انتظام امتحانات الصفين الأول والثاني الإعدادي بشمال سيناء    وكيل «أوقاف الإسكندرية» يشدد على الأئمة بعدم الدعوة لجمع التبرعات تحت أي مسمى    وزيرة الهجرة تلتقي رئيسة الجالية المصرية بأيرلندا الشمالية    رئيس جامعة جنوب الوادي يترأس مجلس التحول الرقمي    انخفاض أسعار الفراخ البيضاء اليوم الأربعاء 8-5-2024    أسعار الذهب تشهد ارتفاع طفيف وسط عدم اليقين بشأن مسار الفائدة الأمريكية    استقرار أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري .. وتراجع «اليورو» و«الاسترليني»    «الكهرباء» تبدأ من اليوم تعديل مواعيد الانقطاعات بسبب الامتحانات    توصيل المياه ل100 أسرة من الأولى بالرعاية في قرى ومراكز الشرقية مجانا    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تقصف منزلا في محيط مسجد الاستقامة بحي الجنينة    إدانة مصر للعملية العسكرية الإسرائيلية على رفح تتصدر اهتمامات صحف القاهرة    «القاهرة الإخبارية»: إطلاق نار من زوارق الاحتلال الإسرائيلي باتجاه رفح الفلسطينية    عودة الثنائي الناري| تشكيل بايرن ميونخ المتوقع أمام الريال بدوري الأبطال    المصري البورسعيدي: رابطة الأندية أبلغتنا بأحقيتنا في المشاركة بالكونفدرالية    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب بالجملة من الفوز على الاتحاد السكندري    متى عيد الاضحى 2024 العد التنازلي.. وحكم الوقوف على جبل عرفة    «التعليم» تحقق في مزاعم تداول امتحان «العربية» للصف الأول الثانوي عبر تليجرام    السيطرة على حريق بمخزن مواد بترولية بالغردقة    انقلاب سيارة «تريلا» محملة بالردة على الطريق الإقليمي بالمنوفية    تتخلص من ابنها في نهر مليء بالتماسيح.. اعرف التفاصيل    غلق مسطح كوبري جيهان السادات.. تعرف على خريطة التحويلات المرورية في مدينة نصر    يسحل زوجته على الأسفلت بعد محاولة فاشلة لاختطافها    برج العذراء اليوم الأربعاء.. ماذا يخبئ شهر مايو لملك الأبراج الترابية 2024؟    في ذكرى وفاته.. صور نادرة لفارس السينما المصرية أحمد مظهر    القتل.. تقرُّبًا إلى الله    "المحظورات في الحج".. دليل لحجاج بيت الله الحرام في موسم الحج 2024    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    هيئة الدواء تقدم 12 نصيحة لمرضى الربو    هل أدوية العلاج النفسي آمنة وفعالة؟.. الأمانة العامة للصحة النفسية تُجيب    انطلاق القافلة الطبية المجانية بمنطقة وادي ماجد بمرسى مطروح.. لمدة يومين    يطالبون بصفقة رهائن|متظاهرون إسرائيليون يغلقون أهم الطرق في تل أبيب قبل وصول بيرنز    إفلاس فرع شركة فيسكر لصناعة السيارات الكهربائية في النمسا    يوم مفتوح بثقافة حاجر العديسات بالأقصر    اليوم.. الليلة الختامية لمولد القطب الصوفي أبو الحسن الشاذلي    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    ياسمين عبد العزيز: فترة مرضي جعلتني أتقرب إلى الله    حسن الرداد: مبعرفش اتخانق مع إيمي.. ردودها كوميدية    6 مقالب .. ملخص تصريحات ياسمين عبدالعزيز في الجزء الثاني من حلقة إسعاد يونس    مقالب بطفاية الحريق.. ياسمين عبدالعزيز تكشف موقف لها مع أحمد السقا في كواليس مسرحة «كده اوكيه» (فيديو)    الخارجية: توقيت تصعيد الجانب الإسرائيلي الأحداث في رفح الفلسطينية خطير للغاية    سحب لقاح أسترازينيكا المضاد