعة أو التصويت ب«لا». ثم كان حصار المحكمة الدستورية العليا ومنع قضاتها من عقد جلساتها، وحصار مدينة الإنتاج الإعلامى ولم تحرك سلطة الحكم ساكناً فى هذه الوقائع! وجرى إعادة تعيين رؤساء المؤسسات الصحفية القومية ورؤساء التحرير بها من عناصر أعضاء فى الجماعة أو تحظى بقبولها من غير أعضائها، وتجرى ملاحقة المعارضين من الصحفيين والإعلاميين باتهامهم بإهانة الرئيس، كما يجرى إعداد قوانين تهدف إلى تقييد الحريات مثل قانون التظاهر.
والمحصلة النهائية للمشهد السياسى فى مصر أن ظاهرة العنف البادية على الساحة -ورغم وثيقة الأزهر- مرشحة للاستمرار والتصاعد طالما استمرت سلطة الحكم فى العمل بما يفرضه ولاؤها للجماعة وتجاهل الأهداف التى ثار الشعب من أجل تحقيقها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.