جاءت الحكومة الحالية بعدد من القرارات المريبة، التي أثارت بلبلة في الشارع المصري هل هى في صالح المواطن أم أنها ضد مصلحته، حيث قام المهندس حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة الخارجية في الفترة الأخيرة بإصدار قرارين بفرض رسوم حماية على المستورد من سلعتي الحديد بواقع 8% والسكر الأبيض بنسبة 20%، وللسكر الخام بنسبة 17%، مما أدى إلى زيادة أسعار السلعتين بنسبة تتراوح بين 150 وحتى 300 جنيها. وطرحت هذه القرارات تساؤلات حول هل الحكومة تعمل ضد صالح المستهلك المصري، وتعمل على رفع الأسعار عليه على الرغم من أن الحكومات السابقة، لم تقم بذلك فقد كان سر العداء الواضح بين رجل الأعمال أحمد عز، ووزير الصناعة السابق رشيد محمد رشيد، هي عدم قدرة رجل الأعمال على إقناع الوزير بإصدار مثل هذه القرار ليساعده على احتكار السوق، بالإضافة إلى أن القرارات تطرح سؤالا آخرا هل الحكومة تخضع لشروط صندوق النقد الدولي ضد مصلحة المواطن المصري؟". وقال المهندس حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة الخارجية، أن هذه القرارات جاءت بعد دراسات كبيرة من الوزارة بحيث لا يزيد السعر المحلي للمنتج على المستهلك. كما أنها لا تؤثر على الاتفاقيات التي قامت مصر بإبرامها مع بعض الدول والهدف منها هو حماية المنتج المحلي من إغراق السوق بالمنتجات المستوردة وذلك هو الهدف الرئيسي للوزارة، مؤكدا أنه بصدد إصدار قرارات أخرى وكثيرة من هذا القبيل. وأضاف الوزير أن القرار لن يرفع الأسعار إلى الحد الذي قد وصلت إليه من قبل حيث وصل الطن إلى 10 آلاف جنيها، أما في حال فرض الرسوم التي صدرت مؤخرا فإن الأسعار لن تزيد على 300 جنيها، مؤكدا أنه في حال زيادة الأسعار بشكل أكبر من ذلك فإن المستهلك يمكنه الاختيار بين المنتج المحلي والمستورد. ومن جانبه، قال أحمد الزيني رئيس الشعبة العامة لمواد البناء والتشييد بالغرفة التجارية للقاهرة أنه ليس من حق الوزير إصدار مثل هذا القرار لأنه يظلم المنتج المحلي، لافتا إلى أن الوزير صرح بأنه يحمي المنتج متسائلا من يحمي الشعب المصري إذا من قيام أصحاب المصانع والمنتجين برفع الأسعار؟ حيث لا يوجد رقابة على السوق المصري من قبل الحكومة. وأشار رئيس الشعبة إلى أن "أحمد عز" أثناء ذروة تجبره وطغيانه لم يستطيع أن يجعل الحكومة تقوم بما قام به وزير الصناعة الحالي. وأشار إلى أن القرار جعل المنتجين يرفعون الأسعار بشكل كبير لم يكن متوقعا بمجرد صدور القرار حيث قاموا برفع الأسعار بما يزيد على 150 جنيها، على الرغم من أن أسعار الحديد المحلي كانت أعلى من أسعار الحديد المستورد من الخارج. وطالب الزيني بضرورة سرعة إلغاء هذا القرار المدمر للصناعة المحلية –على حد قوله- لأنه قرار خاطئ وغير مدروس وغير قانوني كما سبق وأن صرح الوزير، بل إنه يثبت أن الحكومة تعمل لخلق محتكر جديد لسوق مواد البناء متمثلا في "أبوهشيمة"تاجر الحديد. وأكد محمد حنفي رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، أن قرار وزير الصناعة بفرض رسوم حماية على الحديد من المتوقع أن تؤدي إلى رفع سعره خلال المرحلة القادمة حتى 300 جنيها. وأضاف أن القرار جاء نتيجة غضب منتجي الحديد من انخفاض أسعار الحديد المستورد وخاصة التركي مقارنة بأسعار الحديد المحلي وقاموا برفع الكثير من المذكرات إلى الوزارات المختلفة لإصدار هذا القرار. وطالب رئيس غرفة الصناعات المعدنية الحكومة الحالية بإحكام الرقابة على