ما بين «فيلات القطامية هايتس» و«عمارات شارع أحمد عرابى بالمهندسين» مروراً ب «مساكن رابعة العدوية بمدينة نصر» تتفرق منازل المرشحين لرئاسة الجمهورية فى مصر. بعضها يسمح بالاقتراب منه وتصويره، والبعض الثانى يسمح بالاقتراب ويمنع التصوير، أما الثالث فغير مسموح على الإطلاق لا الاقتراب منه ولا تصويره. وفى كل الأحوال تظل منازل المرشحين سراً مغلقاً من الداخل، فلا أحد، مهما علا قدره أو انخفض، سيسمح لك بدخول منزله والتجول فيه، رغم أنها تظل فى النهاية منازل لمرشحين اختاروا بكامل إرادتهم أن ينخرطوا فى العمل السياسى، ويرشحوا أنفسهم لرئاسة مصر، وأكثر من ذلك يرشحون منازلهم معهم لأن تكون مقرات رئاسية دائمة أو مؤقتة تُحكم منها مصر لسنوات لا يعلم عددها إلا الله. فى مدخل منطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة تستقبلك بوابات ضخمة ل«القطامية هايتس» أو مرتفعات القطامية. هنا يقع منزل السيد عمرو محمود أبوزيد موسى، الشهير بعمرو موسى. تشير بيانات البطاقة الشخصية لوزير الخارجية الأسبق وأمين عام جامعة الدول العربية السابق إلى أنه يسكن الفيلا رقم 37. ورغم رهبة الأسوار الضخمة التى تحجب الفيلات عن عيون المارة، فإن دخول المنطقة ليس بالصعوبة المتوقعة. يكفى أن تسلك طريقك عبر إحدى بوابتين للدخول: «السادة الملاك» إذا كنت من أصحاب الفيلات الفخمة بالداخل، أو «السادة الزوار» إذا كنت زائراً، وفى الحالة الأخيرة ينبغى عليك أن تبرز رخصتى القيادة والسيارة ليحتفظ أفراد الأمن بإحداهما فى مظروف لديهم بعد أن يسلموك رقماً تعبر به. فى الداخل تنقسم الفيلات إلى قسمين: على اليمين «قطامية»، وعلى اليسار «وزراء»، هكذا يشير عامل حدائق شاب يعمل بهمة فى تنسيق حوض زرع أنيق، يضيف وهو يشير بطول ذراعه إلى جهة اليسار «عمرو موسى ساكن فى الوزرا». إلى حيث أشار العامل ترتفع أسوار أخرى أضخم من الأولى تتوسطها بوابة عملاقة تنفتح أوتوماتيكياً أمام السيارات الفارهة التى تحمل ملصقاً معيناً. بابتسامة واسعة أبلغنا فرد الأمن الموجود على البوابة أن «الأستاذ عمرو موسى خرج من شوية»، قبل أن يضيف شارحاً «لازم يكون معاكم تصريح منه عشان نسمح لكم بالدخول»، فحسب كلامه «عندنا تعليمات إن ما فيش صحفيين يدخلوا إلا بميعاد مسبق»، وفى حالتنا كصحفيين يريدون فقط مشاهدة وتصوير البيت من الخارج كان علينا أن ننتحى جانباً حتى يسأل فى ذلك رئيسه المباشر عبر الهاتف. فى وقفة الانتظار أمام البوابة الإلكترونية كان فى إمكاننا رؤية جزء من المكان من بعيد. ظهرت خلف البوابة سيدة تقود سيارة جولف بصحبة أطفال صغار، كما ظهر عدد من الأشخاص بملامح أجنبية يتريضون فى المكان، ولم يطل بنا الانتظار كثيراً، إذ عاد فرد الأمن ليبلغنا أن رئيسه يرفض دخولنا بناء على تعليمات من موسى شخصياً. وللحصول على تصريح من عمرو موسى عدنا إلى منسقى حملته الانتخابية فرحبوا فى البداية طالبين منا الانتظار ليعدوا لنا تصريحاً بالدخول والتصوير، وبعد يومين من الانتظار جاءنا الرد «السيد عمرو موسى يرفض تصوير منزله فى القطامية، وإذا كنتم تريدون التصوير