منذ سنوات قال «إنه مستعد للاعتراف بإسرائيل مقابل حزب سياسى للإخوان» ورفض مبارك!! هل هناك علاقة بين مبادرة «العريان» بعودة اليهود وزيارته لأمريكا مؤخراً؟!! لماذا صمتت الجماعة لفترة.. ولماذا رفضت «الرئاسة» التعليق.. هل هناك «اتفاق»؟!! إسرائيل تفكر فى توجيه دعوة «للعريان» والمطالب قد تمتد إلى زمن الخروج الإسرائيلى فى عهد «رمسيس الثانى» العريان فى نظر الصحافة الإسرائيلية «بطل يحب اليهود» فلماذا يكافئه الإخوان بزعامة الأغلبية فى الشورى؟! يكتبه: مصطفى بكرى لم يكن الأمر غريباً، ولم يكن التصريح اعتباطاً، ولم تكن تلك هى المرة الأولى. يبدو أن السيد عصام العريان لديه مهمة محددة داخل أسوار الجماعة؛ إطلاق القنابل الغازية المدوية، هى بالونة اختبار يقولون إنها لا تضر ولا تنفع، حتى إن أصابت من تعرضوا لها بحالة من احتقان العيون، ولكن ذلك ليس هو الحقيقة! منذ عدة سنوات وتحديداً فى أخريات عهد مبارك، أطلق العريان «قنبلة اختبار» دوت، ترددت أصداؤها، وسكتت الجماعة عنها. يومها، قال العريان لا فض فوه إنه مستعد للاعتراف بإسرائيل إذا وافق «مبارك» على إنشاء حزب سياسى للإخوان!! لقد أثار التصريح دهشة الكثيرين، كانت هناك ردود أفعال غاضبة، علق الكثير من المحللين وتساءلوا هل يمكن أن يطلق العريان تصريحاً بهذه الخطورة، وهو واحد من أبرز قيادات الإخوان، من عندياته، أم أن الرجل طلب منه، هذا التصريح لأنه يعطى إشارة للصهاينة وللأمريكيين، بأن الإخوان أبداً لن يكونوا عقبة فى مواجهة «الكيان الصهيونى»، بل سيكونون «المحلل» لدخوله إلى المنطقة، بعد أن فشلت جميع الأنظمة فى إرغام الشعوب العربية على القبول بهذا الكيان والاعتراف به!! فى هذا الوقت تم إخضاع «التصريح» للعديد من التحليلات السياسية داخل المؤسسات الأمريكية والإسرائيلية، وكانت المحصلة أن ما قاله العريان يمثل مؤشراً حقيقياً على رغبة الإخوان فى الاعتراف بإسرائيل، وتقديم رسالة سياسية واضحة تقول: «مارسوا ضغوطكم على نظام مبارك لإنشاء حزب سياسى للإخوان وسترون منا عجباً». أدرك «مبارك» اللعبة، وأطلق بعض رجالاته ليقولوا إنها «أداة للضغط» وإن النظام لن يسمح بقيام «حزب دينى»، بعدها راح الإخوان يعلقون بأن العريان فى تصريحه المعلن «يعبر عن رؤية شخصية لا علاقة للجماعة بها». جاء الرد بعد عدة أيام من تفاعل الحدث، ولم يأت على الفور، بل تركوا بالونة الاختبار، تحدث تفاعلاتها وقد أحدثت!! ومنذ أسابيع قليلة، سافر د. عصام العريان إلى الولاياتالمتحدة فى زيارة غامضة، لم يعرف أحد سبباً مقنعاً لها، لقد سبقه إلى هناك د. عصام الحداد، مساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية عضو مكتب الإرشاد. جرت لقاءات، واجتماعات، ومداولات قدمت خلالها رؤى مشتركة، وعاد الاثنان بعد أن التقيا كبار المسئولين الأمريكيين، ومن بين هذه اللقاءات لقاء الحداد مع الرئيس أوباما والذى استمر لنحو