عادت قناة «الناس» بثوب أزهرى جديد، بعد أن تخلصت من الصبغة السلفية، التى سيطرت على المحتوى البرامجى للقناة لفترة طويلة، متخذة من «صحيح الدين والإيمان» شعاراً جديداً لها، ومحافظة على نفس الاسم و«اللوجو» الأصلى للقناة، وسط عدد من علامات الاستفهام حول المحتوى التى تقدمه، بعد توقفها لما يقرب من عامين متواصلين، وتحتفل القناة خلال شهر أبريل الحالى، بمرور عام على عودتها بمفاهيم تجديد الخطاب الدينى، لمواجهة الأفكار المتشددة والظلامية. د. مجدى عاشور: تمسكنا باسم و«لوجو» القناة القديمة.. والصورة الذهنية السابقة هددت وجودنا وارتبطت شريحة كبيرة من الجمهور، بالشكل الأول للقناة، التى بدأت عام 2006، ببعض البرامج الخاصة بتفسير الأحلام والعلاج بالأعشاب والطب البديل، وفى عام 2007 بدأت فى اتخاذ شكلها المعروف، من خلال شعار «قناة تأخذك إلى الجنة»، حيث منعت تماماً استخدام الأغانى أو الموسيقى، بالإضافة إلى منع ظهور النساء على شاشتها، التى احتكرها أباطرة الدعوة السلفية فى مصر، مثل الشيوخ محمد حسان، ومحمد حسين يعقوب، وأبوإسحاق الحوينى، إلى جانب مجموعة من الأسماء الأخرى مثل خالد عبدالله، ومحمود المصرى، ووجدى غنيم، وحازم صلاح أبوإسماعيل. القناة القديمة كانت تتبع شركة «البراهين العالمية»، التى يمتلكها رجل الأعمال السعودى ناصر موسى كدسة، وفى 2013 عقب ثورة 30 يونيو، صدر قرار بوقف بث القناة، إلى جانب مجموعة من القنوات المملوكة لنفس الشركة، على خلفية مخالفتها لشروط البث، بالإضافة إلى وقف تراخيص الشركة بالكامل، حيث مارست القناة التحريض على العنف، خلال الفترة التى حكمت فيها جماعة الإخوان مصر، بالإضافة إلى تصاعد نبرة الطائفية الدينية، من خلال مضمونها المتشدد، لتتوقف على مدار عامين، وتعود بشكل أزهرى تحت إشراف الدكتور على جمعة. ويرى الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمى لمفتى الجمهورية، ومدير إدارة البرامج بقناة «الناس»، أن أكبر التحديات التى واجهت القائمين على القناة، هو تصحيح ما أفسدته قناة «الناس» القديمة، من مفاهيم ونشر لتشدد لا علاقة للدين به من قريب أو بعيد، وأيضاً من أجل تصحيح الصورة الذهنية للقنوات الدينية لدى عامة الناس. وقال «عاشور»: «نطرح قناة وليدة، تحمل فكر الأزهر ومنهجه، بفهم صحيح الدين ونشر تعاليمه، وتوضيح أحكامه برؤية شرعية سليمة، ولكننا متخوفون من فكرة مقاطعتها، أو توجيه الانتقادات لها على خلفية سياستها البرامجية السابقة، وكنا نفكر فى هذا الأمر، لكن تم الاستقرار على البدء بالقناة، ببرامجها ومحتواها المخطط له؛ لأنه من الطبيعى أن يكون هناك ترقب لما ستعرضه، والتى ستعود دون معرفة أنها قناة جديدة يقوم عليها علماء أزهريون، وتنشر فكراً وسطياً مستنيراً، ودائماً إخلاص الرسالة يحقق النجاح». وأضاف: «التمسك بنفس الاسم واللوجو الخاص بالقناة، جاء بعد جدل بين فريق العمل حول هذا الأمر، وكان الاستقرار على بقاء اللوجو ووافق على هذا أيضاً توجه شركة (دى ميديا)، الشركة المالكة لقناة الناس، وكان هناك سببان رئيسيان وراء الاحتفاظ بالاسم؛ الأول أن الاستمرار بنفس اسم القناة السابقة مقصود، للوصول إلى الشريحة التى أثرت فيهم قناة (الناس) القديمة بفكرها المتشدد، لتصحح لهم الكثير من المفاهيم التى ملأت عقولهم، فتظهر القناة فى ثوبها الجديد، وتحدث عملية تصحيح شامل، والثانى هو أن البداية باسم قناة جديدة، لن يحقق تلك المشاهدة التى حظيت بها قناة (الناس) عند إطلاقها من جديد بنفس الاسم، ولكن بثوبها الأزهرى المستنير». وتابع: «المعيار الأهم لدى القائمين على أمر القناة، يتمثل فى إيصال الرسالة الإعلامية الدينية الصحيحة، من خلال وسائل متنوعة، والتفاعل الهادف والفعال مع جمهور المشاهدين، ونهدف فى الخريطة الجديدة إلى مراعاة المزيد من البرامج التى تستهدف الشريحة الشبابية والمرأة والطفل، وأيضاً التفاعل مع قضايا المجتمع والناس، ولكل شىء معايير وضوابط شرعية، والأمر بالنسبة للموسيقى وظهور المرأة، ما دام فى إطار هذه المعايير والضوابط فلا مانع منه، كما أن القول بالتحريم المتبع من القناة السابقة، والتى حملت نفس الاسم، هو نوع من المغالاة».