الساعة الثانية ظهراً، أصوات السيارات تعلو شوارع وسط القاهرة، لا تجد منفذاً تسلكه، وحركة المرور أعلى كوبرى 6 أكتوبر متوقفة تماماً، وجميع السيارات المتوجهة من وسط القاهرة إلى مدينة نصر لا تجد مخرجاً، ونفس الأمر فى الطرق المؤدية إلى الجيزة والهرم والمهندسين، فيما شهد كورنيش النيل من الناحية المؤدية إلى المعادى وحلوان، شللا تاماً، بعد أن قطع العشرات من رابطة «ألتراس أهلاوى» كوبرى «6 أكتوبر»، عصر أمس، الأول، للمطالبة بالقصاص لشهداء «مجزرة بورسعيد» مما أدى إلى شلل «وسط القاهرة». عجوز تُدعى «سيدة» تتكئ على عصا خشبية، تجلس داخل سيارة أجرة أسفل كوبرى أكتوبر، تصرخ فى السائق «يا ابنى والنبى ودينى أى مكان أركب منه، وأروح حلوان أنا عايزة أروّح»، قالت إنها لا تستطيع أن تسير على قدميها: «أنا مش قادرة أمشى على رجلى، ومش عارفة أروّح بيتى، وبيقولوا إن المترو واقف وطريق الكورنيش»، قالت لمحرر «الوطن» إلى جوار السيارة وكانت بمفردها: «والنبى يا ابنى قول للسواق يودينى أى مكان أركب منه»، جاء سائق السيارة مصطفى محمود، شاب عشرينى، قال إنه يقف منذ أكثر من ساعتين، ولا يجد منفذاً إلى منطقة العتبة، مضيفاً: «خلاص اليوم كده بالنسبة ليّا خلص، وتعبت من الزحمة، هاروُح أسيب العربية فى الجراج وأروّح بيتى، وطالب العجوز بالنزول». وتحت «6 أكتوبر»، وقف عمر خطاب، محاسب بإحدى الشركات، بسيارته لا يستطيع الحركة لمدة ساعة ونصف الساعة، إلى طريق كورنيش النيل، وعلى الرغم من ذلك فقد قال إنه غير غاضب من تظاهرات الألتراس، مضيفاً: «أنا مع هؤلاء الشباب ومطالبهم، لأنه لا يوجد قصاص عادل فى هذا البلد، ولو فضلت واقف 10 ساعات مش هازعل، الناس دى لها حق ولازم تاخده». فيما قال أحمد لطفى، صاحب شركة، كان يسير بسيارته مع أسرته، إنه متوجه من منطقة باب اللوق، إلى أعلى كوبرى 6 أكتوبر متجهاً إلى العباسية، وأنه متوقف فى مكانه منذ ساعتين، متابعاً: «لا يمكن أن أعترض على مطالب هؤلاء الشباب، لكن ذلك لا يكون بقطع الطرق وتعطيل مصالح الناس». كان المئات من شباب رابطة «ألتراس أهلاوى» قد قطعوا خط مترو الأنفاق بمحطة سعد زغلول، ونزلوا إلى قضبان مترو «حلوان- المرج»، وأوقفوا القطار القادم من السيدة زينب، ثم تركوه يغادر المحطة، ليجلسوا بعدها على القضبان، لتتوقف حركة المترو، ثم انتقلوا بعدها إلى كوبرى «6 أكتوبر»، وعطّلوا حركة مروره وأشعلوا إطارات السيارات أعلاه، مما تسبب فى شلل الحركة. وفى الجانب الآخر، بشارع جامعة الدول العربية، تراصت السيارات الملاكى إلى جوار التاكسيات والأتوبيسات و«الميكروباصات».. الركاب يتململون. ينظر مصطفى على، إلى محل عصير شهير بشارع جامعة الدول العربية، يقول إنه طالما سيتأخر فلا ضرر من «بل الريق الناشف»، يكمل بأنه لا يستاء من توقُّف المرور: «الحال اتعطل كتير والحق ماجاش». فيما عبر سائقو التاكسيات عن غضبتهم، لكنهم لم يجدوا سوى آلات التنبيه ينفثون فيها حنقهم، قال أحدهم: «اليوم وقف الحال، أقساط السيارة هتتأخر»، ملقياً باللوم على الشباب الذين لا يقدِّرون عمل الآخرين، ولا ينظرون إلا إلى مصلحتهم، ويصفهم بالعاطلين: «لو كان وراهم عيال ماكانوش اتسببوا فى الزحمة دى». إسلام عبدالعال، أحد المواطنين، نزل من الأتوبيس، لمواصلة طريقه مشياً على قدميه، إلى أرض اللواء، حيث يسكن، قائلاً: «المشى فى مثل هذا اليوم أسرع كثيراً من أى وسيلة مواصلات». لم يختلف الوضع كثيراً فى ميدان لبنان، وفى «طلعة المحور» إلى الشيخ زايد و6 أكتوبر وطريق الإسكندرية الصحراوى، كان الميدان ممتلئاً عن آخره بالسيارات، ورجل المرور لا يستطيع أن يحرك ساكناً، تكاد السيارات تصطدم ببعضها كلما لمح أحدهم انفراجة، فى حين أن القادم من 6 أكتوبر يجد الطريق أمامه خالياً حتى يصل إلى الميدان، ليصطدم بالتكدُّس. أخبار متعلقة: مصر العالقة فى المرور خبراء: الانفلات الأمنى والأخلاقى سبب الأزمة.. والاختناق سيتصاعد فى ذكرى الثورة