لكوفيد- 19 من جميع أنحاء العالم    عاجل.. أول رد من صالح جمعة على إيقافه 6 أشهر    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    القاهرة الإخبارية: تعرض رجل أعمال كندي يقيم بالبلاد لحادث إطلاق نار في الإسكندرية    مفيد شهاب: ما قامت به إسرائيل يخالف اتفاقية السلام وتهديد غير مباشر باستخدام القوة    مدرب نهضة بركان: جمهور الزمالك "مرعب".. وسعيد لغياب شيكابالا    المتحدث الرسمي للزمالك: مفأجات كارثية في ملف بوطيب.. ونستعد بقوة لنهضة بركان    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    تعليق ناري من شوبير بعد زيادة أعداد الجماهير لحضور المباريات المحلية والإفريقية    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأفاعي الصهيونية في أعالي النيل علي عبدالعال
نشر في المصريون يوم 31 - 05 - 2010

بينما نحن منشغلون بمعارك وهمية: مع الجزائر على خلفية مباراة لكرة القدم، ومع قطر بسبب قناة "الجزيرة"، ومع "غزة" المحاصرة إرضاء لأمريكا وإسرائيل، فضلا عن عملية التجييش التي تجري على الساحة الداخلية من قبل الحزب الحاكم استعدادا لتزوير إرادة الشعب، إذا بنا نستيقظ على كابوس مروع حركت خيوطه في أعالي النيل عصابات الاحتلال الصهيوني التي تركناها تمرح فوق أرض فلسطين بلا حساب، حتى صارت تهددنا في أعز ما نملك "نهر النيل"، المورد الوحيد للمياه العذبة في مصر، وصاحب أول درس كانت أعيننا تتفتح عليه في الصغر "مصر هبة النيل".
فإسرائيل لن تغفل عن العرب والمسلمين مهما غفلوا عنها، والمؤامرات التي تحيكها ضدهم لا يمكن أن تتوقف، والتآمر هنا ليس تهمة توجه جزافا إلى تل أبيب بل صار واقعا معاشا ومسلسلا مستمرا لا تنتهي حلقاته. وإلا ما الذي يضطر مجموعة من الدول المثقلة بمشاكل لا نهاية لها إلى اختلاق أزمات والدخول في مواجهة بهذا الحجم مع مصر والسودان ومن وراءهما العالم العربي مالم تكن مدفوعة بإغراءات لا سقف لها؟! خاصة في ظل انعدام حاجة هذه الدول للمياه التي دخلت الصراع تحت لافتتها.
فبينما تعتمد مصر على مياه النيل في سد احتياجاتها بنسبة 95%، تمثل هذه النسبة لإثيوبيا 1%، وكينيا 2%، وتنزانيا 3%، والكونغو 1%، وبوروندي 5%، حيث تملك هذه الدول ما يزيد عن حاجتها من المياه نظرا لكثرة البحيرات العذبة والأنهار وهطول الأمطار فوق أراضيها، إذ يتجاوز إجمالي حجم مياه الأمطار التى تهبط داخل حوض النيل 1660 مليار متر مكعب، حصة مصر منها لا تزيد عن 55,5 مليار متر مكعب، والسودان 18,5 مليار متر مكعب، أي لا يستغل من هذه الكميات الهائلة سوى 4% في حين يضيع الباقي دون فائدة نتيجة التبخر أو ضياعه في المستنقعات والأحراش.
ظلت إسرائيل تعمل في الخفاء على مدار عقود تتحين خلالها الفرص للتحريض على حصة مصر من مياه النهر، وقد تحركت في هذا الإطار على أكثر من صعيد: دوليًا لتغيير القواعد القانونية المعمول بها في توزيع مياه الأنهار عالميًا، فأدخلت عبر جهود واشنطن والبنك الدولي مفاهيم جديدة، مثل "تدويل الأنهار" و"تسعير المياه"، أي جعل المياه سلعة تباع لمن يدفع الثمن، ولو لم يكن من دول حوض النهر كإسرائيل نفسها، وإقليميًا بدفع الدول الأفريقية إلى إلغاء الاتفاقات السابقة مع مصر والسودان، انطلاقا من حجج واهية، ثم مدها بالخبرات اللازمة لبناء السدود وتحويل المياه إلى أراضيها لإقامة مشاريع زراعية وتوليد الكهرباء.
