تقول الأسطورة اليونانية القديمة إن كبير الآلهة زيوس كلف الإله برثموس بصناعة الذكور من الطين ثم تحويلهم إلى كائنات حية، وفى إحدى المرات غضب زيوس غضباً شديداً من برثموس لأنه سرق ناراً من الجنة ومعاقبة له قرر أن يخلق جنساً آخر مضاداً للذكور فخلق امرأة جميلة وأسماها «بنادورا» وأعطاها صندوقاً محكم الغلق مليئاً بالشرور وأمرها بألا تفتحه مطلقاً، ولكن فضولها دفعها إلى فتح الصندوق لمعرفة ما بداخله فخرجت جميع الشرور والأمراض إلى العالم. كلما تذكرت هذه الأسطورة ورأيت واقعنا المؤلم الذى نعيشه بعد ثورة يناير أدركت أننا فتحنا بهذه الثورة صندوق بنادورا المصرية. كان من المفترض أن تكون هذه الثورة باباً للأمل والحرية تعبر منه مصر إلى آفاق جديدة ومستقبل مشرق بعد سنوات عانيناها من حكم مظلم فاسد مستبد، وبمجرد سقوط هذا الحكم طارت بنا أجنحة الأحلام الوردية إلى دولة مدنية حديثة تبنى حضارة جديدة تضاهى بها وتفاخر كل الأمم، وإذا بنا نقع فى فخ وبراثن الفترة الانتقالية تحت قيادة المجلس العسكرى، وإن كنت أراها فترة انتقامية تذوقنا خلالها ألوان الشقاء والعذاب، فضلاً عن الكوارث التى دمرتنا جميعاً، وعن كوارث هذه الفترة فحدث ولا حرج، من منا ينسى أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومذبحة بورسعيد وضحاياها؟! من منا ينسى كارثة استفتاء 19 مارس الذى أقر بأن تكون الانتخابات أولاً قبل الدستور كل هذه الكوارث ندفع ثمنها حتى الآن. وجاءت الانتخابات وانتقلنا إلى مرحلة أخرى من الوبال والشر اللذين خرجا لتتويج الإخوان على قمة السلطة، ويظل الارتباك السياسى يتصدر المشهد ونعانى من القرارات غير المسئولة التى يصدرها ويتراجع عنها مندوب الإخوان فى الرئاسة دكتور محمد مرسى، ولن أتحدث عن هذه القرارات لأنها استهلكت إعلامياً، لكن يكفى أن أقول إن هذه القرارات أدت إلى كوارث مثل مذبحة قصر الاتحادية التى أشرفت عليها جماعة الإخوان وانقضاضهم على المعتصمين السلميين والتحريض على الفتنة، مما أدى إلى انقسام الشعب وأصبحنا على شفا حرب أهلية، والتدهور الاقتصادى وانخفاض قيمة الجنيه لأدنى مستوياته وأصبح اقتصادنا على المحك، ولا ننسى التزوير الفج وخروقات الاستفتاء على الدستور الذى بمقتضاه أصبح مرسى ديكتاتوراً. أتساءل هل كانت ثورة يناير بمثابة صندوق تم فتحه لتنطلق منه كافة الشرور والكوارث ليصيب مصر وشعبها فى مقتل، فكل شىء فى مصر يتجه نحو الجمود.. ولكن يبقى الأمل فبنادورا عندما رأت الشرور تخرج من الصندوق أسرعت لتغلقه فإذا بها تغلق على ما تبقى فى الصندوق وهو الأمل الذى كان سيخلص البشرية من الآلام والشر، ولكن نحن شباب مصر ما زال لدينا الأمل حراً طليقاً غير أسير فى صندوق بنادورا المصرية، وأقسمنا على ألا نتراجع عن استكمال ثورتنا وإصلاح ما أفسده نخبتنا العسكرية والمدنية واليمين المتطرف.