ولم نزل نواصل رحلتنا مع دراسة بالغة الأهمية عن «الإرهابيات فى القاعدة وداعش» أعدتها د. بدرة قعلول [المركز الدولى للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس]. ونتابع معها كيف أن الإرهابيات فى تنظيم القاعدة والمشاركات فعلياً فى المعارك فى تزايد مستمر، ولعلّ من أبرز الأسماء التى تلمع بشكل كبير ندى القحطانى المعروفة ب«الأخت جُليبيب» التى أعلنت أنها سوف تسافر إلى سوريا للقتال فى الخطوط الأمامية والمشاركة فى العمليات الجهادية، فامتلأت ساحات التواصل الاجتماعى بتهنئة الناشطين الإسلاميين لها، ووصفها ب«السعودية الوطنية»، ودعوا النساء الأخريات للمشى على خطاها وشبّهوها بوفاء آل الشهرى وأروى البغدادى. ووفاء آل الشهرى أرملة عضو تنظيم القاعدة السابق فى شبه الجزيرة العربية سعيد الشهرى، الذى تم ترحيله إلى المملكة العربية السعودية بعد العودة إليها من سجن جوانتانامو، وفر إلى اليمن وتم قتله فى هجوم شنته طائرة أمريكية دون طيار أواخر عام 2012.. وأروى البغدادى زوجة عضو آخر بالقاعدة فى جزيرة العرب، هو أنيس البغدادى، الذى يعتقد أنه أيضاً مختبئ حالياً فى اليمن. وقد كتبت وفاء آل الشهرى مقالاً فى مايو 2010، وجهته إلى المرأة السعودية تدعوها فيه إلى الانضمام لتنظيم القاعدة، وطالبت «الشهرى» المرأة السعودية بالخروج للدفاع عن نفسها، ما دام الرجل فى شبه الجزيرة العربية لا يستطيع حمايتها كما قالت، واعتُبر هذا المقال خطوة رئيسية فى تطور جناح القاعدة من الإناث فى منطقة الجزيرة العربية. وربما كانت الأكثر شهرة من نساء تنظيم القاعدة «هايلة آل قصير»، المعروفة فى وسائل الإعلام بسيدة تنظيم القاعدة، وتعتبر واحدة من عناصر التنظيم الأكثر نشاطاً وفاعلية فى المملكة العربية السعودية، فقد كانت «آل قصير» شخصية رئيسية للتنظيم من حيث تأمين التمويل وتأمين المجندين الجدد، بمن فيهم الأعضاء الذين سيذهبون فى وقت لاحق لتنفيذ هجمات انتحارية. وقد اتهمت بعدد من الجرائم، منها إلى جانب مساندتها للتنظيم، حيازة الأسلحة المستخدمة فى الهجمات الإرهابية، وتحريض الآخرين على ارتكاب أعمال إرهابية. وفى «إمارة الرقة» لا تقل ممارسات الكتائب النسائية الداعشية وحشية عن ممارسات المقاتلين الرجال، ومن بعض القوانين التى يفرضها «داعش» على النساء: - فرض النقاب الأسود السميك، وأى تهاون من قبل المرأة، خصوصاً فيما يتعلق بدرجة سماكة النقاب، يؤدى إلى الاعتقال، إذ تعتبر هذه المخالفة من أكثر المخالفات التى تم اعتقال نساء فى الرقة بناءً عليها. - الجلد للفتيات السوريات لظهور حواجبهن من تحت النقاب. - منع مخالطة الرجال للنساء فى الأماكن العامة ودوائر العمل وعدم الخروج مساءً من دون محرم، إضافة إلى عدم الصعود فى سيارات الأجرة فى أى وقت من دون محرم أيضاً. ويشرفن كذلك على: - حظر ارتداء النساء والفتيات ل«الجينز» و«الكنزة»، واستبدالهما بالعباية والبرقع. - حظر تدخين السجائر أو النرجيلة. - إغلاق