سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
++«الوطن» تقضى ليلة مع المتهمين فى «أحداث الاستفتاء» داخل سراى النيابة صابر الشحات: وجدت توقيع شخص آخر أمام اسمى فقال لى القاضى: «بلاش دوشة امضى مكان حد تانى»
مبنى كبير يغلب عليه الطابع المميز لمبانى وزارة العدل، غارق فى الظلمة، إلا من بصيص ضوء يأتى من طابقه السادس، الساعة تجاوزت منتصف الليل، المنطقة المحيطة به تموج بالحركة؛ فاليوم الاستفتاء على دستور مصر، عسكرى بقوات الأمن يقف على بوابة حديدية كبيرة مغلقة، تمثل المدخل الوحيد للمبنى: «انتو جايين للناس اللى ممسوكة فى الانتخابات؟» قالها فرد الأمن المسلح لمجموعة من المواطنين تجمعوا أمام محكمة شبرا الخيمة، فردوا: «أيوه». قاص وروائى وناشط سياسى يقف أمام باب مكتوب عليه «وكيل النائب العام» منتظرا دوره فى التحقيق، دموع تنهمر بغزارة من أعين زوجته وابنته، الرجل الخمسينى إبراهيم الحسينى حصل، منذ عدة أيام، على تفويض من «حقوق الإنسان»، يخول له مراقبة الاستفتاء على الدستور فى المرحلة الثانية، فى صباح يوم المعركة خرج من بيته متوجها إلى مدرسة النجاح الابتدائية ليقوم بدوره الوطنى فى التأكد من نزاهة العملية، بدأت صفوف السيدات فى التحرك والدخول إلى مقر اللجنة 30 بذات المدرسة، بعد عدة دقائق خرجت إحداهن من اللجنة -حسب الحسينى- وأكدت لبعض السيدات الواقفات فى الطابور أن القاضى قام بتوجيهها للإدلاء ب«نعم» فى بطاقة الاقتراع.. «اتجننت ودخلت اللجنة» يقول الروائى، انتظر قليلا فلاحظ أن عضو الهيئة القضائية، الذى عرف فيما بعد أنه يدعى المستشار حازم الششتاوى، يضع علامة «صح» فى الدائرة التى تقع أسفل كلمة «نعم» ثم يعطى البطاقة للسيدة التى تضعها مباشرة فى صندوق الاقتراع.. «عيب اللى انت بتعمله ده يا سيادة المستشار» قالها إبراهيم للقاضى الذى بلغ منه الغضب مبلغه وحاول طرده من اللجنة. يستطرد: «كنت بحاول أقوله إنك كنت بتتخطى حدود مهمتك» لكن القاضى استدعى الأمن المكلف بحراسة المدرسة وحرر مذكرة اتهم فيها إبراهيم الحسينى بإهانة الهيئة القضائية وتعطيل عمل اللجنة الانتخابية، لتأخذه القوة إلى قسم شرطة شبرا الخيمة ثان، ثم تحوله «محبوسا» إلى نيابة شبرا الخيمة. خرج صباحا من منزله ليدلى بصوته فى الاستفتاء، ركب سيارته ووصل إلى مقر اللجنة فى الرابعة عصرا، فقد قطع مسافة كبيرة ليقوم بالتصويت، وقف فى طابور طويل أمام مدرسة 15 مايو بحى شرق شبرا الخيمة، انتظر دوره فى صبر وهدوء، التحول الديمقراطى يتطلب جهدا ليس بالقليل، كما يؤكد صابر الشحات، الذى يعمل محاميا، دخل مقر اللجنة 30، سلم بطاقة الرقم القومى إلى القاضى، نظر القاضى فى هدوء إلى بطاقته، ثم تبادل النظرات مع الموظف، وانتظر الرجل حتى قدم القاضى له الكشف، صُعق «الشحات» فقد وجد أمام اسمه توقيع شخص آخر، هاج بشدة، وبدأ صوته يعلو، طالبه القاضى بالتزام الهدوء وعدم الصياح «لو عايز تصوت امضى مكان أى اسم» قالها له عضو الهيئة القضائية، مما زاد من هياج الرجل الأربعينى «ده يبقى اسمه تزوير فى أوراق رسمية، هتروحوا من ربنا فين يا ظلمة؟» قالها المحامى للقاضى، فسارع القاضى للاستعانة بقوات الأمن، كتب مذكرة وحولها إلى قسم شرطة شبرا الخيمة ثان، فطلبت