سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قرية فى الشرقية تتحول إلى سرادق عزاء بعد مصرع 6 أطفال كانوا فى طريقهم للعمل نورهان: «ما تزعلش يا بابا إحنا رجالة معاك».. أم نهلة: «كنت عارفة إنها بنت موت»
خيم الحزن على آلاف الأهالى فى قرية «العراقى» التابعة لمركز أبوحماد بمحافظة الشرقية، بعد أن لقى 6 من أطفالها مصرعهم، وأصيب 19، إثر حادث انقلاب سيارة تحمل أكثر من 25 طفلاً كانوا متجهين للعمل فى مزارع منطقة الشباب بمنطقة «وادى الملاك» المجاورة لهم. رصدت «الوطن» المشهد الأخير فى قصة الأطفال الذين تركوا الراحة وخرجوا إلى العمل لمساعدة ذويهم، حتى انقلبت بهم السيارة وسقطوا ضحايا، ووقف الأهالى فى حيرة أمام 6 جثامين فى قرية لا يوجد بها أكثر من 5 «نعوش»، وخروج أهل البلدة فى مسيرة حزينة متوجهة للمقابر، ووقوف كل مجموعة منهم حول جثمان أمام أحد المقابر، وسقوط والدة نورهان ورحاب اللتين فقدتا حياتهما فى الحادث فاقدة الوعى، بينما قال محمد والد الطفلتين، الذى فقد السيطرة على الكلام وانهمر فى البكاء، إنه كان مجبراً على الموافقة على ذهابهما للعمل فى المزارع، وإن ضيق الحال والعيشة الصعبة كانا العامل المؤثر فى السماح لهما بالذهاب للحقول. وأكمل: «لدى بنتان أقوم بتجهيز إحداهما للزواج، ودخلى لا يتعدى ال300 جنيه، وهناك متطلبات صعبة، أعجز عن توفيرها بهذا المبلغ، ولكننى فقدت طفلتَى، اللتين كانتا تصران على الذهاب للعمل ومساعدتى، كانت نورهان تضحك ولا تكف عن اللعب معى، تهون علىّ الحياة، أنظر فى عينيها لأجد عذاب الدنيا يهون، وكانت العبارة الشهيرة لها: «لا تحزن يا بابا إحنا رجالة معاك». أما أم نهلة، التى لقيت وحيدتها مصرعها، فقالت إن نجلتها رفضت ترك المدرسة وكانت دائما تذاكر فى أوقات الفراغ بل كانت من المتفوقين دارسيا، وأكدت أنها كانت تشعر بأنها «بنت موت» لما لها من صفات كثيرة فاضلة من أدب وحب وحنان عليها، وقالت «خرجت أمس الأول، وهى تضحك، وتقول انتهى العام الدراسى وجاء وقت العمل.. يا ماما أنا عايزة فستان جديد.. وأعطتنى قبلة لن أنساها أبداً». انتهت اللحظات الأخيرة ونظرة الوداع، لكن القصة لم تنته بعد، لتلتقى «الوطن» المصابين، ويصف محمد منصور مصطفى، صاحب ال8 سنوات، السيارة ب«الصندوق»، وب«النعش الطائر»، قائلا: «إن السيارة تخطت أحد المطبات الصناعية ثم انقلبت على الأسفلت فجأة، وسقط عدد منا بترعة (الشباب) التى تقع بجوار الطريق، وأصبت أنا وأخى أحمد، ونقلنا إلى مستشفى الأحرار بالزقازيق». وتابع محمود السيد الغندور (15 سنة): «والدى يتقاضى راتبا لا يتعدى ال450 جنيها، وتعيش جدتى معنا، وهو يصر على تعليمنا، ويرفض خروجنا للعمل، ولكنه أيضا لا يملك البديل، مما اضطرنا للذهاب إلى المزرعة»، بينما محمد فارس يوسف (10 سنوات) بالصف الرابع الابتدائى، قال «خرجت أنا وأخى عبدالهادى إلى العمل بمزارع منطقة (الشباب) لأننا نعلم أن معاش والدنا لا يكفى احتياجات المنزل، وكنا نرغب فى مساعدة أمى التى تتحمل المشقة فى تربية إخوتى، وأصبت أنا وهو، ونقلنا إلى المستشفى». أما أحمد سامى يوسف (10 سنوات) بالصف الرابع الابتدائى، فقال «نعيش ظروف حياة صعبة، ووالدنا عاجز، وليس له دخل، ومنا من يتعلم، ومن خرج من التعليم، من أجل العمل بالمزارع، حتى نستطيع العيش بأقل دخل». سمية أحمد محمد والدة المصابين السيد محمد جمال (7 سنوات) وتامر محمد جمال (15 سنة)، قالت: «إن أبنائى يذهبون للعمل بهذه المزارع للمساعدة فى المعيشة، وتخفيف أعباء الحياة علينا، ونحن نعيش بلا دخل من هذه الدولة، وحاول زوجى كثيرا أن يعمل فى الجهاز الحكومى، ولكننا كنا دائما نفشل، والسبب أننا لا نمتلك الواسطة ولا نستطيع دفع رشوة».