الأسواق حتى لا يقوم المنتجين برفع الأسعار استغلالا لهذه القرارات التي جاءت من أجل مصلحة الصناعات المحلية. ومن جانبه، أكد أحمد يحيى رئيس شعبة البقالة والمواد التموينية بالغرفة التجارية للقاهرة، أن أسعار السكر شهدت زيادة بقيمة 200 جنيها للطن نتيجة قرار فرض رسم إغراق على السكر المستورد لحماية المصانع المحلى وتصريف المخزون ، مضيفا أن أسعار المواد الغذائية تشهد تباين خلال الأيام الجارية على الرغم من حالة الركود التي يشهدها السوق نظرا لانشغال المواطنين بمتابعة المشهد السياسي. وأضاف أن قرار فرض الرسوم إغراق على السكر قرارا سليما لدعم الصناعة المحلية، مؤكدا أن فرض هذه الرسوم تعتبر أحد أهم آليات الحكومة لضبط السوق المحلي كما أنه يمكن إلغاء القرار في حال تضرر السوق المحلية من هذا القرار. وفي السياق نفسه، أبدى عمرو عصفور نائب رئيس شعبة البقالة والمواد التموينية بالغرفة التجارية للقاهرة، تخوفه من ارتفاع سعر السكر بالسوق المحلي بعد فرض رسوم إغراق علي الوارد منه لمدة 200 يوم، مطالبا الشركات المنتجة بعدم استغلال القرار وتقوم برفع الأسعار مما يضر بالمواطنين الذين يقومون باستهلاك السلعة ويزيد من الثورات الحالية التي لا تستطيع الحكومة التخلص منها. وأشار عصفور إلى أنه يجب مع مثل هذه القرارات فرض عقوبات على من لا يلتزم بالقرار أو وضع أسعار لا يزيد المنتجين عليها مما يضمن صحة تنفيذ القرار وجعله في الصالح العام. وقال عماد عابدين سكرتير شعبة البقالة والمواد التموينية بالغرفة التجارية للقاهرة، أن بعض تجار السكر قاموا بالتوقف عن الإنتاج انتظارا لرفع الأسعار بعد قرار فرض رسوم إغراق عليه، والتي من المتوقع لها أن ترتفع حتى تصل إلى 500 جنيه للطن الواحد خلال الأيام المقبلة. وأضاف سكرتير الشعبة أن هناك أزمة في السكر التمويني نتيجة ضعف الوارد منه إلى جانب الإضرابات التي تعاني منها البلاد وتراجع حركة العمل خلال هذه الفترة. وفي سياق متصل قال د. محمد النجار أستاذ الاقتصاد بجامعة الإسكندرية، أن جميع القرارات الحكومية في الفترة ألأخيرة من فرض ضرائب أو رسوم إغراق أو رفع الدعم عن المنتجات المدعمة هدفها مراضاة صندوق النقد الدولي ومتفق عليها مع وفد الصندوق. وأضاف أن الحكومة قامت بالبحث عن طرق لتحصيل الضرائب من بعض المستهلكين بطرق كثيرة منها إصدار مثل هذه القرارات بهدف منها زيادة الإيرادات الحكومية والحد من الإنفاق الحكومي الكبير. وأشار إلى أن جميع هذه القرارات التي اتخذتها الحكومة لم تقترب من الفئة الدنيا من المواطنين أو من محدودي الدخل بل إنها ركزت على الطبقات الفارهة حيث أن رغيف الخبز سعره كما هو لم يزيد على 5 قروش، كما أن الرئيس محمد مرسي يعلن دائما أن سعره خط أحمر لا يمكن الاقتراب منه. وأضاف أن صندوق الدعم يملي دائما على الدول التي يقوم بإقراضها أنه لا عائق في أن أي إنفاق مظهري يتم الاستغناء عنه ومهمة الحكومة تكمن في إقناع الشعب بأن خطواتها ليست ضد الفقراء ولن تقترب منهم حتى لا يقوم الشعب بالثورة ضدهم. وأكد أن الحكومة تقوم بإصدار القرارات خلال اشتعال المشهد السياسي حتى لا يثور الشعب ضدها، لافتا إلى أن الحكومة الحالية تمر بأحنك الظروف التي يمكن أن تمر بها حكومة على الإطلاق، فهي ليست حكومة مؤقتة مثل حكومة د. كمال الجنزوري ولكنها حكومة دائمة، كما أن لديها عجز كبير في الموازنة لا يمكن لأعظم رجال الاقتصاد التخلص منه بسهولة مما يبرر لها جميع القرارات التي تقوم باتخاذها.