أوشكت أيام العام على الانتهاء، فرح كل الأطفال وانتظروا قدوم (بابا نويل) الذى يأتى حاملاً الهدايا ليحقق كل الأمنيات طلبت (أبلة منال) من كل التلاميذ أن يكتب كل منهم أمنية العام الجديد فى رسالة وعدتهم بتوصيلها لبابا نويل.. تعالت أصوات الأولاد والبنات واختلطت ضحكاتهم وتسابق الكل فى كتابة ورسم حلمه وأمنيته.. رسم خالد طائرة حلم أن يقودها ليسابق الريح ويتنزه بين السحاب، وكتبت رضوى رسالة لبابا نويل تطلب منه عروسة جديدة، بدلاً من عروسة العام الماضى التى تصحبها معها فى كل مكان حتى تبدلت ملامحها وفقدت جمالها.. وحدها ليلى كانت شاردة لم تكتب رسالة أو ترسم صورة لحلمها الذى كانت تعرف أنه صعب بل مستحيل. انتهى اليوم الدراسى وجمعت أبلة منال كل رسائل الأحلام بعد أن كتب كل تلميذ اسمه مع حلمه.. ستحاول أبلة منال أن تلبى المتاح منها بعد الاتفاق مع الأستاذ مازن مدرس الموسيقى الذى يسعد فى كل عام بارتداء زى بابا نويل الأحمر ويحمل جواله الكبير الذى تسكنه أجمل الأحلام.. يوزعها على الأطفال.. ليلى أين هى؟ تساءلت أبلة منال، هل لا تزال تفكر فى الحلم؟ فى اليوم التالى بحثت عنها أبلة منال، كانت ترسم وتمزج الألوان بسعادة، انتهت ليلى من لوحتها وقدمتها لأبلة منال قائلة لها.. حلمى فى لوحتى يا أبلة منال.. كانت لوحة رائعة حصان يطير يلامس السحاب، عنقه تزينه أجمل الزهور ويحمل أجمل زهرة فى الكون.. زهرة اسمها ليلى. اندهشت أبلة منال وقالت: لوحة جميلة يا ليلى ولكن أين الحلم؟ ردت ليلى بحماس: أحلم بحصان يا أبلة منال.. أنا أحب كل الحيوانات، عندى قفص به عصفوران أرعاهما، ولدىَّ قطة جميلة أطعمها بيدى، حتى النمل لا أزعجه عندما أراه فى حديقة المنزل يسير فى طابور يحمل بقايا الطعام ليخزنها استعداداً لأيام الشتاء، للحيوان إحساس يتعلم منه الإنسان، من كلبى عنتر تعلمت معنى الوفاء، ينتظرنى كل يوم عند عودتى من المدرسة ويقفز فرحاً عندما يرانى.. تغريد عصفورى أهدانى حب الموسيقى فتعلمت العزف على الكمان، سألت أبلة منال: والحصان؟ قالت ليلى.. الحصان هو فارس كل الحكايات، منه تعلمت أجمل الصفات، أطعمته بيدى قطع السكر هز رأسه وداعبنى سمعت ضحكته، هزت ليلى رأسها مثل الحصان وقالت حتى شعرى الأسود أربطه بشريط ليشبه ذيل الحصان. ضحكت أبلة منال ووعدت ليلى أن تنقل أمنيتها لبابا نويل.. نامت ليلى وهى تحلم بالحصان الذى سيحملها ويطير بها وسط الحدائق يرتفع ويرتفع حتى تلمس النجوم وخيوط الشمس الذهبية.. أشرقت شمس أول يوم من أيام العام الجديد وجاء بابا نويل وارتسمت الابتسامة على وجوه كل الأطفال، فرحت رضوى بالعروسة، وارتفعت طائرة خالد وحلقت فوق السحاب، عزف عمر على الجيتار وغنى معه كل الأطفال ووزعت فاطمة الحلوى من الكيس الكبير الذى حلمت به وأصبح بين يديها.. وحملت ليلى بالحصان، كان حصانا خشبياً تربت على رقبته فيصهل.. لكنه بالطبع لا يتحرك تحمله هى بدلا من أن يحملها ويطوف بها فى كل مكان.. اختارت ليلى لحصانها أجمل مكان وسط الزهور التى صنعت له طوقاً جميلاً من أوراقها زينت به رقبته، وضعت أمامه الماء المعطر بالورد وأمسكت بيديها الصغيرتين قطع السكر لتطعمه، وكأنه الحصان الذى أحبته وحلمت به، ومن دون أن تربت على رقبته، صهل الحصان.. ضحكت ليلى وقبلت جبينه قائلة تصبح على خير يا أحلى حصان. يوما بعد يوم أحبت ليلى الحصان أكثر، منعت قطتها من مضايقته وطلبت من كلبها حمايته من لدغ النحل وعبث الطيور وكأنه يشعر ويحس بالفرح والألم.. ولم تنس أبدا أن تمنحه قبلة على جبينه كل صباح ومساء. وجاء يوم عيد ميلاد ليلى وامتلأ المنزل بالأهل والأصدقاء يحملون لها أجمل الهدايا، لكنها كانت ترى حصانها أجمل من كل الهدايا.. انتهى حفل عيد الميلاد، نامت ليلى لكنها سمعت صوتا أيقظها، صوت الصهيل الجميل.. ظنت أنها تحلم، نهضت من فراشها، اقترب الصهيل أكثر خرجت ليلى للحديقة ولدهشتها رأت حصانها الخشبى وقد صار حصاناً حقيقياً يجرى نحوها يعطيها أجمل زهرة يضعها بين خصلات شعرها الجميل الأسود الذى انعكس عليه ضوء القمر الفضى. تلألأت النجوم حول الحصان لتغنى معه أجمل أغنية لعيد الميلاد، حمل الحصان ليلى وطار بها فوق البحار والأنهار، وسط الحدائق والجبال كانت فى قمة السعادة لم تشعر بالخوف لكنها شعرت بالحب الذى حقق حلمها، حبها لحصانها الذى حقق أمنيتها التى رسمتها فى لوحة أسمتها.. جواد الحلم