عرس ديمقراطي حتم على القوى السياسية أن تكون جزء منه ومن تجربة سابقة أثبتت فشل القوى المدنية خاصة الليبرالية واليسارية فرض الواقع ان تتواجد 5 جبهات سياسية ذات تكتلات ووجود حيوي بالمجتمع لمجابهة التيار الإسلامي المتمثل في حزبي الحرية والعدالة والنور السلفي. تمثلت تلك التحالفات في حزب الدستور بقيادة الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتيار الشعبي بقيادة حمدين صباحي المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، المؤتمر المصري برئاسة عمرو موسى المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، و"حزب الحركة الوطنية المصرية" بقيادة المرشح للرئاسة السابق احمد شفيق، وتحالف أعضاء الحزب الوطني المنحل. لكن السؤال هل تستطيع تلك التحالفات العملاقة مجابهة التيار الإسلامي ام انها تحالفات وهمية لا وجود لها بالشارع المصري؟ بداية يقول دكتور يسري عزباوي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بوحدة قياس الرأي العام أن خيار الاندماج بين الأحزاب والائتلافات امر مفضل من الناحية السياسية لكن من الناحية العملية أين جذور تلك الأحزاب والتحالفات فالمرجعية هنا ليس للعد وإنما للتواجد بالمجتمع المصري وقدرته علي الحشد في الانتخابات البرلمانية فاغلب تلك الأحزاب والتي اندمجت إما مع صباحي أو عمرو موسي أو تحالف الحزب الوطني المنحل يقع كوادرها وابرز الشخصيات والقادة بها في المدن خاصة القاهرة وهي تعد بالأصابع، فعلى الرغم من قدرتها علي الحشد في الانتخابات الرئاسية حيث محدودية المرشحين إلا أن الأمر يختلف في هذا الصدد حيث يتخطي البرلمانيين الألف مما تتوزع تلك الفئة الموالية لهم بين هؤلاء والتي تصب بكل تأكيد للتيار الإسلامي خاصة جماعة الإخوان المسلمين. واستبعد عزباوي فكرة الاندماج الكلي لكافة القوى المدنية الليبرالية تحت مظلة واحدة نظرا للاختلاف الإيديولوجي بينهم كما أن فكرة الاندماج فكرة وقتية لخدمة الغرض البرلماني وليست قائمة على الأهداف السياسية بعيد المدي مما يخلق بيئة خصبة للتفرقة والانفصال بينهم فما أتي سريعا ذهب مسرعا. وأضاف أن فكرة التحالف سواء لحمدين أو موسي أو أعضاء حب وطني منحل ليست ذات بناء سليم لأنها قائمة على القمة ليس القاع تحالف قائم على الأشخاص وليس الجماهير حيث لا يستطيع على سبيل المثال حمدين صباحي تكرار ما حصل عليه من مؤيدين في الانتخابات الرئاسية كما أن تحالف أعضاء الوطني المنحل يتوقف علي نقطتين رئيسيتين أولهما نظام الانتخابات، وثانيهما المواطن المصري وخياراته والتي أصبحت غير مطمئنة لأي فئة نظرا لارتفاع سقف الثقافة السياسية لديها بما يعول عليه عديد من الخيارات التي تعتبر مصدر قلق لتلك التحالفات. وفي معرض الحديث قال الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية أن كافة القوى الليبرالية والمدنية في مصر حصل على الدرس الفعلي من الانتخابات الماضية مما أستوجبهم التحالف حتي يستطيعوا مجابهة التيار الإسلامي خاصة حزبي الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي بعد الخسارة المعلنة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية حيث خرجوا منها بخفي حنين حيث اعتمد كل حزب وجبهة سياسية أن تجعل من نفسها زعيما وهذا سببا في خروجها بهذا الشكل. وأضاف صادق لابد أن تتحالف تلك القوى السياسية حتى لا يكون هناك هيمنة واضحة واحتكار للمشهد السياسي علي فصيل بعينه