سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصر «الديمقراطية».. توحد المعارضة.. طوق «الإنقاذ» الأخير وسائل التنفيذ: تجميد المواد الخلافية فى الدستور.. والمشاركة فى مؤسسات الحكم جزئياً.. وتحويل التوافق بين هذه القوى إلى «سياسات»
يفترض هذا السيناريو استقرار مفهوم توافق المبادئ الإسلامية والقيم الديمقراطية الأساسية، فى مدركات القائمين على حكم مصر، وقناعتهم بضرورة صنع التوازن بين هذه وتلك، انطلاقاً من الطبيعة التقبلية للإسلام، وتفتيت القوالب الجامدة التى تحمل أفكارهم، التى يؤدى تحويلها إلى سياسات وصيغ للعلاقات بين الدولة والشعب إلى استحالة الوصول إلى دولة ديمقراطية. ويفترض هذا السيناريو اتفاقاً سابقاً بين الإخوان وقوى المعارضة المدنية على تجميد العمل بالمواد الخلافية فى الدستور. مكونات السلطة فى هذا السيناريو تتكون السلطة الحاكمة فى سيناريو انتقال مصر إلى الديمقراطية من أكثر من طرف، وعدم استئثار تيار الإسلام السياسى بالحكم وتجاهل القوى المعارضة، بل يفترض مشاركتها فى الحكم بصيغتين: الأولى: المشاركة الجزئية فى بعض مؤسسات الحكم بين «أغلبية» و«أقلية»، وهذا يتطلب نسبة كبيرة من توحد المعارضة، واحتمالية حدوثه لن تتجاوز 10%. الثانية: أن يحدث توافق بين السلطة (الإخوان وبعض الجماعات السلفية)، ومعظم التيارات المعارضة (الأحزاب الليبرالية، التيار الشعبى، حزب مصر القوية)، وسيخرج من إطار هذا التوافق 3 قوى هى: السلفية الجهادية و«حازمون» وبعض شباب التيار الثورى. وتضمن هذه الصيغة مشاركة واسعة من مختلف الشركاء فى الحكم وإدارة الدولة وعملية اتخاذ القرار، وهذه الصيغة احتمالية حدوثها فى «مصر الديمقراطية» تصل إلى نسبة كبيرة. مكونات السلطة فى السيناريو الديمقراطى يعتمد بقاء السيناريو على استمرار حالة التوافق متماسكة، وعدم تفكك وتباعد القوى المعارضة، وقدرة التيار الدينى الحاكم (خاصة الإخوان) على التعامل مع تداعيات تحليق التيار الدينى -الرافض للمشاركة مع القوى الديمقراطية فى الحكم- خارج السرب، وقدرة السلطة على عدم إثارة الشارع الذى ستقود حركته القوى الثورية، التى ستكون أيضاً خارج نطاق توافقات السلطة والمعارضة. وبشكل عام سيتوقف نجاح هذا السيناريو على مدى تنفيذ هذا التوافق وتحويله إلى سياسات. طبيعة ومسارات السياسة الداخلية بدايةً، يفتح ملف «العدالة الانتقالية» وإنشاء هيئة خاصة بها ودعمها تشريعياً بقوانين تضمن محاكمة قتلة الثوار، منذ انطلاق الثورة وحتى أحداث «الاتحادية»، وفى الوقت ذاته تحقق المصالحة الوطنية، بشكل لا يهدر أو يسقط حقوق الوطن والثوار، فيحاسب كل من تثبت إدانته فى جرائم الدم أو الفساد (مدنيين وعسكريين). وعلى المستوى الاقتصادى، يتعين اتباع سياسات اقتصادية ذات طبيعة إصلاحية أكثر رشادة، يتوافق عليها شركاء الحكم، وتضمن خروج البلاد من أزماتها الحالية، من خلال إعادة هيكلة الموارد الاقتصادية، وإعادة تنشيط القطاع العام، وتطبيق فعلى للحدين الأدنى والأقصى للأجور، والتوافق حول مبدأ الضرائب التصاعدية وحدودها، وإلغاء الدعم الافتراضى (للمزيد من التفاصيل ارجع إلى موقع مركز النيل)، والبدء فى تنفيذ خطة محكمة لتفكيك بنية الفساد داخل مؤسسات الدولة. سياسياً: تلتزم الأغلبية الحاكمة بضوابط العمل السياسى الديمقراطية، فتترجم المشاركة فعلياً، ولا تنفرد بصناعة القرار واتخاذه، مع وضع ضمانات تشريعية وآليات للانتقال السلمى للسلطة، تبدأ من قانون الانتخابات وضمان تكافؤ الفرص، ومشاركة عادلة فعالة لكل الفئات، ونزاهة