تحكي الاسطورة ان الإله برثموس كان مكلفا من كبير الآلهة زيوس بصناعة الذكور من الطين ثم تحويلهم إلي كائنات حية.. وفي احدي المرات غضب زيوس من برثموس لانه سرق نارا من الفردوس.. وانتقاما منه قرر ان يخلق جنسا آخر مضادا للذكور.. فخلق امرأة جميلة واعطاها اسم باندورا ثم اعطاها صندوقا محكم الاغلاق وامرها بألا تفتحه ابدا.. ولكن الفضول جعلها تفتحه.. فخرجت جميع الشرور إلي العالم.. ولكن المحرر ماكس برود صديق كافكا.. لم ير في صندوق الاوراق الذي اوصي كافكا باحراقه بعد مماته أي شرور يجب أن تحجب عن البشرية.. وبالتالي خان وصية صديقه ونشر أعماله بعد رحيله عن أربعين عاما فقط قضي منها سنوات كثيرة في مصحات استشفائية برفقة مرضي السل..لماذا كافكا يأخذ كل هذه الضجة؟!.. لانه صاحب مدرسة فريدة في الكتابة.. فالكافكاوية هي الواقعية بلا مضمون. واقعية تجريدية ان شئت.. مثلا في رواية المحاكمة يتم اعتقال جوزيف ك.. ذات صباح دون ان تشرح له الاسباب ليجد نفسه في صراع مرير ضد اجراءات قضائية في غاية الغموض.. تصيبه بالتشويش والاحباط.. يأتي اليه محققون يخبرونه بأنه مطلوب للمحاكمة ماهي التهمة؟ لا أحد يخبره ثم يتركونه يذهب إلي عمله في البنك.. كيف أليس معتقلا؟!.. يقولون له من الممكن ان تكون معتقلا وتذهب إلي الشغل.. طبعا.. عادي.. يكاد يجن ويظن انها خدعة من زملائه في البنك يحتفلون بعيد ميلاده الثلاثين بهذه المرعبة.. لعبة ولاشك, ولكنه يذهب بعد يومين إلي المحكمة.. يري اجواء عجيبة جدا تفتح له الباب سيدة هي زوجة الحاجب وتخبره فيما بعد انها وزوجها يعيشان في المحكمة ثم يلملمان أشياءهما يوم الجلسات.. رجال غامضون يتفحصونه.. انت المتهم! يتشاورون ثم يتناوبون استجوابه في لاشيء ثم يتركونه يمضي إلي موعد لاحق.. متي؟ سوف نخبرك.. وهكذا يعيش في كابوس أخطبوطي لاينتهي ويحاول ان يجد المساعدة من المحامين ومن رسام المحاكمات.. الذي يرسم القضاة والمحامين وهيئة المحلفين والمتهمين.. يقول له الرسام انت بريء.. اعلم ذلك ولكن كي ارسم لك المحاكمة قل لي اي نوع من البراءة تريد؟ هناك ثلاثة أنواع.. براءة مطلقة.. وبراءة ظاهرة. وبراءة مؤجلة إلي أجل غير مسمي.. طبعا المطلقة هي الاهم.. ولكنهم لايعطونها إلي أي متهم مطلقا فهو مهدد دائما بالاعتقال مرات ومرات مع انه تمت تبرئته.. يذهب إلي المحامي في بيته فتراوده الممرضة التي ترعاه في منزله وتقوده إلي حجرة فوق السطوح فيها مكاتب ودوسيهات وتخبره انها جزء من المحكمة.. كيف ؟! تقول المحكمة منتشرة بمكاتبها فوق اسطح المنازل في اماكن كثيرة من المدينة.. اخيرا.. يأتي إليه اثنان يجردانه من ثيابه ويطرحانه ارضا يشرعان في ذبحه بالسكين مثل أي كلب.. تنتهي الرواية بينما التفسيرات مفتوحة حول كتابات كافكا.. ماذا يريد ان يقول.. جان بول سارتر يعزي طريقته إلي رمزية فهو يهودي مضطهد ولايعرف ما هي التهمة؟!..تستطيع في النهاية ان تهدي رواية المحاكمة لكافكا إلي كل من الرئيس الامريكي أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي نيتانياهو.. فلا الشعب العراقي يعرف ولا الشعب الفلسطيني يعرف ماهي التهمة التي ارتكبها لكي يعيش في هذا الكابوس من القتل والتدمير.. او لماذا فتحت امريكا واسرائيل صندوق باندورا واطلقت شروره في الشرق الاوسط؟ [email protected]