فالتآمر الصهيوني على مياه النيل قديم قدم الأحلام الصهيونية بإقامة دولة تمتد "من النيل إلى الفرات"، ومنذ مؤتمر بازل عام 1898م استندت الحركة الصهيونية في بناء دولتها إلى إستراتيجية تضع المياه على رأس أولوياتها، باعتبار أهَمّيَّتها القصوى في هذه المنطقة الجافة من العالم، فبدون المياه تستحيل الزراعة في المستوطنات، ويتعذر تنفيذ برامج استيعاب المهاجرين، وهو ما عبر عنه "حاييم وايزمان" أوَّل رئيس لدولة إسرائيل في رسالة كتبها عام 1919 إلى "لويد جورج" رئيس وزراء بريطانيا قال فيها: "إن مستقبل فلسطين الاقتصادي يعتمد على موارد مياهها للري".
ولذلك وضعت الحركة الصهيونية مخططات مبكرة للسرقة والتحكُّم في مصادر المياه بالوطن العربي، ففي العام 1903م تقدم تيودور هرتزل إلى حكومة بريطانيا بفكرة توطين اليهود في سيناء واستغلال ما فيها من مياه جوفية إلى جانب بعض مياه النيل، فوافق البريطانيون على أن يتم تنفيذ هذا المخطط في سرية تامة، لكن جدت أسباب سياسية تتعلق بالظروف الدولية والاقتصادية جعلت بريطانيا تتراجع عن فكرة التوطين، وبقيت فكرة الاستفادة من مياه سيناء الجوفية إلى جانب مياه النيل قائمة من أجل ري صحراء النقب.
وبينما حفرت إسرائيل بالفعل عدد من الآبار العميقة ( 800 متر من سطح الأرض) على الحدود لسرقة مياه سيناء، طرح أحد المهندسين "اليشع كالي" عام 1974م تخطيطا لنقل مياه النيل إلى الكيان الصهيوني، نشره تحت عنوان "مياه السلام" وكان يتلخص في توسيع ترعة الإسماعيلية لزيادة تدفق المياه فيها، على أن تنقل هذه المياه أسفل قناة السويس بعد اتفاقيات السلام، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، وربما يكون وقوفها خلف هذا التمرد من قبل دول حوض النيل بمثابة بدء الخطوات العملية لتنفيذ هذا المخطط على الأرض.
وفي العام 1994 برزتْ فكرة إنشاء سوق للمياه في المنطقة في ندوة عقدت بجامعة تل أبيب، وفيها طُرِحت أفكار متعددة حول تكلفة توفير المياه من مصادرها المختلفة، وبينما استبعدت فكرة تحلية المياه لارتفاع تكلفتها، تناول النقاش جدوى جلب المياه من مصر أو تركيا، وحسبت تكلفتها من النيل حتَّى قطاع غزة والنقب، وتكلِفَتها من تركيا (الفرات) إلى طبرية، فتبيَّن لهم أن جلبها من مصر أوفر اقتصاديًّا، وهو ما يمكن تنفيذه من خلال (مشروع ترعة السلام) وهو مشروع كان قد طرحه السادات في صفقة تبادلية مع إسرائيل مقابل حصول الفلسطينيين على السيادة على القدس الشرقية، لكن لم تتحقق هذه السيادة، لذلك اتجهت السياسة الإسرائيلية لتركيز جهودها على دول حوض النيل من أجل الالتفاف على الرفض المصري.
أخذ التغلغل الإسرائيلي طريقه إلى مفاصل أفريقيا بهدف تطويق المد العربي والإسلامي من الجنوب، والاستفادة من الثروات، والحصول على تسهيلات عسكرية، منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي؛ وذلك بالتزامن مع حصول الدول الأفريقية على استقلالها، وفي هذا الإطار وظف الصهاينة أنشطة ومجالات مختلفة: العلاقات الدبلوماسية، والتبادل التجاري، وتوريد الأسلحة، ومجالات الري والزراعة وإدارة المياه، وشركات الأمن، والمساعدات الإنسانية، وتصدير الزهور، واستخراج الذهب والماس، واستغلال الصراعات، حتى أصبحت القارة السمراء مرتعاً للخبراء والدبلوماسيين ورجال الموساد والتجار والعسكريين الإسرائيليين.
ومنذ أواخر الثمانينيات ركزت السياسة الإسرائيلية علي ترشيد توجهاتها الأفريقية بالتركيز علي مناطق نفوذ محددة، وكان من أبرز تلك المناطق القرن الأفريقي وحوض النيل‏ بهدف الإمساك بأوراق ضغط رئيسية في قضية المياه.
