تشهد العلاقات اللبنانية السعودية فتورًا متناميًا، منذ فترة ليست بالطويلة، وذلك بسبب غضب الرياض من نفوذ حزب الله المدعوم من إيران على الساحة اللبنانية، وتتهم السعودية حزب الله بالتحكم في شؤون لبنان وقد صنفته وخمس دول خليجية "إرهابيًا". وبدأت المملكة السعودية بالتحرك تجاه لبنان، وكانت البداية حينما سحبت هبة بثلاثة مليارات دولار من المساعدات العسكرية إلى لبنان؛ احتجاجًا على دور حزب الله، كما حضت مواطنيها على مغادرة لبنان وتجنب السفر إلى هناك. لكن مع بداية اليوم، اتخذ الصراع اللبناني - السعودي مُنحنى آخر، حيث دقت طبول الحرب الإعلامية من قبل مؤسسات إعلامية سعودية، ونشرت صحيفة الشرق الأوسط السعودية، كاريكاتير عبارة عن علم لبنان، وفوقه كلمة "كذبة نيسان"، كنوع من المشاركة فيما يُعرف عالميًا ب"كذبة أبريل". تلك الواقعة لم تمر مرور الكرام في لبنان، واقتحم شبان لبنانيون اليوم، مكتب صحيفة الشرق الأوسط السعودية في بيروت، وبعثروا محتوياته، احتجاجًا على رسم كاريكاتيري اعتبروه "مهينًا" للبنان نشرته الصحيفة في عددها الصادر الجمعة. وروى صحفي في الشرق الأوسط رفض الكشف عن اسمه لوكالة "فرانس برس"، "كنا جالسين في مكاتبنا نعمل، وفجأة دخل علينا ثمانية شبان، وبدأوا بالسؤال عن الموظفين، سألناهم ماذا يريدون، اتهمونا بأننا لسنا لبنانيين لقبولنا بهذا الكاريكاتير الذي اعتبروه مسيئًا". وأضاف الصحفي، "حاولنا التهدئة، لكن دخل اثنان منهم إلى المكاتب وقاما ببعثرة محتوياتها من أوراق من دون المس بأجهزة الكمبيوتر بطلب من أحد الشبان في المجموعة"، متابعًا: "قالوا لنا إنهم سيعتصمون غدًا أمام المكتب في حال لم نضرب نحن احتجاجًا". وقال أحدهم لموظف في الصحيفة، إن الكاريكاتير يعتبر "إهانة" للبنانيين "لأننا نحن لسنا كذبة نيسان". وجاءت واقعة الاقتحام قبل أن تعلن قناة العربية السعودية، في وقت سابق اليوم، إغلاق مكاتبها في بيروت، حرصًا منها على سلامة موظفيها، في حين نقل مصدر إعلامي لبناني عن العاملين أن "أسبابًا أمنية" تقف وراء القرار. وأعرب وزير الإعلام اللبناني، رمزي جريج، عن أسفه لقرار قناة العربية السعوديةً إغلاق مكاتبها في العاصمة اللبنانيةبيروت. واعتبر جريج، في تصريح صحفي عنه، تعليقًا على قرار إغلاق القناة لمكاتبها، أنه لا مبرر أمنيًا لإغلاق مكاتب القناة، متسائلًا: "هل القرار نابع عن موقف سياسي بسبب توتر العلاقة بين لبنان ودول الخليج، ولا سيما السعودية؟". وقال وزير الإعلام، إنه كان يأمل أن يزول هذا التوتر، خصوصًا أن لبنان أبدى مدى حرصه على هذه العلاقة، مشيرًا إلى أن العديد من الاتصالات، أجريت في هذا الإطار، مشددًا على أنه لا بد من تجاوز أزمة العلاقات بين لبنان ودوّل الخليج، ربما عبر اتصال مباشر بين رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز خلال المؤتمر الذي سيعقد في تركيا.