ثلث ساعة، بعد لقاءات جرت مع رجال الخارجية والأمن القومى»! وبعد أيام قليلة من الزيارة الغامضة، أطلق عصام العريان قنبلته الجديدة، وقال حرفياً فى لقاء تليفزيونى مع الإعلامى حافظ المرازى فى برنامجه «بتوقيت القاهرة» على قناة دريم «ياريت اليهود بتوعنا يرجعوا لنا بعد كدة عشان يفسحوا مكان للفلسطينيين، يعنى الفلسطينيين يرجعوا بلدهم، واليهود العرب يرجعوا لبلدهم إن شاء الله» ثم راح يذرف دموع التماسيح ويقول: «اليهود المصريين اللى طردهم عبدالناصر.. طردهم ليه.. طردهم ليه.. دول راحوا شجعوا الاحتلال». لم أصدق ما سمعته بأذنىّ، الرجل مكلوم، الألم يعتصره «يا ولداه»، ليه يا عبدالناصر - طردتهم ليه.. هكذا راح العريان يقلب حقائق الواقع والتاريخ، هكذا راح يعطى المبرر للصهاينة بأنهم طردوا من مصر وأن كل ما قيل عن هجرتهم الإرادية الحرة بعد إنشاء كيان الاحتلال الصهيونى، وتنامى هذه الهجرة بعد «فضيحة لافون» التى كانت من صنع بعضهم، هى مجرد ادعاءات كاذبة ولا أساس لها من الصحة.. ! اشتعلت الدنيا، توالت ردود الأفعال، داخل مصر وخارجها، أقام الصهاينة «عرساً» ونصب المصريون «محزنة» واشتاطوا «غضباً»، لكن جماعة الإخوان ومتحدثها الرسمى بقوا صامتين يراقبون ويتابعون دون رد حتى ساعات قليلة مضت.. !! وفى لقاء جديد مع قناة «أون تى فى»، سألت المذيعة «ريم ماجد» الدكتور العريان عن أسباب دعوته اليهود المصريين «بإسرائيل» للعودة إلى «وطنهم» مصر، راح العريان يطلق علينا قنبلة دخان جديدة، ولكن «مدوية»، لقد تقمص دور «الفلكى» فى نهاية العام وقال «إنه بعد أقل من 10 سنوات سيتم تحرير فلسطين وستصبح إسرائيل إلى زوال وسيكون اليهود هناك لا وطن لهم»، وتابع القول: «وبما أن القانون الدولى يمنع انعدام الجنسية، يروح اليهود فين وراء الشمس مثلاً، ولا ينتحروا يعنى»!! لم يكن أمامى من تعليق إلا القول «يا كبدى»!! وأين كانت نخوتك وصحوتك والفلسطينيون يبحثون عن حق «العودة» منذ صدور القرار 194 فى نهاية الأربعينات وحتى الآن، دون أن يحرك ذلك ساكناً لا من ضمير العالم، ولا حتى ضمير «الأهل والعشيرة» الذين أمسكوا بالحكم، وأصبحت قضيتهم الأولى فى هذا الملف «توفير ملاذ آمن لليهود يضمن عودتهم إلى مصر؛ لأن دولتهم، كما يقول، ستنهار بعد عشر سنوات»، ولذلك عقدوا الهدنة مع حماس وأرغموا المقاومة على وقف إطلاق الصواريخ والعمليات الاستشهادية بعد أن صدق الجميع وأعلنوا عن رضاهم الكامل عن وصول الإخوان إلى السلطة، بينما أعداء الوطن فى «جبهة الإنقاذ» والمعارضة يستكثرون على الإخوان ذلك!! لقد أكد العريان فى تصريحه التليفزيونى «أن مصر الجديدة بعد ثورة 25 يناير -كبلد ديمقراطى- نصت على أن شرائع المسيحيين واليهود المصريين هى المصدر الرئيسى لتشريعاتهم واختيار قياداتهم الروحية وشئونهم الدينية، وهناك نص دستورى بذلك، إذ لأول مرة يُذكر المسيحيون واليهود صراحة فى الدستور المصرى. ويقول