حتى تكون هناك عملية توازن بالمجتمع مستشهدا بالمجتمع الأمريكي حيث يكون الرئيس جمهوري والكونجرس ديمقراطي آو العكس كذلك الأمر في ألمانيا حيث التوازن السياسي المتوازي بما يحقق العملية الديمقراطية بأسماها لذا كان اندماج تلك الأحزاب وظهور أحزاب جديدة علي درجة من القوة تثري العملية الديمقراطية مثل التيار الشعبي بقيادة حمدين صباحي مرشح الرئاسة السابق وحزب " الدستور " بقيادة البرادعي والمؤتمر المصري برئاسة عمرو موسي وحزب الحركة الوطنية المصرية بقيادة المرشح للرئاسة السابق احمد شفيق والعضو البرلماني لمجلس الشعب السابق المنحل وغيرهما. فتلك الاتحادات والاندماجات سيكون لها الأثر الايجابي أكثر ما إذا انصرف كل حزب ومرشح من تلقاء نفسه لكن تلك الايجابية لن تكون بالقدر الكافي الذي تتمتع بها التيارات الإسلامية، مضيفا أن تلك التحالفات ستؤثر أيضا على التيار الإسلامي وقوته الشعبية ومقاعده البرلمانية لكن أيضا ليس بالقدر الكافي للتغلب عليه مستدلا بتلك التطورات المستقبلية وما أخفقت فيه الإدارة الجديدة من تحقيق مشروع ال100 يوم المثير للجدل إبان الانتخابات الرئاسية وكذلك مشروع النهضة الذي أصبح مجرد مشروع فكري بدلا منه عملي كما أشيع أيضا بالانتخابات البرلمانية السابقة. وأضاف صادق أن الأحزاب الجديدة ستكون أكثر فاعلية من تحالف "نواب الشعب" الذي أسسه اعضاء بالحزب الوطني المنحل نظرا لتمتع تلك الأحزاب الجديدة بدرجة عالية من الأيديولوجية والفعالية أكثر منها المصلحة الخاصة لهؤلاء الأعضاء. فعملية الحوار السحابي بين كافة الأطراف المدنية والليبرالية وعلى رأسهم صباحي وموسى والدكتور البرادعي من شأنه تحقيق اكبر قدر من الايجابية خاصة وان تلك السحابة العليا سيتم جمع أكثر من 60 حزب وحركة مقاربي الفكر والأيديولوجية باستثناء بعض الفوارق الطفيفة تستطيع في حصد على الأقل 50% من مقاعد البرلمان بغض النظر عن تواجد طرف ثالث وسط بين الجبهتين فكلتا الجبهتين ذات علاقة وطيدة بالغرب ولديهم القدرة علي الحشد بالتالي صعوبة تلك الانتخابات والتنبؤ بنتائجها إذا ما تحققت تلك الجبهتين. وطالب صادق الأحزاب اليسارية أن تنهض حتى تسهم في هذا العرس الديمقراطي والذي لا غنى عنه في المشهد السياسي حيث أرجح هذا الضعف لقوة اليمين الإخواني وضعف نقاط القوة باليسار المتمثل في التجمع بجانب الجهد المبذول للحزب الشيوعي المصري للعودة لهذا المشهد. في حين استنكر الدكتور عبد الخبير عطا أستاذ العلوم السياسية أي نجاح لأية تحالفات وان تخطت 60 حزب مدني وليبرالي تحت مظلة واحدة لان الأمر لم يصبح سياسي من الدرجة الأولي إنما هوية للمواطن المصري الإسلامي وهذا يكون خياره الأول؛ فانظر لكافة الدراسات الدولية من كافة أجهزة مخابرات الغرب والكيان الصهيوني تجدها جميعا تصب في صالح صعود الإسلاميون ليس في مصر وحدها فقط إنما من المغرب إلى اندونيسيا مما يشكل خطرا حقيقيا على الكيان الاستعماري الصهيوني وعلي ذلك فكرة صعود التيار الليبرالي وان تجمع تحت مظلة واحدة امرأ مستبعدا. فالواقع المصري ومشهده السياسي لم يصبح حكرا علي المجتمع المصري ومواطنيه وحدهم بل أصبح ساحة حوار رشيدة لكافة الهياكل الدولية لتتخذ منه مادة خصبة للدراسة والحوار، وللتأكيد على ذلك ففي عام 2006 أكدت دراسة لوزارة شئون حماية الجبهة الداخلية الإسرائيلية حقيقة الوضع أن التيار الإسلامي صاعد لا محالة بغض النظر عن أي اجتهادات ليبرالية أو مدنية.