الذين يراهنون على تغيير سريع فى مصر بالقوى الموجودة على الساحة السياسية واهمون؛ فاللاعبون الآن من كل الاتجاهات، شئنا أم أبينا، جزء من النظام السابق الذى رحل وترك معارضته تنقسم بين من يحكم ومن يعارض؛ فلا المعارضة مقتنعة بأن شركاءهم السابقين -الإخوان المسلمين- قادرون على الحكم، ولا من يحكم مقتنع بمن يعارضه ويشكك فى نواياه ويظن -وبعض الظن فى السياسة حلال- أنه يستكثر عليه الحكم ويرى أنه الأولى بالسلطة. والحقيقة أن لا هذا ولا ذاك كان جديرا بالحكم ولا مستعدا له؛ فالواقع يؤكد أن الكل يتعلم ويجرب الحكم فى مصر؛ لذا تبدو الأمور هزلية وأحيانا كوميدية وفى غالبها مأساوية! لذا بدا أن الحل لدى الطرفين -الحاكم والمعارض- بعد أن سُدت طرق الحوار السياسى، هو اللجوء إلى نفس الأسلوب الثورى الذى نجح فى إزاحة النظام؛ الخروج إلى الشارع للتظاهر والاعتصام بأكبر عدد ممكن، فى صورة استعراضية لم تحقق شيئا للطرفين؛ لأن هناك انفصالا حقيقيا بين من هم فى مكاتبهم ومن ينزل الشوارع ويبيت فيها بالأيام وقد يفقد حياته أو جزءا من جسده بحثا عن حلمه الذى خرج من أجله فى 25 يناير 2011 وسرق منه وقبض آخرون الثمن. التغيير سيحدث حتما، لكنه سيستغرق وقتا طويلا، بعد أن يصلح الشباب ما دمره الشيوخ الذين استولوا على السلطة والمعارضة، لتحقيق ما فشلوا فيه فى شبابهم فأكلوا الثمرة التى قطفها الشباب وجلسوا يلتهمونها فى وحشية أمام عيون الشباب المتلهف الصابر. سيحدث التغيير بعد أن يغير شباب الإخوان من فكر قادتهم الذين غرقوا فى أوراق الكتب الصفراء ولم يفهموا تغير التاريخ والجغرافيا. سيحدث التغيير بشباب السلفية الذين يرفضون تشويه الدين الذى ينتمون إليه ويردون الرئيس عندما يخطئ ولا يقبلون بمبدأ السمع والطاعة فى الخطأ قبل الثواب. سيحدث التغيير بشباب الدستور الذين رفضوا تجاهل إرادتهم وتعيين الكبار فى مقاعد صنع القرار وأعلنوا الاعتصام حتى تتحقق مطالبهم. وسيحدث التغيير بشباب جبهة الإنقاذ الذين يصرون على المشاركة فى القوائم الانتخابية واستبعاد كل من ينتمى إلى النظام القديم. التغيير قادم لا محالة بعيدا عن استبداد الكبار ودستورهم المشوه.. نعم سندفع الثمن سنوات مقبلة، لكن ستتغير مصر إلى الأفضل عندما يحكم الشباب أصحاب الثورة والمستقبل.