الفيلم يفتقر جمال الصورة المجسمة والسيناريو المحكم والتمثيل الجيد! مشهد من الفيلم هل ثورة السينما ثلاثية الأبعاد ستبدأ في إتحافنا بأفلام لا شيء فيها أكثر من أنها ثلاثية الأبعاد؟ هذا ما يبدو واضحاً من الفيلم الملحمي «Clash of the Titans » صراع العمالقة» أو «تحدي العمالقة» كما في الاسم التجاري، فهو من الأفلام الملحمية التي تنفق عليها هوليوود ببذخ شديد (ميزانية الفيلم بلغت حوالي 125 مليون دولار) والفيلم الذي أخرجه «لويس ليترير» نجح حتي الآن في تحقيق إيرادات جيدة في شباك التذاكر مما يعني أن الجمهور وجده فيلمًا مسليًا، ولكن كل ذلك لا يخفي حقيقة أن الفيلم المصنوع ببذخ هو إعادة متوسطة المستوي لفيلم مغامرات خيالي مشهور أنتج عام 1981 من إخراج «ديزموند ديفيز» شارك في بطولته «لورانس أوليفييه» و«ماجي سميث» و«أورسولا أندروز»، نجح الفيلم الأصلي بمؤثرات تقليدية وبدون صورة ثلاثية الأبعاد، بينما الفيلم الجديد تحول إلي «مقلب» ثلاثي الأبعاد افتقر إلي جمال الصورة المجسمة والسيناريو المترابط المحكم والأداء التمثيلي الجيد، لم تنقذ الفيلم التقنية الثلاثية الأبعاد في مناطق كثيرة افتقد فيها إيقاع وإثارة المغامرة، وغاب عن السيناريو الخاص به التماسك والثراء والحفاظ علي أجواء الميثولوجيا الإغريقية والحالة الأسطورية، الفيلم بالفعل ثلاثي الأبعاد ولكنه يفتقر بشدة إلي شكل وعمق الصورة الثلاثية الأبعاد، وعلي الأغلب هذا يعود إلي أن الفيلم تم تصويره بتقنية التصوير ثنائي الأبعاد وتم تحويله إلي فيلم ثلاثي الأبعاد بعد ذلك، ولأن تصميم الصورة في الأساس لم يكن معداً لهذه التقنية ففي أغلب الأحيان يشعر من يشاهد الفيلم في دار العرض أن الفيلم يمكن رؤيته بالنظارة الخاصة وبدونها أيضاً، ولن يمنعه من ذلك سوي الزغللة التي يمكن أن تصيب عينيه بسبب الترجمة وهي الشيء الوحيد الذي كان مجسماً علي الشاشة طوال الفيلم! القصة تدور في أجواء أسطورية تتناول صراع البشر وتحديهم لآلهة الأوليمبي وعلي رأسهم «زيوس» كبير الآلهة الذي يرسل شقيقه المغضوب عليه «هاديس» إله العالم السفلي لتلقين البشر درساً في وجوب طاعة الآلهة، يقوم «ليام نيسن» بدور «زيوس» ويقوم «رالف فينيس» بدور «هاديس»، لكن الدور الرئيسي والأهم في الفيلم هو دور «بيرسيوس» الذي يجسده الممثل «سام ورثينجتون» الذي صنع نجاحه وشهرته من بطولة فيلم ملحمي آخر هو «أفاتار»، التمثيل بشكل عام لم يكن حاضراً بصورة كبيرة مع كل ضجيج المؤثرات وسطحية الحوار، ومع فقر الخط الدرامي الذي اعتمد علي مغامرة «برسيوس» لقتل الوحش البحري العملاق الذي أطلقه «هاديس» لتدمير مدينة «أرجون»، ومن يتذكر الفيلم القديم سيجد أن بعض التغييرات التي حدثت في الفيلم الجديد لم تكن موفقة مثل تقليص دور الأميرة «أندروميدا» وقصة حبها للبطل، وكذلك الجدل والصراع بين مجموعة الآلهة التي يترأسها «زيوس»، تركيز الفيلم علي شخصية «بيرسيوس» وهو ابن «زيوس» وملكة من البشر خدعها «زيوس» حينما تجسد لها علي هيئة زوجها الملك، ينشأ «بيرسيوس» الذي رماه أبوه في البحر وهو يكره «زيوس»، قتل أباوه أمه ورباه صياد فقير وجده في صندوق بالبحر، الجزء الأهم في الفيلم والسيناريو هو ذلك الجدل بين الإله «زيوس» الذي يبدو محباً للبشر يبحث عن طاعتهم وتتغذي قوته علي حب البشر وعبادتهم له وبين شقيقه «هاديس» إله العالم السفلي الذي تتغذي قوته علي خوف البشر، وهو مؤمن دائماً أن البشر في حاجة إلي الخوف من الإله حتي يستمروا في طاعته، ذلك الجدل الفلسفي لم يتحول في الفيلم إلي صراع درامي كبير، التركيز الأكبر كان علي المغامرات التي يقوم بها «بيرسيوس» النصف بشر ونصف إله لإنقاذ مدينة «أرجوس» من الهلاك علي يد الوحش العملاق المسمي بالكراكن، وكذلك إنقاذ الأميرة البريئة «أندروميدا» من أن تقدم كقربان لهذا الوحش. الفيلم يحمل بعض التسلية إذا كان المشاهد من محبي المؤثرات البصرية المبهرة ويجد فيها تسلية بغض النظر عن الحبكة الدرامية، الحدوتة التي تناولها بالرغم من أنها جيدة وتحمل كثيرًا من عناصر الصراع المشوقة إلا أن السيناريو غاب عنه العمق الفلسفي للميثولوجيا الإغريقية لأنه ركز بالطبع علي تقسيم الفيلم إلي عدد من المعارك الكثيرة التي خاضها المجموعة المصاحبة لبريسيوس في رحلته لقتل الوحش، معارك مع كائنات خرافية تحول فيها الفيلم إلي فيلم أكشن طغي علي كثير من اللمحات الجيدة في الفيلم منها نمو العلاقة العاطفية بين البطل «بيرسيوس» وبين «لو» الفتاة الخالدة التي صاحبته في رحلته وهو التعويض الذي قدمه الفيلم بديلاً عن قصة الحب بينه وبين الأميرة الجميلة «أندروميدا» في الفيلم الأصلي وهو الخط الدرامي الذي كان أفضل وأكثر منطقية كمبرر درامي للبطل في ملاقاة الأهوال والموت في سبيل حبيبته. احتوي الفيلم علي بعض جمل الحوار باللغة العربية وهي الجمل التي كان ينطق بها مجموعة «ديجن» وهم شياطين الصحراء اللطفاء الذي يملكون قوي سحرية ويلاحظ أن الملابس التي كانوا يرتدونها مستوحاة من ملابس القبائل العربية التي تعيش في الصحراء، وقد شارك في الفيلم بدور صغير الممثل الفلسطيني الأصل «أشرف برهوم» وهو واحد من مجموعة المقاتلين الشجعان الذين صاحبوا البطل في مغامرته.