تتكدس في إحدى مدارس حي بستان القصر في مدينة حلب بشمال سوريا، أكثر من 65 جثة، غطيت بقماش أزرق لا يظهر منها سوى الوجه ليتاح للعائلات التعرف إليها، بعد انتشالها الثلاثاء من نهر في المدينة، وتبادل طرفا النزاع المسؤولية عن قتلهم. في مدرسة اليرموك الواقعة في هذا الحي الذي يسيطر عليه المقاتلون المعارضون، خصص لكل جثة رقم، وتحمل إحدى الجثث آثار تعذيب قاسية، إذ أحرق الوجه وأصابه تشويه كامل. وتعود الجثث إلى شبان غالبيتهم في العشرينات من العمر، وهم مصابون برصاص في الرأس. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، إن "65 جثة على الأقل انتشلت من نهر قويق في مدينة حلب"، موضحا أن عناصر في مجموعات مقاتلة معارضة يواصلون انتشال المزيد. من جهته، قال مقاتل معارض قدم نفسه باسم "ابو سيف"، إن المقاتلين "انتشلوا 78 جثة، ولا زالت 30 أخرى موجودة في النهر، ولا يمكن للمقاتلين المعارضين انتشالها بسبب قناصة القوات النظامية المتواجدين في حي الإذاعة المجاور". وإشار إلى أن "غالبية الجثث تحمل آثار رصاصة في الرأس، وبعضها مصابة بطلقات في الجسد"، وعدد من الضحايا "ألقي بهم في المياه وهم ما زالوا احياء، وماتوا غرقا". ولفت إلى ان بعض الجثث تعود إلى أيام مضت "لكن الغالبية اعدمت حديثا". ويوضح ان الأمر "يتعلق بمدنيين، ومن بينهم طفل أعدم بدم بارد"، مشيرا إلى أنه "في العادة، نعثر على جثتين أو ثلاث، لكننا لم نعثر يوما على عدد مماثل". وتبادل طرفا النزاع السوري المستمر منذ 22 شهرا، المسؤولية عن قتل الضحايا ومحاولة إلصاق التهمة بالآخر. وقال "أبو سيف" إن نظام الرئيس بشار الأسد "رماهم في هذا النهر ليصلوا إلى المنطقة الخاضعة لسيطرتنا، وليعتقد الناس أننا نحن من قتلناهم". وكان ضابط في الجيش السوري الحر عرف عن نفسه باسم "أبو صدى"، قال "إن النظام أعدمهم"، مشيرا إلى أنهم "مدنيون". من جهته، قال مصدر أمني كبير في حلب، إن "المعلومات التي حصلنا عليها تؤكد أن الجثث بمعظمها تعود لمواطنين من بستان القصر خطفتهم مجموعات إرهابية بتهمة الموالاة للنظام". وأشار إلى أنه "تم تنفيذ حكم الإعدام بهم في حديقة طلائع البعث في حي بستان القصر الواقع تحت سيطرة"، هذه المجموعات "ليل البارحة وتم إلقاء الجثث في النهر". وأشار إلى "معلومات أكيدة" مفادها أن "بين المقتولين أناس تم خطفهم وأهاليهم يعرفون بوجودهم لدى المجموعات الإرهابية المسلحة وقد حاولوا التفاوض معهم أكثر من مرة". وتدور في حلب، كبرى مدن شمال سوريا، معارك يومية منذ يوليو الماضي. وتسيطر المجموعات المقاتلة على عدد من أحياء المدينة، بينما لا يزال عدد منها تحت سيطرة القوات النظامية. وفي شريط فيديو تم بثه على موقع "يوتيوب"، يمكن رؤية عشرات الجثث على ضفة نهر، مع آثار دماء من رؤوسهم. وتبدو جثثهم منتفخة على الارجح كونها كانت في المياه.