فمسموح به فقط لشقته القديمة التى تقع أمام نادى الصيد فى الدقى». من فيلا عمرو موسى إلى فيلا الفريق أحمد شفيق التى تقع فى القطامية العادية بنفس المنطقة خارج البوابة الثانية، إلى اليمين من البوابة الأولى. يسكن شفيق فيلا فى منطقة غرب الجولف، وتحمل رقم 26 إلى جوار فيلا الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء السابق التى تحمل رقم 28. على بوابة الفيلا الحديدية المدهونة باللون الأسود، كشك الضباط المكلفين من إدارة الحراسات فى وزارة الداخلية بحراسة فيلا وزير الطيران ورئيس الوزراء الأسبق. سألونا بمجرد مشاهدتهم إيانا عن سبب تواجدنا فى المكان، وعندما شرحنا لهم مهمتنا رفضوا السماح لنا بالتصوير «بناء على تعليمات الإدارة»، ثم أضافوا مهددين «لو صورتوا هناخد منكم الكاميرا». غير أنهم سمحوا لنا بمشاهدة الفيلا من الخارج. والفيلا من الخارج لا يظهر منها شىء، إذ تتكفل 3 شجرات عملاقة فى الحديقة الخارجية للمنزل بحجب الرؤية تماماً عن واجهة الفيلا العليا، فى حين تتكفل طبقة سميكة من الزجاج الملاصق لسور الفيلا الحديدى بحجب الرؤية عن الجزء الأسفل، ولا يتبقى سوى أجزاء صغيرة تفلت من بين فروع الأشجار لتخبرنا أن الفيلا تتكون من طابقين، مدهونة باللون الأصفر، ولها بوابتان تنفتحان على شارع عرضه 50 متراً تقريباً فى منطقة لا يخدش هدوءها شىء. لن نبعد كثيراً عن «القطامية» بحثاً عن منزل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية، الذى يسكن فى الحى الثانى خلف شركة الكهرباء بالتجمع الخامس. الفيلا الأنيقة التى تملكها زوجته تحمل لافتة مكتوباً عليها «منزل الدكتورة علياء خليل استشارى النساء والتوليد والعقم»، وهى تقع فى شارع هادئ، يزيد من هدوئه خلو البيوت الموجودة فيه من السكان، إذ يخضع معظمها لأعمال التشطيب والإنشاء. على الرصيف المجاور للفيلا شجرتان لعيد الميلاد ونخلة صغيرة تسمح بتفحص المكان جيداً. فالمنزل المدهون باللون الأصفر مكون من 3 طوابق، الأرضى مجهز بالكامل ونصف الطابق الثانى، فى حين يخضع النصف الآخر والطابق الثالث للتجهيز. ترتكز واجهة المنزل على عمودين طويلين، بينهما بوابة كبيرة على الطرف الأيمن للمنزل، بينما تظهر بوابة ثانية على الواجهة اليمنى للمنزل. نفس الحال يتكرر مع بوابتين تتخللان السور القصير الذى يحيط بالمنزل، فتقع إحداهما على يمين السور والأخرى على يساره. وتنتشر الشرفات فى الطوابق الثلاثة على الجانبين الأيمن والأيسر اللذين يطلان على فيلات مجاورة، وتطل تلك الموجودة فى الواجهة على شارع يتسع 20 متراً، وبينما يحيط الحديد بالشرفات السفلية، تتحرر العليا تماماً منه. ورغم الأناقة البادية على منزل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح فإن بساطته من الخارج لا تخفى عن العيون، فلا حراسة ولا خفارة، ولا إشارة من قريب أو بعيد تدل على أنه يقطن بالمنزل باستثناء بعض السيارات الملاكى التى تركن غير بعيد، وتحمل بوسترات حملته الانتخابية. منزل آخر لا يفصح عن أى إشارة لصاحبه محمد مرسى مرشح حزب الحرية والعدالة فى الانتخابات الرئاسية. يقع