«إلحقنى يا باشا ابنى أحمد من ساعة ما طلع يشتغل على التوك توك مارجعش من يومين، ولفينا عليه المستشفيات ولحد دلوقتى مافيش عنه حس ولا خبر» كانت هى كلمات «آمال محمد» ربة منزل فى محضر تغيب طفلها البالغ من العمر 12 سنة، الذى حررته فى قسم شرطة حلوان وحمل رقم 4484 لسنة 2016 إدارى القسم. 4 أيام فقط من أعمال البحث التى أشرف عليها اللواء هشام لطفى، رئيس قطاع مباحث جنوبالقاهرة، وتمكن الفريق الأمنى من كشف ملابسات الواقعة بالعثور على جثة الطفل أحمد محمد عبدالعزيز، داخل جوال وملقاة بطريق مصنع أسمنت حلوان، انتقل المقدم شريف أشرف رئيس مباحث قسم شرطة حلوان على رأس فريق أمنى إلى مكان الحادث وتحفظ على الجثة، وأخطر المستشار هشام حمدى المحامى العام الأول لنيابات جنوبالقاهرة، بالواقعة. راجع الفريق الأمنى أوصاف الطفل «أحمد» فى محضر التغيب التى ذكرتها والدته، وتبين أنها ذات أوصاف جثة الطفل الموجودة داخل جوال بلاستيك ويرتدى ملابسه كاملة، وملفوف حول رقبته سلك كهربائى وبه جرح قطعى بالجانب الأيمن وخروج جزء من الأحشاء، واستدعاء والدته حضرت بصحبة ابنتها وعندما وصلت إلى القسم قالت لأعضاء الفريق الأمنى الذى يتولى البحث فى القضية «ابنى ماتقتلش، وهيتقتل ليه يا جماعة ده طفل حتة لحمة حمرا وإحنا مالناش عداوات مع أى حد»، ومع إصرار الأم على موقفها ورفضها رؤية جثة الطفل، اصطحب الفريق الأمنى خالة الطفل إلى مكان العثور لرؤية تلك الجثة، وعندما شاهدته انهارت وأكدت أنها جثة «أحمد» ابن أختها. لم تتمالك الأم المكلومة نفسها عندما شاهدت دموع شقيقتها، وانفجرت باكية وهى تقول «إوعى تقولى إن أحمد ضنايا هو الجثة المقتولة اللى بيقولوا عليها دى»، استمرت الأم طوال 30 دقيقة وهى فى نوبة بكاء هستيرى، حتى حضر زوجها الذى كان يبحث عن نجله فى أحد المستشفيات، وتوجه مع الفريق الأمنى وتعرف على جثة نجله فى حضور المستشار أحمد مجدى عبدالغنى، مدير نيابة حلوان، الذى قرر انتداب الطب الشرعى لتشريح الجثة لمعرفة أسباب وفاتها، وطلب تحريات المباحث حول الواقعة، وأمر بسرعة ضبط وإحضار منفذ الجريمة. كثف الفريق الأمنى الذى أشرف عليه اللواء عبدالعزيز خضر مدير المباحث الجنائية، من أعمال البحث عن القاتل من خلال فحص المشتبه فيهم والمسجلين خطر فى جرائم السرقة بالإكراه، بعد أن أكدت تحريات المباحث أن الجريمة تمت بدافع سرقة التوك توك الخاص بالمجنى عليه، وباشر الفريق الأمنى عمله على مدار الساعة حتى نجح فى تحديد هوية القاتل وتبين أنه يدعى «ياسر. أ» 44 سنة، وأثبت السجل الجنائى للمتهم أنه مسجل خطر سرقات عامة فئة «ج» حلوان، السابق اتهامه فى 13 قضية آخرها 2656 لسنة 2012، 15 مايو «سرقات عامة»، وبإعداد الأكمنة اللازمة ألقى القبض على المتهم. «قتلت الطفل بعد ما ركبت معاه بحوالى نصف ساعة، طلعت سكين من جيبى أول ما وصّلنى لمنطقة أرض الجمعية فى كوتسيكا، وضربته بيها عشان مارضيش يسيب التوك توك» بتلك الكلمات بدأ القاتل شرح تفاصيل الجريمة أمام الفريق الأمنى الذى أشرف عليه اللواء هشام العراقى مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، قائلاً إنه تمكن من خنق الطفل بسلك كهربائى حتى تأكد من وفاته، وبعدها وضع الجثة فى جوال بلاستيك وحملها فى التوك توك وتخلص منها بإلقائها بجانب مصنع أسمنت حلوان، وبعدها «توجهت إلى منزلى، ثم ذهبت إلى أصحاب ورش التكاتك لأعرض التوك توك للبيع لكنى لم أتمكن من إتمام تلك العملية بسبب رفضهم الشراء إلا بعد إحضار جميع المستندات والأوراق الخاصة بالتوك توك». «كنت محتاج فلوس عشان أشترى حشيش فخططت لسرقة توك توك من أحد الأطفال الذين يعملون فى شارع الحرير، وانتظرت قرابة 10 دقائق حتى وقع اختيارى على الطفل أحمد» بهذه الكلمات واصل القاتل اعترافاته أمام المقدم شريف فيصل، رئيس المباحث، ومعاونيه، قائلاً إنه كان يرصد سائقى التكاتك فى شارع الحرير لتحديد ضحيته، وعندما وقعت عيناه على هذا الطفل يسير بمفرده أسرع فى الوقوف أمامه لإيقافه من أجل توصيلة إلى منطقة أرض الجمعية فى كوتسيكا، وعندها قال له الطفل «يا عم ده مكان بعيد أنا مابروحش هناك»، فرد عليه المتهم بقوله «لا ماتخافش أنا هدفع لك الفلوس إللى أنت عايزها وهديك فلوس زيادة كمان». «خططت للجريمة قبل تنفيذها بقرابة 48 ساعة، ورحت اشتريت جوال بلاستيك من بقال جنب البيت، وجهزت السكين اللى استخدمتها فى الجريمة» وواصل القاتل اعترافاته بتفاصيل الجريمة، قائلاً إنه وضع أدوات الجريمة فى شنطة بلاستيك سوداء وأمسكها فى يديه حتى وصل بالطفل إلى المكان الذى حدده لتنفيذ الجريمة وهو قطعة أرض فضاء فى أرض الجمعية كان قد شاهدها قبل ذلك عدة مرات، وأنه قرر التخلص من الطفل حتى لا تنكشف واقعة السرقة بإرشاد الطفل عن مواصفاته للمباحث، ونجح القاتل فى تنفيذ مخططه الإجرامى واستولى على هاتف الطفل ودراجته النارية، وبتضييق الخناق عليه أرشد عن المكان الذى أخفى فيه المسروقات. دموع الأم لم تتوقف طوال الجلسة التى حددتها النيابة لسماع أقوال أسرة المجنى عليه، ودائماً ما كانت تردد قائلة «ربنا ينتقم منه القاتل المفترى يقتل طفل حتة لحمة حمرا عشان إيه يعنى؟!»، وبكلمات ممزوجة بالحزن والحسرة واصلت الأم حديثها بقولها «أحمد ابنى كان هو سند الأسرة بعد ربنا وكان بيساعد أبوه من شغله على التوك توك بعد ما ييجى من المدرسة، بس منه لله المفترى إللى قتله وكسر ضهرى عليه طول العمر».