العملية الانتخابية، إلى توسيع المجال للممارسة السياسية الكاملة الفعالة أمام المعارضة، حتى تستطيع خلق قواعد شعبية تمكنها من منافسة السلطة، مع حرية القوى الثورية الشبابية فى العمل السياسى أيضاً، وفى التظاهر والاعتصام، ودعم عمل منظمات المجتمع المدنى للقيام بالدور المنوط بها فى عملية الانتقال، وتوفير مناخ ملائم للإبداع، والتعبير الحر عن الرأى. طبيعة ومسارات السياسة الخارجية مصر الديمقراطية، بالضرورة، ستسعى لاستعادة الدور والمكانة (إقليمياً ودولياً)، وهذا لن يقتضى الصراع مع أى قوة إقليمية أخرى أخذت مكانة مصر وقامت بدورها، عندما غيّبها النظام السابق وفصلها عن محيطها، وألحقها تابعة لقوى دولية وإقليمية. فعلى المستوى الإقليمى، ستخرج عن إطار التحالفات السابقة، مع عدم دخولها فى تحالفات جديدة بالشكل المحكم، فسيتوافر لها هامش من المناورة الإقليمية يسمح لها بتوازن فى علاقاتها يتوافق مع مصالحها المباشرة، التى من المفترض أن يعاد الحديث حولها داخلياً بين شركاء الحكم، وتحريرها من القالب الأيديولوجى للتيار الدينى، والتوافق حول صيغة جديدة لمفهومى الأمن القومى والمصلحة القومية. وعليه، فإن علاقتها بالسعودية ستأخذ شكل المزاحمة فى الدور الإقليمى، والجمود فى العلاقات بين البلدين، لكن فى إطار مختلف، يحتفظ لمصر بمكانتها والدور المنوط بها عربياً وإقليمياً، لاعتبارات كثيرة. وطبيعى أن مصر الديمقراطية ستتحسن علاقتها مع دول الخليج الأخرى، التى تتخوف من وجود حكم دينى متطرف فى مصر، وإلى الآن تتعامل مع السلطة فى مصر بكثير من الحذر والترقب. بالنسبة لإيران، شركاء الحكم من التيار الديمقراطى سيدفعون التيار الدينى فى السلطة تجاه تحسين العلاقات مع إيران، ورفع مستواها، وإن كان هذا سيتم بشكل تدريجى؛ لعدم إثارة القوى السلفية، وتوتير العلاقات مع السعودية والأمريكيين، لكن الإدارة الجيدة لملف العلاقات مع إيران التى يفترض أن تحددها مصالح الدولة المصرية ستجنب السلطة تبعات تطوير العلاقات مع الإيرانيين، من جانب الرافضين له (داخلياً وخارجياً). وبالنسبة لتركيا، ستتطور العلاقات معها على مستويات عدة، دون التعاون فى إطار استلهام «النموذج التركى»، فحينها سيتبلور ما يسمى «النموذج المصرى». أما العلاقات مع إسرائيل، فستتقلص إلى الحد الأدنى، وتجمد العلاقات الاقتصادية، وينخفض التنسيق الأمنى إلى الحدود الدنيا، وتتجاوز مصر دور «الوسيط» فى الصراع العربى - الصهيونى، دون الدفع فى اتجاه دخول مصر فى صدام مسلح مع إسرائيل. جزء من هذه الاستراتيجية، بالتأكيد، سيوجه السلطة المصرية إلى ظهيرها الاستراتيجى فى الجنوب، ووفقاً لضرورات الأمن القومى ستتطور العلاقات المصرية مع القارة الأفريقية، بشكل عام، ودول حوض النيل والقرن الأفريقى بشكل خاص. أما على المستوى الدولى، فمصر الديمقراطية لن تتخلى عن مستوى الصداقة مع أمريكا، لكنها ستفكك «التحالف الاستراتيجى» معها، والولايات المتحدة، وإن كرهت، ستضطر للحفاظ على علاقة جيدة مع مصر لحفظ مصالحها الرئيسية بالمنطقة. التحديات أمام هذا السيناريو تأتى من التيارات الدينية المتطرفة، مثل السلفية الجهادية و«حازمون»؛ لأنها جماعات من الصعب انضواؤها تحت حكم ديمقراطى. الأخبار المتعلقة: فولكهارد فيندفور: مصر دخلت «مرحلة انتقالية طويلة» الليبرالية «ناميس عرنوس»: الشارع اختار الإسلاميين بمبدأ «الراجل البركة».. وفكرنا يضمن العيش والحرية والعدالة الاجتماعية بروس روثرفورد: البرلمان المقبل «الاختبار الحقيقى» لنوايا الجماعة