محلات الحلاقة الرجالية، ومنع الشباب من تسريح شعورهم على الطريقة الحديثة أو وضع أى مادة عليها. - إغلاق محلات الخياطة النسائية إذا شوهد فيها رجل، ومنع النساء من زيارة طبيب نسائى للعلاج. - حظر بيع كاسيتات الغناء وآلات الموسيقى وتشغيل الأغانى الماجنة فى السيارات والحافلات والمحلات وجميع الأماكن العامة، وإزالة صور الرجال والنساء من واجهة المحلات. - على كل صاحب متجر قبل نداء الصلاة بعشر دقائق إغلاق متجره. - يجلد 70 جلدة كل من يتداول كلمة «داعش»، إذ عليه أن يقول «الدولة الإسلامية فى العراق والشام». وتفرض «داعش» عقوبات على مخالفى هذه القوانين ما بين الجلد وبتر الأعضاء لتصل إلى الإعدام فى الحالات التى يتم فيها خرق القوانين المتعلقة بالتدخين. وقد كونت «داعش» كتيبة نسائية اسمها «كتيبة الخنساء» تقودها «أم ريان». وقد بدأ تنظيم داعش بتسيير دوريات نسائية فى شوارع مدينة الرقة تقوم بها «كتيبة الخنساء» وتقودها امرأة تونسية تدعى أم ريان وهى زوجة لأحد أمراء التنظيم فى المدينة، كما أن مهمة هذه الكتيبة الأساسية هى ضبط شوارع مدينة الرقة والتأكد من شخصية وهوية النساء والقبض على المخالفات منهن لتعليمات «داعش» فى المدينة. وقد تأسست «كتيبة الخنساء» النسائية مطلع 2014، وقد بدأت كمجموعة للحسبة تدور فى الشوارع والأسواق وتدخل البيوت للاحتساب على النساء ثم تطورت إلى إقامة الحدود والعقاب كالجلد والسجن وكذلك التعذيب ثم أصبحت جزءاً من الكتائب المشاركة فى القتال والعمليات العسكرية بالإضافة إلى عملهن الأساسى، كما أن للكتيبة مشاركات فاعلة ضمن منصات الإنترنت. فقد تولت الكتيبة فور تشكيلها مهمة ملاحقة النساء اللواتى يخالفن تعليمات وقوانين «داعش» فى المنطقة، قبل أن تتسع مهامها إلى تدريب مجموعات نسائية على حمل السلاح ضمن معسكرات خاصة، محاطة بالكثير من السرية والغموض، ويظهر تأثير العنصر الأوروبى فى صفوف الكتيبة، خاصة البريطانيات والفرنسيات. وتحتل الجنسية التونسية النسبة الأكثر بين النساء. وتقتصر مهام تلك الكتيبة ظاهرياً على تولى شئون بعض المكاتب. ومرتب عضوة كتيبة الخنساء 25 ألف ليرة سورية (200 دولار أمريكى) ويبلغ عددهن فى الرقة وحدها 200 امرأة. والمسئولة عن هذه الكتيبة تدعى «أم ريان» وهى تونسية قدمت من العراق إلى الرقة برفقة زوجها، وتتولى «أم ريان» مهمة الإشراف على جلد النساء المخالفات فى المدينة، وأشهر البريطانيات المنخرطات فى الكتيبة ممن لهن دور فى الإنترنت: أم ليث (أقصى محمود) وأخريات يعرفن بالكنى: أم حارثة وأم وقاص وأم عبيدة، وهن أشهر الناشطات فى شبكات التواصل. وقد قامت عضوات من الكتيبة بالانتقال إلى كوبانى من أجل استهداف أهداف كردية، وقد فجرت إحدى المقاتلات نفسها فى مبنى «البلدية» فى كوبانى، كذلك انتقلت زعامات من الكتيبة فى شهر سبتمبر 2015، وعلى رأسهن «أم ريان» إلى ليبيا لتشكيل فرع لها من النساء وتدريبهن فى سرت. ويبقى الشكر واجباً لمكتبة الإسكندرية.