القوة من «المتهم» أن يذهب معها، ليكتشف أنه تحول من «مجنى عليه» إلى «جانٍ»، أصر على اتخاذ الإجراءات القانونية فأخبره ضباط القسم برفضه تحرير محضر ضد قاض وقال «ابقى قول اللى انت عايزه فى النيابة»، فى سيارة خاصة وبمصاحبة أفراد من قسم الشرطة ذهب إلى نيابة شبرا الخيمة للتحقيق. عبدالرحمن طارق، شاب عشرينى، يقف فى ذهول، مقيد اليدين بالأغلال، بصحبة شاويش من قوة قسم شبرا الخيمة، التهمة الموجهة له «حيازة صاعق كهربى»، الشاب الحاصل على تفويض مراقبة انتخابات من «حقوق الإنسان» قام بالتوجه صباحا للمراقبة أمام إحدى لجان منطقة شبرا الخيمة، مشادة كلامية بين أحد المواطنين وضابط شرطة بسبب طول الطابور لفتت انتباهه، أخرج الكاميرا من حقيبته، وقرر تصوير الواقعة ليرفقها مع شهادته، تقدم منه ضابط برتبة رائد وقرر اصطحابه إلى مدرسة النجاح الابتدائية المشتركة، وضع الرائد يديه على كتفى الشاب، وقاده بهدوء إلى داخل المدرسة: «افتح الشنطة دى عشان أفتشها» قالها الضابط، رفض الشاب: «ده مش قانونى، مش من حقك تفتشنى». فاستدعى الضابط قوات من قسم شرطة شبرا الخيمة، اصطحبت الشاب إلى القسم، ومنه إلى النيابة، ليفاجأ بأن التهمة الموجهة إليه «حيازة صاعق كهربى». «السبب فى المشاكل دى كلها غياب قضاة المنصة عن الإشراف»، يقولها حامد أحمد حامد، المحامى بالنقض العضو بالحزب الناصرى، خبرة قضاة المنصة فى التعامل مع الجماهير كان من شأنها تقليل حدة الموقف، حسب حامد الذى حضر مع المتهمين فى «قضايا الاستفتاء» كما يسميها، فالحواجز بين أعضاء النيابة الإدارية وقضاة مجلس الدولة غير المستعدين للتعامل مع الجماهير بحكم مناصبهم سببت وقوع العديد من حالات التعدى على القضاة والمواطنين والعملية الانتخابية على حد سواء «المفروض كانوا أجلوا الاستفتاء لحد ما يحلوا مشاكلهم مع قضاة المنصة». العميد بلال محمد لبيب، مأمور قسم شرطة شبرا الخيمة ثان، يؤكد أن كل التحقيقات ستسير بمنتهى الحيادية من جانب الشرطة «بس المشكلة إنى ما أقدرش أسأل قاضى فى محضر، القاضى بيعمل مذكرة وأنا برفعها للنيابة وهى اللى بتحقق فى الموضوع»، بينما قال المستشار أحمد حبلص، مدير نيابة قسم ثان وشرق شبرا الخيمة، ل«الوطن»: أخليت سبيل كل المتهمين بضمان محل إقامتهم «مفيش أى حد اتحبس». أخبار متعلقة: شهادات حية من داخل «لجان التزوير» بالمرحلة الثانية للاستفتاء «عامر»: وجدت فى اللجنة 4 مراقبين من «حرية وعدالة».. والقاضى رفض إظهار الكارنيه الفولى: سألت إخوانياً عن سبب وجوده داخل اللجنة.. فبدأ الاشتباك «شريف» وصل اللجنة فى الثامنة صباحاً.. وأدلى بصوته فى الثالثة عصراً مراقبو دمياط: الإخوان والسلفيون هددونا بالقتل و150 جنيهاً لمن صوّت ب«نعم».. والتجاوزات لا حصر لها «العقدة»: القاضي طلب الانتقال من لجنة إلى أخرى بسبب تجاوزات مندوبي «الإخوان» ناشط «سويسى»: منتقبات وجهن الناخبات للتصويت ب«نعم».. وسحل صحفية صوّرت الانتهاكات «الكتبى»: حررت محضراً ضد «الورقة الدوارة».. والإخوان حاولوا منعى من الحديث لقناة النيل بالفيديو.. موظفون يديرون عملية التصويت داخل لجنة ب«أبوزعبل» فى غياب القاضى نصرة مرقص ذات ال80 ربيعاً: الدستور لا يُصلح حال البلاد لأنه قسمها على أساس دينى