من الغريب ألاّ ندرك، كوطن، قيمة الرياضة. ومن الأغرب أن نكون مدركين لقيمة الرياضة ونتجاهلها، والأشد استغراباً أن ندرك قيمة الرياضة ونبتزها، ونعترف بقيمتها فى الوقت الذى نريد استغلالها فيه، فمع الأسف الشديد خرجت الرياضة من أولويات النظام الإخوانى الجديد وأصبحت خارج اهتمام الدولة، ليس لأنهم لا يقدرون قيمة الرياضة ولكن لأنهم يستغلونها وقتما شاءوا، فاستخدم النظام الرياضة فى انتخابات الرئاسة، واستعان بنجوم كرة القدم وعلى رأسهم محمد أبوتريكة، وكذلك ضرب الرئيس مرسى المثل بأبوتريكة فى الجولات الانتخابية رداً على كونه بديلاً، وقال بالحرف الواحد: «وماله؟ ما ابوتريكة كان بديل وأحرز 3 أهداف»، فهنا قدّر النظام الرياضة وسعى إليها، وعلى الفور عندما أصبح النظام سيد قراره تمسك بتجميد الرياضة وضاعت أولوياتها ورُجمت كالشيطان. وعاد النظام ليستغل الكرة والرياضة من جديد بعد إعلان وزارة الرياضة عن وفد مصرى رياضى يزور غزة لنصرتها بمباركة النظام. وهنا نتوقف لنتساءل: هل يدرك النظام قيمة الرياضة؟ الإجابة: نعم.. وهل يتم تجاهلها؟ الإجابة: نعم.. إذن النظام يعلم جيداً قيمة الرياضة ولكنه حولها لفتاة ليل تتحرك نحو أطماع من يقودها لتحقق مكاسب خاصة ليرميها فى الشارع بعد أن يقضى غرضه.. واللافت للنظر أنه يحتضن الفتاة ويقبلها ليس بحثاً عن غريزة ولكن بحثاً عن مصلحة، فتحولت كرة القدم من الجماهيرية والحب إلى المصلحة والاستغلال. وإذا كنا جبناء ولم نتدخل لنحمى الرياضة من هتك عرضها بالتجميد ونرفض استغلال كرة القدم (الفتاة الجميلة) فى ألاعيب السياسة، فحان الوقت أن نكشف عن الوجه القبيح للكيانات السياسية المجاورة التى استغلت الكرة فى الاحتلال السلمى للشعوب والوصول بأقصر الطرق لتحقيق الهدف والحب والانتماء، إن كرة القدم والرياضة لا يصنعان البطولات فقط بل يصنعان الانتماء بالانتصارات. وإذا عدنا للنصف الأول من القرن الرابع الميلادى وبالتحديد عام 330 ميلادية سنجد أنه تم تعيين الأنبا سلامة المصرى القبطى أسقفاً للكنيسة الأثيوبية بمباركة بابا الإسكندرية أثناسيوس والتزمت الحبشة بتعاليم الكنيسة المصرية ولعبت الكنيسة الدور المحورى لمصر فى أفريقيا، حتى جاء عام 1959 وانفصلت الكنيسة الحبشية عن الكنيسة المصرية بعد إيعاز أمريكى يهودى ليتوقف النفوذ المصرى. هنا بدأ المخطط بسحب ريادة مصر من أفريقيا حتى وضع الكيان الصهيونى يده على حوض النيل ومياه النيل، وأدركنا جميعاً أننا وقعنا فى الفخ الصهيونى وانفرط عقد حوض النيل وتسابقت دول الحوض على مياه النهر بإقامة السدود، وكالعادة استيقظنا متأخرين لنبحث عن المياه، وجاءت ثورة 25 يناير لنلقى بملف حوض النيل أرضاً ويُهتك عرض النيل بالسدود ولا نتحدث بحجة ترتيب البيت من الداخل والأولويات السياسية، ولا أحد يسأل: إلى ماذا تنتهى أزمة حوض النيل؟ وهنا يأتى الدرس وتظهر فتاة الليل، أقصد كرة القدم، وهو الطريق الأقصر الذى استغله الكيان الصهيونى بالتقرب لأفريقيا وإنشاء مدارس كرة القدم الأوروبية اليهودية فى دول حوض النيل لتصنع إسرائيل من عشق كرة القدم، أو الفتاة الجميلة، عشقاً وحباً بل وانتماءً للكيان، فإذا كانت البداية هى التخلص من وصايا الكنيسة فى أفريقيا والتأثير على حصة المياه فالنهاية الصعبة هى الكراهية الأفريقية لنا عن طريق نفس الفتاة التى رماها النظام الحالى فى الشارع واتهمها بالفجور ليحتضنها الجار الخصم ويكسب بها أكثر المواجهات شراسة لأن الخصم استغل الفتاة الشريفة فى أغراض غير نبيلة وحقق بها الأمان والحب والانتماء ونحن ساعدنا الفتاة الحرة فى الانسياق لطريق الانحراف. فهل يدرك النظام قيمة الفتاة ويعيدها إلى ملعبه، أقصد إلى وطنها، أم تقود النظام غريزته السياسة ويفقد حبه للفتاة وتهرب منه لأحضان الغرباء؟! إذا كانت تلك الفتاة الوحيدة القادرة على تجميع الشعوب والأوطان التى اختلفت على الأديان والأنبياء والرسل والحروب واتفقت جميعها على حب الفتاة.. فالكرة فتاة توحد العالم على حبها.