استطلاعات الرأي ظاهرة ليست وليدة العهد الجديد، لكن بعد الثورة اثارت الجدل فتجدها علي هاتفك وامام شاشتك التلفزيونية واثناء تصفحك على الانترنت، وبمرورك في شارع تجد من يستوقفك ويحاصرك بالاسئلة وذلك بهدف الوقوف على اراء الجمهور، ووفق نتائجها يتحقق هدفها فهي نبض الشارع، لكن ما يخزل الواقع المصري أن اغلب هذه النتائج كانت بعيدة تماماً عن الواقع خاصة وأن المشهد المصري يشهد كل لحظة حدثاً جديداً يحتاج للوقوف علي رأي الشارع فيه، لكن يبقى السؤال هو ما هي حقيقة هذه الاستطلاعات؟ وأهدافها؟ ومصادرها ؟ وغايتها ؟ وهل تعكس بالفعل وجهات النظر في المجتمع ؟ لتكون مرأة الواقع أم يتم تمحيص نتائجها وفق سياسة معينة تخدم فئة أو طائفة بعينها . بداية يؤكد حمدي الكنيسي الخبير الإعلامي ان التجارب السابقة لمراكز استطلاعات الرأي أكدت انها تتحري الدقة ولكنها تجيء أحيانا حسب أغراض أو أسماء معينة حتى وإن كانت بريئة تمام من الغرض الشخصي أو الفئوي لأن آليات التنفيذ غير مكتملة في بعض الأحيان وان العينة التي يجري استقصاء الآراء منها لا تمثل الرأي العام ككل. مضيفا ان مثال لذلك الاستطلاعات التي كانت تشير إلي فرص نجاح " عمرو موسي وعبدالمنعم أبو الفتوح " المرشحين الرئاسيين في الانتخابات الرئاسية الماضية لكنها خرجت عن الواقع وذلك من خلال نتائج الجولة الأولي وهذا دليل علي أن نتائج هذه الاستطلاعات لا يمكن تصديقها وأخذها علي محمل الجد . ينما يري دكتور محمود علم الدين استاذ الاعلام بجامعة القاهرة أنه يوجد مجموعة من مراكز الاستطلاع تعمل وفقا للمعايير الدولية لقياس الرأي العام فتجد منها مراكز احترافية مستقلة عن الدولة ومراكز أخرى تحاول الارتفاع بمستواها لكن الحالة المالية لتلك المركز تتحكم بمصير استمرارها باستثناء "مركز معلومات مجلس الوزراء" الذي يجد دعماً كبيرا من الحكومة. بينما أشار د. صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إلي أن مراكز الاستطلاع المصرية تواجه العديد من المشاكل في اختيار العينة ، ومستوي الدقة والأسئلة ومدي تعبيرها عن المادة التي تبحث فيها بدقة، وبالتالي تحتاج هذه المراكز إلي دعمها بالخبرات العلمية والعملية لدعم جهودها الاستطلاعية وليتثنى لها تحقيق دورها الريادي في تقديم نماذج بحثية ودراسات علي درجة كبيرة من الدقة الي جانب ضرورة عدم توظيفها توظيفاً سياسيا بما يخلف من جراء ذلك خدمة اشخاص وفئات بأعينها. ومن جانبه يقول حسين عبد الرازق العضو الرئاسي بحزب التجمع ان حقيقة الامر ان كافة مراكز البحث واستطلاع الرأي في مصر لا تتمتع بدرجة عالية من الواقعية وذلك يرجع لكون مصر تعيش ديمقراطية جديدة الي جانب حداثة هذا الحدث الاستطلاعي في مصر فتجد ان كافة النتائج متناقضة مغالطة للواقع مما يشكك في درجة الاعتماد علي تلك الدراسات والاستطلاعات . فهناك بالدول المتقدمة التي تتمتع بالديمقراطية الحقيقية منذ زمن تجد ان استطلاعات الرأي ذات اهمية على درجة كبيرة وتكون ابرز نتائجها محققة للواقع بالتالي يهتم بها كافة السياسيين والمؤسسات والمجتمع بشتى فئاته . لمن الامر مختلف في مصر نتيجة للتجربة الديمقراطية التي ما زالت متعثرة في المجتمع حيث تجد ان الجمهور متعلق بالمؤسسات سواء الدولة او تيار او حزب بالتالي يخضع لتبعيته وليس لمواقفه الشخصية ورؤيته الخاصة التي يستند اليها المراكز البحثية مما يعطي نتيجة مغايرة فالأمر يحتاج لفترة طويلة ليتثنى للجمهور الاستفادة من تلك التجربة الديمقراطية التي لم يشهدها المجتمع المصري قبل ذلك . فطبيعة المواطن المصري يري الباحث بالمركز البحثي ماذا يريد وما هو غرضه من تساؤلاته فيجيب وفق رؤية الباحث واحتياجاته ليس وفق حقيقة رأيه يرجع سبب ذلك لدرجة من الخوف التي يتمتع بها المواطن المصري اولا وثانيا ان تلك الجهات من مراكز البحث ليس لديها درجة كافية من الخبرة تستطيع ان تعمل لتفعيل دورها بشكل سديد خاصة وان المواطن المصري مرتبط بشكل او اخر بالحكومة او بتيار سياسي او جهة معينة . واستبعد "عبد الرازق" ان يكون هناك تأثير لتلك البحوث والدراسات والاستبيانات علي الجمهور بشكل واسع خاصة وان درجة الوعي والاهتمام من قبل الجمهور بذلك النمط قليل بالتالي تبعياته وتأثيره سيكون محدود حيث ان غالب الجمهور لا يأخذون الامر بجدية نظرا لغياب الثقة .