أثار مشروع المادة العاشرة من الدستور الجديد بشأن إغلاق الصحف بحكم قضائي العديد من المادة العديد من التساؤلات داخل الوسط الصحفي والإعلامي ، بإعتباره مقيدا للحريات وتكميم للأفواه حيث لا تناسب وأهداف ثورة 25 يناير، تلك الثورة التي قامت من أجل حرية الرأي والتعبير وإجتمعت الأراء على رفض تلك المادة، مطالبين القائمين على اللجنة التأسيسية للدستور بتعديل تلك المادة واصفين إياها بأنها بعيدة كل البعد عن دستور ثوري وضعه شعب حر. وهو ما أكده الكاتب الصحفي سليم عزوز رئيس تحرير جريدة الأحرار الذي قال إن النظام السابق كان قد أصدر قرارا بإلغاء المادة الخاصة بوقف الصحف لأن عملية إغلاق الصحف بها يكون عقاب لشخص الذي قام بإرتكاب الخطأ حتى لو كان رئيس التحرير أو أي محرر الذي قام بعمل المخالفات لابد أن تقع العقوبة على الشخص بمفرده لا عقابا جماعيا نتيجة لنشر مقال لكاتب أو من يمثل العقاب على المؤسسة أو الوسيلة الإعلامية. وأضاف "عزوز" أنه في الدول المتحضرة توقع العقوبة على الذي قام بالمخالفة وليس الوسيلة أو المؤسسة بأكملها ونحن بحاجة إلى وقفة كبار الصحفيين لإنقاذ المؤسسات الصحفية من العقاب الجماعي ومع ذلك نحن لا نثق في القضاء ثقة كاملة لأن المخلوع "مبارك" إستخدمه لإنقاذه وأعوانه حتى بعد الثورة وأنا ضد إغلاق الصحف لأن هذا يعتبر رد على ماكانت عليه الأوضاع قبل الثورة. كما أكد وحيد عبد المجيد، عضو الجمعية التأسيسية للدستور أنه لا يجوز مصادرة أية صحيفة إلا بحكم قضائي حيث نصت على ذلك المادة 11 من الدستور ولكن المادة العاشرة في مشروع الدستور الجديد تنص على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر وغيرها من وسائل الإعلام مكفولة والرقابة على الصحف وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها محظور ما دامت غاياتها مشروعة ويجوز الإستثناء في زمن الحرب ليتم فرض رقابة محددة على الصحف والمطبوعات وغيرها من وسائل الإعلام. وفقا للقانون فيما يتفق والمادة التاسعة التي تنص على أن حرية الفكر والرأي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن فكرة ورأية بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير بما لا يمس حرمة الحياة الخاصة أو حقوق الغير وإن المادة التي تنص على غلق الصحف تعصف بحقوق الصحفيين . كما أنها ليست موجودة في التشريع المصري إلا أن وأنها تتضمن عقوبة حماية تؤدي إلى تشريد آلاف الصحفين لمجرد أن محرر في صحيفته إرتكب خطأ. فيما يرى الدكتور عدلي رضا، أستاذ الرأي العام بكلية الإعلام جامعة القاهرة أن المادة التي تنص على إغلاق الصحف تمثل خطورة بالغة على الإعلام المصري وأنه ضد إغلاق أي وسيلة إعلامية ونحن في القرن الحادي والعشرين ومن الممكن أن تكون العقوبات متدرجة على من يخرج عن القانون أو نطاق المهنة ومن الممكن أن يحدث ذلك بالإنذار أو الغرامة والإيقاف لمن أخطأ دون العقاب الجماعي ولا معنى لذلك من تعميم العقاب على المؤسسة بأكملها وإنما غلق الصحف شيء خطير ضد الحريات العامة وحرية الإعلام. وأوضح محمد فايق وزير الإعلام الأسبق ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان أن إغلاق الصحف لن يتم الإتفاق عليه في الدستور الجديد وإذا كانت النصوص تناقش ونحن في مرحلة الصياغة فإنه لا يستطيع الحكم عليه الآن إلا بعد الإنتهاء منه، مؤكدا رفضه لتوقيع عقاب جماعي فقط يحدث ذلك على من أخطأ ولا يمكن إغلاق الصحف إلا بحكم قضائي أو إداري فهذا يعد إعتداء على الحريات والإغلاق يعتبر عقاب جماعي وأنا ضد ذلك القرار نهائيا إذا وضع أصلا أو تم اقراره. ومن جهته أكد الدكتور سامي الشريف، رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون الأسبق أنه ليس من المقترح أن تضع هذه المادة في الدستور الآن لأنه يعتبر تكميما للإفواه حتى لو حدث ذلك بحكم قضائي ويمثل ذلك إلتفاف على الدستور القديم 71 ويجب على الأعضاء مراجعة ذلك النص وإعادة النظر فيه وبحثه بدقة لأن مردوده سيكون قويا وخصوصا في هذه المرحلة وأنه دستور جديد بعد ثورة قامت من أجل حريات عامة لكافة فئات وطوائف المجتمع. وأشار ماجد البسيوني، رئيس تحرير جريدة العربي الناصري أن نص المادة العاشرة في الدستور الجديد التي تنص على غلق الصحف بحكم قضائي يمثل عار على الصحافة المصرية وأن الجمعية التأسيسية تخدم النظام الحالي وتجعل الصحافة منحة في يد النظام الذي لن يسمح بحرية تداول الصحف إلا لصالحه رغم أن حرية الصحافة حق مكفول للجميع ولا يصح لدستور أن يضع مادة تمنع أي وسيلة إعلامية ويجب معاقبة المخطأ فقط دون الجميع. وفي ذات السياق أكد نقيب الصحفين السابق مكرم محمد مكرم أن الأمل الوحيد لحرية الصحافة في الدستور الجديد وخصوصا ما بعد الثورة التي خرجت من أجل حرية الرأي والتعبير هو التخلص من تلك المادة التي تنص على غلق الصحف بحكم قضائي فأين الدستور الذي يعبر عن ثورة جديدة من أهم مكتسباتها عدم المساس بحرية الفكر والتعبير بإعتبارها خط أحمر وأن المادة الحادية عشر تنص على حرية إصدار الصحف بكل أنواعها وهو حق مكفول بمجرد الخطأ ودون الحاجة إلى تصاريح مسبقة. إلا أن المادة العاشرة قرارها بأن الرقابة على الصحف محظورة تتعرض في أجزاء مهمة من منطوقها للحذف وتؤكد عدم جواز إنذار الصحف أو وقفها أو إلغائها إلا بحكم قضائي وهو أمر خطير جدا وإذا تم ذلك النص المادة لا يجوز التهوان فيه. ولكن هناك مشكلة حقيقية تظل في إصدارها وإستمرار على الإرتقاء داخل التأسيسية للدستور على الإبقاء على العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر بدعوى أن رفعها يتناقض مع المادة الثانية من الدستور التي تؤكد المساواة في الحقوق والواجبات للمواطنين.