فى الحى الثانى بالتجمع الخامس على مقربة من مسجد فاطمة الشربتلى. المنزل الذى يحمل رقم 83 بشارع رقم 20 مكون من 3 طوابق يحيط به سور حديدى أسود اللون. ترتفع واجهته على 6 أعمدة تتخللها 4 شرفات تغطى الواجهة تماماً. أعلى المنزل نقش لعبارة «ما شاء الله لا قوة إلا بالله»، بينما تظهر حلى زخرفية أعلى الشرفات. فى الأسفل بوابة ضخمة تقود إليها 5 درجات رخامية بممر صغير يسمح بوضع عدد من كراسى البامبو. وعلى الجانب الأيسر للمنزل ممر صغير يقود إلى باب سفلى مزين بنقش ل 3 نخلات. ديكتافون المنزل يحمل اسم «أبوعبدالله»، وباستثناء بعض مزروعات الزينة المغروسة أمام المنزل، يخلو المكان تماماً من أى مزروعات أخرى. وكالعادة يغرق الشارع الذى يقع فيه بيت مرسى، والبالغ اتساعه ما يقرب من 50 متراً فى هدوء شديد نظراً لحالة المنازل المجاورة له والتى يخلو معظمها من السكان لكونها تحت الإنشاء والتشطيب. وكمنزل عبدالمنعم أبوالفتوح لا توجد حراسة، باستثناء كلب بوليسى فى المنزل المجاور يتكفل بتنبيه السكان لأى قادمين جدد للمنطقة. إلى «زهراء مدينة نصر بالحى العاشر عمارة رقم 2149»، حيث تشير بيانات البطاقة الشخصية الخاصة بخالد على المرشح الرئاسى المستقل. ترتفع العمارات التى تحمل اسم «روضة الألفينات» إلى 6 طوابق مدهونة جميعاً باللونين الأخضر والرمادى. تقع العمارة المدونة فى بطاقة «خالد» على أطراف المنطقة، تحدها من الجانب الأيسر صحراء طويلة ممتدة، ومن الأيمن شريط طويل من العمارات النظيفة نسبياً مقارنة بعمارات أخرى مجاورة. للعمارة بوابة حديدية ضخمة تقود إليها 10 درجات رخامية. تطل بواجهتها على حدائق صغيرة تفصل بينها وبين العمارات الأخرى. سألنا أحد السكان، الذى كان يطل بالصدفة من إحدى الشرفات، عن شقة المحامى خالد على فنفى تماماً رؤيته من قبل، نراجع معه العنوان المذكور فى بطاقة المرشح الرئاسى فأكد أن العمارة هى نفسها المقصودة بالعنوان، غير أنه يؤكد مجدداً أنه لم ير خالد من قبل، وإن كان قرأ فى الصحف عنوانه فتعجب من كيفية أنه لم يشاهده فى المنطقة من قبل على الرغم من أنه يسكن العمارة منذ فترة طويلة. يتكرر نفس الأمر مع العنوان المذكور فى بطاقة المستشار محمد سليم العوا، المفكر الإسلامى والمرشح الرئاسى المستقل. إذ تشير بطاقته الشخصية إلى أنه يسكن عمارة رقم 26 فى إسكان رابعة العدوية. وفى حين ظهرت لافتة صغيرة على مدخل العمارة تحمل اسم «دكتور محمد سليم العوا. محامون ومستشارون قضائيون» فإن لافتة أخرى على باب شقة تقع فى الطابق الأرضى من العمارة تحمل عنوان «جمعية مصر للثقافة والحوار» تحتها عبارة «المواعيد من 5 إلى 8 مساءً»، والتى يرأس مجلس إدارتها الدكتور العوا، وتشير صفحتها على موقع «فيسبوك» إلى أنها «جمعية ثقافية تعنى بثقافة الحوار يشارك بها مجموعة من المفكرين الوطنيين» أو ما عبر عنه حارس العقار الصغير حينما قال «الشيوخ بييجوا يدوا ندوة بالليل ويمشوا». العمارة المذكورة فى أوراق العوا الرسمية ترتفع 10 طوابق وسط عدد من العمارات المشابهة فى مربع سكنى هادئ، رغم وقوعها فى النقطة التى