شىء عجيب أن تحدّث أحداً عن مواقف الرسول عليه الصلاة والسلام، وتجده يقول «دا الرسول يا عم». كيف عملنا بيننا وبين الرسول حاجز يمنع استفادتنا من هديه على أساس أنه ليس من البشر؟! الحق سبحانه وتعالى يقول: «قَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» ونحن نقول: «يا عم دا الرسول»! الواجب أن نفهم كيف تصرف وبأى معيّار يحكم على الأمور لنستفيد من حكمته! أم أن الرسول كان لزمن معين؟؟ بالنسبة لى كل نبى هو ثورة على مجتمعه بعد أن ضّل المجتمع الطريق وأصبح بحاجة ماسة لإعادة توجيه. وبعد النبى محمد عليه الصلاة والسلام لا نبى آخر! لكن ترك فينا قوله: «لا تجتمع أمتى على باطل».. وسبحان من جمّع المصريين فى الثورة. النبى (الثورة) هاجر للمدينة وكان اسمها «يثرب»، وطالما اسمها «يثرب» ستبقى للأوس والخزرج وسيبقى المهاجرون غرباء عليها، فماذا عمل النبى لجمع الشمل؟ غيّر أسماء كل شىء! فغير اسم يثرب وسماها «المدينة»، وفى هذا عبقرية، لأنه لو سماها مثلاً دار الهجرة سيهمش أهل يثرب ولو بقيت يثرب ستبقى للأوس والخزرج ولو سماها دار الإسلام سينفى غير المسلمين! لذلك اختار لها «المدينة». وكانت المعاهدات (الدستور أولاً) من أوائل ما صنعه الرسول فى الدول الجديدة، فتعاهد أهلها على حرب من يحارب أحدهم وأن يسالموا من سالمهم.. وهم «أمة» من دون الناس (بمن فيهم من غير المسلمين).. الرسول كذلك كان يعلم أن الأوس والخزرج (الثوار والإخوان مثلاً) بينهم ما صانع الحداد قبل الهجرة (مجىء الثورة) فماذا عمل؟ جمع الاثنين وسماهما «الأنصار»! ولأن الرسول يعرف أن المهاجرين جوعى (عيش وعدالة اجتماعية) بعد ما تركوا كل ممتلكاتهم بمكة، عالج الأمر بمجرد وصولها للمدينة المنورة فقال «أَطْعِمُوا الطَّعَامَ (علشان المهاجر يلاقى ياكل)، وَأَفْشُوا السَّلامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ (علشان المهاجرين والأنصار يعرفوا بعض ويتراحموا)، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ (علشان صلاة الليل تقربك من ربنا وتقدرك على العطاء)، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ».. موقف آخر للرسول عندما كانت الحرب بينه وبين قريش على أشدها (الثورة مستمرة) والوقت يمضى وقريش على عنادها وكان المسلمون منقطعين للمعارك مع قريش (العمل الميدانى فقط)! بادر الرسول فخرج بالمسلمين للعمرة ولم تشعر بهم قريش إلا وهم عند «الحديبية» مدخل مكة الغربى! فجرت بينه وبين قريش مفاوضات، قريش مصممة على الحرب حتى قال الرسول: «يَا وَيْحَ قُرَيْشٍ، لَقَدْ أَكَلَتْهُمْ الْحَرْبُ، والمسلمون تواقون للعمرة وكلهم اشتياق لمكة! لكن ماذا كان يريد الرسول؟ يقول الرسول: «مَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ خَلَّوْا بَيْنِى وَبَيْنَ سَائِرِ النَّاسِ». كان يريد الهدنة إذن؛ لأنه واثق أنه بمجرد أن تهدأ الحرب سينتشر الإسلام لأنه دين الفطرة والعقل وكان يرى أن الحرب تحول دون دخول العرب للإسلام! وكذلك كل ثورة، لو أهدافها جميلة ستكسب أنصار كل يوم! المهم أن الميدان طريق من الطرق وهناك آليات أخرى كثيرة. من هنا كان الرسول وراء صلح الحديبية الذى لم يفرح به المسلمون (الثوار) وكرهه المتزمتون من قريش (الكارهون للتغيير) ونقضوا الصلح، وقتلوا بعض من دخل بحلف الرسول وبهذا السبب بدأ فتح مكة. وبعد أن كان المسلمون 1400 صحابى فى الحديبية أصبحوا 10 آلاف فى فتح مكة، وبعد الحديبية أنزل ربنا سورة الفتح وسمى صلح الحديبية الفتح المبين ولم يسم فتح مكة بذلك وقال للثائر الحق.. «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً * وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً». الثورة مستمرة إلى الفتح.. صلوا عالنبى واهتدوا بهديه!