موضحاً الأسباب التى كانت تخفى على الكثيرين منا إنه عندما سأله أحد الأعضاء: وما فائدة وضع اليهود مع المسيحيين فى مادة واحدة بالدستور، فقال: «نحن لدينا أقلية يهودية، ولكنّ لدينا يهوداً فى فلسطينالمحتلة، عندما تحل القضية الفلسطينية سيكون الخيار أمامهم العودة إلى مصر أو الرحيل إلى أوطان أخرى».. يا واد يا استراتيجى!! إذن، هكذا وكما قالت المبدعة سعاد حسنى: «بانوا بانوا.. بانوا.. على أصلكوا بانوا»، هكذا يوضح لنا العريان أن الأمر مرتبط بخطة استراتيجية وأن هذه المادة وضعت فى الدستور لأنها تشرع للمستقبل، فاليهود قادمون.. قادمون، ويبدو أن فكرة «الوطن البديل» لم تكن للفلسطينيين كما طرحت، بل كانت للإسرائيليين الذين يبحثون عن عودة شرعية، ليضعوا فيها أقدامهم بالأراضى المصرية مجدداً، ليحصلوا على الأرض والممتلكات التى سلبت منهم، وهى كما ترون ذات الرؤية التى احتلوا بها فلسطين، بعد أن راحوا يحدثوننا عن التاريخ القديم والسبى والطرد وأرض الميعاد والهيكل وإلى آخر هذه الادعاءات التى وظفوها لاحتلال فلسطين والتسلل إليها جماعات حتى أعلنوا دولتهم المغتصبة!! لقد هللت «إسرائيل» لهذه التصريحات أو فلنقل «لهذا المخطط» وأطلقت الصحف الإسرائيلية على العريان لقب «البطل الذى يحب اليهود»، بل إن القناة العاشرة الإسرائيلية عبرت عن سعادة الإسرائيليين جميعاً بهذه التصريحات عندما راحت تقول: «بعد آلاف السنين من خروجنا ظهر من يدعو لعودتنا إلى مصر» وراحت القناة الإسرائيلية تفسر موقف الصمت الذى أطبق على مؤسسة الرئاسة المصرية بالقول.. إن هذا الصمت المطبق من الرئاسة تجاه هذا التصريح الذى أطلقه أحد مستشاريها وكذلك صمت الرئيس، كل ذلك يعنى أن هذا التصريح يلقى موافقة من الجميع». ولم يكن هذا الصمت مقصوراً على مؤسسة «الرئاسة فقط» بل امتد إلى «الجماعة» التى تركت البالونة تدوى فى سماء السياسة والصحافة والإعلام، وبعد أن أتت مفعولها خرج د. محمود غزلان، المتحدث الرسمى باسمها ليقول: «إنها تصريحات شخصية لا تعبر عن موقف الجماعة.. »!! هكذا اختصر الأمر بدم بارد، وكأن العريان لم يقل شيئاً ليستحق المحاسبة التنظيمية وإعلان البراءة منه ومن مواقفه، مع ملاحظة أنه يشغل حالياً منصب مستشار رئيس الجمهورية، ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة، كما تمت مكافأته مؤخراً، وبعد هذا التصريح بتوليه منصب زعيم الأغلبية فى «مجلس الشورى» فمن نصدق.. المؤكد أنه توزيع للأدوار متفق عليه.. !! لقد انطلق شباب «الفيس بوك» يسخرون من الموقف وردود أفعاله، فراحوا يكتبون معبرين عن حقهم: «سامع أم كوهين بتنادى.. عاوزه شقة فى المعادى»، «سامع أم شاليط بتنادى.. العريان جاب حق ولادى» وبدلاً من «خيبر.. خيبر.. يا يهود.. جيش محمد سوف يعود» أصبح الشعار: «أهلا أهلا يا يهود.. ارجع بلدك من غير قيود»!! لقد راح عدد من المحللين الإسرائيليين والعديد من المنظمات