أصيب الجميع بحالة من الدهشة بعد علمهم بحالة البطل الأولمبى المصرى علاء الدين أبوالقاسم، الذى يعانى الإهمال منذ حصوله على الميدالية الفضية فى دورة الألعاب الأولمبية بلندن 2012، ولكننى -وعلى العكس- لم أصب بتلك الدهشة لكونها عادة الرياضة المصرية التى تهمل أبطالها، ولتواصل إثبات أن مبدأ «الفلوس» هو الأساس فى إدارة النشاط الرياضى فى مصر. فأبوالقاسم ما زال يعانى من إصابة فى الكتف تأثر بها خلال المباراة النهائية لمنافسات السلاح فى الدورة الأولمبية، ولكن أحداً لم يهتم بعلاج هذا البطل، بالإضافة إلى أنهم تجاهلوا تعيين مدير فنى للاعب بعد رحيل مدربه الأجنبى فى شهر أكتوبر الماضى، وفى إطار سياسة إهدار المال العام التى استشرت فى الرياضة المصرية، تم وضع اسم أبوالقاسم ضمن الفريق المشارك فى كأس إعلام للسلاح بفرنسا أواخر الشهر الجارى، فى حين أنه لن يستطيع المشاركة بسبب الإصابة. يا سادة الإصابة ليست فى كتف أبوالقاسم، وإنما فى عقول المسئولين عن الرياضة المصرية، وتحديداً وزارة الرياضة التى يرأسها العامرى فاروق، واللجنة الأولمبية التى يترأسها حتى الآن اللواء محمود أحمد على. فالأول انشغل بقضية عودة الدورى، لكونها السبيل الوحيد ل«الشو الإعلامى» وتوفير الملايين لدعم الأندية التى ستسانده فى الإعلام للحفاظ على منصبه كوزير الدولة لشئون الرياضة، أما اللجنة الأولمبية ف«يا حرام» انشغل أعضائها منذ عودتهم من لندن بالصراع الانتخابى للدورة المقبلة، وتناسى الجميع أبطالنا الأولمبيين. نحن نتحدث هنا عن مرض قديم ومزمن فى عقول المسئولين المصريين، ولو عدنا بالذاكرة سنجد أن نفس الأمر حدث مع كرم جابر صاحب ذهبية المصارعة فى أولمبياد أثينا 2004، فاللاعب الذى لُقب عالمياً ب«الأسطورة» تم إهماله، وبدلاً من أن يكون بيضة ذهب مصرية فى الدورات الأولمبية بات عنواناً للفشل فى أولمبياد بكين، ولولا إصراره وقدراته العالية لما نجح فى العودة إلى المستوى الذى ظهر به فى أولمبياد لندن. والمثير للضحك أن كرم جابر «البطل الخارق» كان على وشك الرحيل عن مصر فى عام 2003، وتحديداً بعد فوزه بفضية كأس العالم للمصارعة، ولكن الدكتور محمد عبدالعال وحسن الحداد تدخلا وقتها وأقنعاه باللعب باسم مصر، خصوصاً أنه بعد تلك البطولة حصل على مكافأة لا تتجاوز 50 ألف جنيه مصرى، فى حين أنه عرض عليه 100 ألف دولار كاملة من منافسه نظير التخلى عن الميدالية قبل المباراة، وتم تعديل المكافآت بعد تلك الواقعة. وحتى لا نبتعد كثيراً عن أبوالقاسم، فأراه مقصراً بعض الشىء فى حالة الإهمال التى يعانى منها، لكونه لم يستمع لنصائح اللاعبين أصحاب الخبرة فى ذلك المجال، وأذكر أننى جمعتنى جلسة مع أبوالقاسم ومحمد عبدالفتاح «بوجى» بطل المصارعة المصرى فى لندن فى أعقاب فوز أبوالقاسم بالميدالية الفضية، ونصحه بوجى وقتها بالدفاع عن حقه، وعدم السكوت فى حالة تعرضه للإهمال حتى لا تندثر موهبته، كون الرياضة المصرية لا تهتم بأبنائها، ولكن اللاعب الشاب بأدب دمس قال: «أثق أننى سيتم تقديرى بشكل جيد»، فضحك بوجى وقتها وها هى تتحقق مقولته بمحاولات قتل موهبة أبوالقاسم. وهنا أهمس فى أذن كل من العامرى فاروق ورئيس اللجنة الأولمبية القادم أياً من يكون سواء خالد زين أو محمد شاهين: أنقذوا أبطال مصر من الانقراض بدلاً من أن يهربوا إلى التجنيس، ولكم العبرة من نجوم كرة اليد وعلى رأسهم حسن عواض، الذى يلعب الآن بقميص منتخب قطر، ولا تقضوا على الروح الوطنية ومصدر السعادة والبطولات المصرية بهذا التجاهل والإهمال.