يتقاطع بها شارع الأوتوستراد مع شارع النزهة بمدينة نصر. ويضم المربع السكنى عدداً من الحدائق والمحلات، وبه عدة مداخل ومخارج تقود من وإلى الشوارع الرئيسية السابق ذكرها. لا يمكن مغادرة منطقة مدينة نصر دون زيارة شقة المستشار هشام البسطويسى مرشح حزب التجمع فى انتخابات الرئاسة، والتى تقع فى الطابق الأرضى للعمارة رقم 10 شارع توفيق وهبة خلف النادى الأهلى. العمارة التى ترتفع 10 طوابق تقع فى شارع لا يتجاوز اتساعه 10 أمتار، ممهد بعناية، ونظيف للغاية، وتحتل شقة البسطويسى الجناح الأيمن للعمارة فى الطابق الأرضى إلى جوار المصعد الكهربائى. لا يحمل باب الشقة المدهون باللون البنى أى إشارة إلى كونها مسكناً للمستشار البسطويسى، غير أن ملصقاً دعائياً صغيراً للغاية موجود فى مدخل العمارة قد يؤدى الغرض، تظهر فيه صورة للبسطويسى مكتوب تحتها «حملة دعم القاضى هشام البسطويسى رئيساً لمصر»، تحتها عبارة «العدل أساس الحكم». من الخارج تظهر بوابة العمارة الكبيرة معلقة فوقها لافتة تحمل عبارة «اتحاد ملاك عمارة الفردوس - 10 شارع محمد توفيق وهبى. المنطقة السادسة. مدينة نصر». فى الجانب الأيمن منها تقع شرفات شقة المستشار البسطويسى الزجاجية محاطة بحديد مدهون باللون الأبيض، ترتفع أمامها 3 شجرات عملاقة تتواصل فروعها لتغطى جزءًا كبيراً من واجهة العمارة، وتصطف أحواض الزرع المستطيلة أمام شرفات الشقة، مغروس بها عدد من نباتات الزينة والورود والأزهار. إلى شارع أحمد عرابى فى منطقة المهندسين حيث تقع شقة المرشح الرئاسى المستقل حمدين صباحى بالعمارة رقم 90. يستقبلك بوستر كبير للغاية فى مدخل العمارة الرخامى لصباحى بابتسامته المعروفة وشعاره الشهير «واحد مننا». تحت البوستر يجلس حارسو العقار خلف كاونتر خشبى يتحدثون بصوت مرتفع، ويقطعون حديثهم عندما نسألهم عن شقة صباحى، فيقول أحدهم فى عجلة ودون اهتمام «الدور الحداشر جنب الأسانسير»، ثم يعود ليستكمل حديثه مع زملائه وكأن شيئاً لم يكن. فى الطابق الحادى عشر إلى جوار المصعد بدا باب الشقة المدهون باللون البنى خالياً من أى إشارة للمرشح الرئاسى، سألنا أحد السكان كان بالصدفة موجوداً على مقربة منا عن شقة صباحى فأشار للشقة التى نقف أمامها، قائلاً بابتسامة «هى دى الشقة، لو عايزين تتأكدوا ممكن تخبطوا وتدخلوا، بس للأسف الأستاذ حمدين لسة خارج من شوية». لا يظهر من الشقة سوى بابها، فلا شرفات ولا ممرات، فقط باب صامت لا ينبئ عن شىء. عودة مرة أخرى للأسفل حيث بوسترات صباحى التى تغرق المكان. إلى جوار المصعد إعلان مكتوب بخط اليد بالقلم الفلوماستر مدون عليه «فقد كسوة فوتيه لونها أزرق على حبل الغسيل الخاص بالدور 14 شقة 8 على من يجدها أن يسلمها للأمن وشكراً». خارج العمارة مساحات خضراء فى المربع الضيق الذى يضم عددا آخر من العمارات التى تحمل رقم 90، ولكن مع إضافة حروف «أ»، و«ب»، و«د»، الحدائق مهملة، والشارع به حفر وتكسير، وثمة بلاعة مفتوحة إلى جوار العمارة دون غطاء رغم وقوع فرع للبنك المركزى أسفل العمارة المطلة على شارعى أحمد عرابى وجامعة الدول العربية الشهيرين.