اليهودية والصهيونية بالخارج يفسرون التصريح على طريقتهم فالهيئة اليهودية التى تتبنى مطالب اليهود المصريين تقول إن ممتلكات اليهود التى سلبت منهم فى مصر تساوى 30 مليار دولار، كما أن البعض يرى ألا يقتصر الحق على عودة عشرات الآلاف من اليهود الذين طردوا ومعهم أسرهم الجديدة، بل إن الأمر يجب أن يتطرق إلى تهجير اليهود على يد «رمسيس الثانى» فى زمن سيدنا موسى»، وأن هذا يفتح الطريق أمام ملايين اليهود للعودة، وربما أيضاً امتلاك الأهرامات التى ادعوا كثيراً «أنهم هم بُناتها الأصليون»!! لم يكن التصريح مجرد «قنبلة فى الهواء» سرعان ما تهدأ لقد أعطى العريان «طوق النجاة» لإسرائيل فى هذه اللحظة التاريخية الصعبة، وهو أمر لن يمر مرور الكرام، بل بدأت فى أعقاب إطلاقه اجتماعات ولقاءات، ومباحثات إسرائيلية للنظر فى تفعيل، مبادرة العريان»، خاصة أن رئاسة الجمهورية لا تزال على صمتها، وربما يفسر هذا التصريح كثيراً من مواد الدستور، وتحذيرات ما يتعلق منها بالسيادة على الأرض، وما يتعلق منها بحقوق «اليهود» التى قال العريان إنها إجراءات ضرورية لأن «اليهود قادمون.. قادمون»!! إن السؤال الذى يطرح نفسه، ماذا لو قال «حسنى مبارك» هذا التصريح خلال فترة حكمه، هل كان «الإخوان» يصمتون، أم أنهم كانوا سيوجهون إليه اتهامات «بالخيانة والعمالة» والسعى للبقاء على الكرسى ولو على حساب الأمن القومى للبلاد!!، أم تراهم كانوا سيصمتون ويقولون له بعلو الصوت «كنت حقولها»؟! لقد انطلقت دعاوى من مراكز أبحاث وجهات إسرائيلية عديدة تطلب دعوة «العريان» لزيارة إسرائيل والتباحث معه فى كيفية التطبيق، خاصة بعد ضمان هذه الحقوق فى إطار دستور نص على ذلك بشكل واضح»، ومن هنا يبقى السؤال: هل سيلبى العريان «الدعوة» إذا ما وجهت إليه ليتباحث باسم مؤسسة الرئاسة وباسم جماعة الإخوان، أم أن ساحة المباحثات ستمتد إلى واشنطن، التى يبدو أن الفكرة طرحت فيها، قبل أن تطلق وتدوى فى وسائل الإعلام؟! هكذا يبدو أن الأحداث والوقائع والصدمات ستتوالى على يد جماعة الإخوان ورموزها، لا أحد يتجنى ولا أحد يلفق التصريحات، لقد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، لكنهم يدركون ماذا يفعلون؟! ويبقى السؤال: هل أصبحت مصر «عزبة» للعريان وللإخوان ليتصرفوا فيها كيفما يشاءون، هذا الأمر جد خطير، وهو حدث جلل، وسيرسخ على أرض الواقع قريباً، وسيأتى إلينا رجال «الموساد» بملابس رسمية لاستعادة الأرض المسلوبة منهم، والآثار التى بنوها منذ زمن طويل، وسيبدأون طريقهم الطويل لاستعادة كل ممتلكاتهم التى نهبت من أيام رمسيس الثانى وحتى جمال عبدالناصر. ساعتها سيقفون فى ميدان التحرير ليهتفوا للجماعة التى صدقت القول وأوفت بالعهد، وباسم الثورة يعود الصهاينة إلى الوطن ليبدأوا رحلتهم فى «فلسطينالجديدة» وكله على طريقة: «ثوار.. أحرار.. حنكمل المشوار»، ولك الله يا مصر.. ولشهدائك الرحمة!!