فليست مصادفة أن يكون وزير خارجية إسرائيل المتطرف، أفيغدور ليبرمان، الذي هدد علانية بتدمير السد العالي وإغراق مصر بمياهه، هو نفسه الذي يقود جهود هذه المؤامرة مع حلفائه في دول حوض النيل، حتى ليستطيع أن يقول ميليس زيناوي، بفضل جهوده وفي جرأة غير معهودة:"أن مصر لن تستطيع أن توقف إثيوبيا أو تمنعها من بناء السدود على النهر"، بل "لا ينبغي لمصر أن تحاول إيقاف ما لا يمكن إيقافه"، معتبرًا أن الظروف التي كانت سائدة في السابق "تغيرت وإلى الأبد"، تلك الظروف التي هدد بمقتضاها الرئيس أنور السادات بضرب إثيوبيا عام 1978 إذا لم تتوقف عن بناء أحد السدود، ثم لم يكن بوسع أديس أبابا إلا أن ترضخ.
كانت مصر خارجة لتوها منتصرة من معركة أكتوبر، فعلق السادات في خطاب له على تصريحات الزعيم الماركسي "منجستو"، قائلا: "الرجل بتاع إثيوبيا يقول إنه سيقيم سدًا علي منبع نهر النيل وكسر زجاجات الدم بما يعني إعلان حرب، وأنا أقول له لن يقام سد علي النيل، ومن يرشنا بالدم نرشه بالنار"، إذ كان الموقف من القضايا المصيرية محسوما في الماضي، قبل أن تنشغل مصر بقضايا تافهة بينما المخططات تجري من وراء ظهرها.
ولم تكن إسرائيل لتعبث وحدها في مياه النيل لولا مساعدة القوى الدولية التي زرعتها من قبل في قلب العالم العربي، والتي تأبى إلا أن تكمل المشوار خلف هذا النبت الشيطاني، ففي العام 1964م في وقت الذي ساءت فيه العلاقة بين جمال عبدالناصر والأمريكيين استخدمت واشنطن مشروعاتِ استصلاح أراضي إثيوبيا؛ كورقة ضغط سياسي تجاه مصر، وفي محاولة منها للرد على مشروع السد العالي اقترحت أمريكا إنشاء ما يقرب من 33 سَدًّا وخَزَّانًا؛ لتوفير مياه الرَّيِّ لإثيوبيا، بما سينعكس مباشرة على الكمية القادمة من النيل الأزرق بنحو 5.4 مليار متر مكعب. وبمساعدة الولايات المتحدة نجحت إسرائيل في تأمين سيطرتها على مشاريع الري في دول الحوض، حيث تقوم بتقديم الدعم الفني والتكنولوجي من خلال الأنشطة الهندسية للشركات الإسرائيليةهناك.
وقد أظهر التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا حجم العلاقات والنفوذ الواسع الذي يتمتع به جهاز الاستخبارات "الموساد" في القارة إثر انكشاف صفقات السلاح، وعمليات ترحيل اليهود الأثيوبيين الفلاشا إلى إسرائيل، فضلا عن الجهود التي بذلت لإجهاض أي مشاريع قد تحقق فائدة لدولتي المصب، فعندما سعت مصر والسودان لزيادة حصتهما من مياه النيل بحفر قناة "جونجلي" السودانية التي كانت ستوفر قرابة 15 مليار متر مكعب من مياه النيل تضيع في الأحراش والمستنقعات جنوب السودان، تحركت تل أبيب ودعمت حركة التمرد الجنوبية (الجيش الشعبي لتحرير السودان) وأفشلت هذا المشروع بعدما هاجم المتمردون المهندسون المصريون والسودانيون وأحرقوا حفار المشروع. وأخطر من ذلك ما سجله الدكتور حامد ربيع في كتابه "الأمن القومي العربي" حيث ذكر أن إسرائيل تقوم بأبحاث وتجارب حول سلسلة جبال تفصل نهر النيل عن نهر النيجر.. فإذا أمكن تفجير هذه الجبال بقنبلة هيدروجينية قد يتحول مجري نهر النيل إلي نهر النيجر، وهو ما علق عليه بالقول: حتى وإن كانت الفكرة تبدو خيالية لكن ماذا نحن فاعلون لمواجهة هذه الأخطار؟!!!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.