فيما يمكن وصفه بالهدوء الذي يسبق العاصفة تحاول الأحزاب المتشابهة في أفكارها وبرامجها الاندماج تحت غطاء يكسبها القوة الكافية لمواجهة ما اطلقوا عليه التيار الإسلامي رغم انه لم يتحدد بعد موعد للانتخابات البرلمانية. ومن أبرز تلك التحالفات التي تسعي الي تغيير خريطة المنافسة في الانتخابات تحالف يضم التيار الثالث الذي أسسه المرشح السابق للانتخابات الرئاسية حمدين صباحي ويضم عددا من الأحزاب وحزب الدستور الذي يسعي الدكتور محمد البرادعي لأن يكون لاعبا أساسيا في المعركة السياسية المقبلة, أما التيار الثالث فيضم أحزاب المصريين الأحرار والجبهة الديمقراطية والتجمع وغيرها ومن أبرز التحالفات كذلك اعلان نحو29 حزبا ليبراليا وحركة سياسية تحالفهم في الاسكندرية تحت اسم التيار المدني الديمقراطي. ويقول الدكتور وحيد عبدالمجيد المتحدث باسم الجمعية التأسيسية للدستور: إن الأحزاب والقوي السياسية المدنية تشهد تحركات كبيرة وسريعة بينها تلك الاندماجات التي وصفها بأنها جزء بسيط من مشهد أشمل وأوسع, وليس المقصود بها فقط مواجهة حزب الحرية والعدالة في الانتخابات المقبلة ولكن لإضفاء نوع من التوازن السياسي الذي مازال غائبا. وقال ناجي الشهابي, رئيس حزب الجيل, إن زيادة عدد الأحزاب بعد الثورة أدي الي مشهد غير صحي, وان التحركات الجارية هي محاولات لتصحيح وضع خاطئ, وأنه لا يوجد في دولة تمارس الديمقراطية هذا الكم من الأحزاب التي وصفها بالورقية, مشيرا الي ان تلك التحالفات لن تنجح إلا إذا اتفقت علي هدف واحد. وأكد الدكتور ممدوح حمزة, الناشط السياسي, أن تجميع الأحزاب ودمجها في كيانات أكبر حجما وأقل عددا سيكون مفيدا للحياة السياسية, محذرا من تكرار الأخطاء التي حدثت عقب الثورة من هرولة الجميع وراء المصالح الضيقة, وطالب بأن تتم تلك الاندماجات بشكل, سريع, وأن يتفق الجميع علي الهدف وليس الشكل, وان فشل تلك التحالفات قد يؤدي الي نتائج عكسية. وتشهد كواليس العمل السياسي والحزبي في مصر محاولات نشيطة لتشكيل أربعة كيانات حزبية جديدة سواء عبر الاندماج أو التحالف السياسي وليس الانتخابي فقط, وتتزايد وتيرة تلك الجهود مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي وإجراء انتخابات برلمانية جديدة قبل نهاية العام الحالي. وتشهد جميع القوي والتيارات السياسية بما فيها الأحزاب الاسلامية حاليا تحركات أو مبادرات أو حتي نقاشات داخلية حول ضرورة التوحد والاندماج مع الأحزاب التي تتشابه معها في اللون السياسي والخط الايديولوجي أو الموقف من بعض القضايا مثل مدنية الدولة أو تطبيق الشريعة أو العدالة الاجتماعية ومساندة الفقراء. المحاولة الأولي, يقودها الأمين العام السابق للجامعة العربية والمرشح الرئاسي عمرو موسي وتستهدف تشكيل تحالف الأمة المصرية بمشاركة بدت متحمسة من حزب الوفد لكن الحماس الوفدي مالبث أن تراجع, لدرجة أن الحزب أصدر بيانا أعرب فيه ضمنيا عن الامتعاض من خروج الرئيس الشرفي للحزب عمرو موسي عن الإطار المتفق عليه وفديا, ووصل الأمر الي دعوة الهيئة العليا للحزب والحكومة الموازية لمراجعة موقف حزب الوفد من هذه المبادرة. ويتوقع خبراء أن ينسحب حزب الوفد من تحالف الأمة المصرية عقب اجتماع الهيئة العليا والحكومة الموازية يوم الأحد المقبل, حيث كشفت مصادر وفدية النقاب عن رفض رئيس الحزب الدكتور السيد البدوي فكرة الاندماج بين الأحزاب الليبرالية تحت أي راية أخري سوي راية الوفد وتحت مظلته واسمه. ويوجد اتجاه للاندماج بين حزب غد الثورة بزعامة الدكتور أيمن نور من ناحية, وحزب الجبهة الديمقراطية الذي يرأسه محمد السعيد كامل من ناحية أخري علي أن يتم اختيار عمرو موسي رئيسا للكيان الجديد المقترح تسميته باسم حزب المؤتمر المصري علي غرار حزب المؤتمر الهندي. ويشارك في مفاوضات تشكيل تحالف الأمة المصرية بزعامة عمرو موسي حزبا المواطن المصري, ومصر القومي وعدد من الأحزاب والشخصيات العامة الأخري التي تستهدف تشكيل كيان حزبي جديد وصفه عبدالغفار شكر وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي ونائب رئيس المجلس القومي لحقوق الانسان بأنه سيكون حزب الرأسمالية المصرية في الاقتصاد والليبرالية في السياسة. وأكد الدكتور عمرو حمزاوي رئيس حزب مصر الحرية وعضو مجلس الشعب السابق أن التحالفات الجديدة للأحزاب المدنية والليبرالية هي محاولة لإيجاد تيار قوي سياسيا في مواجهة تيار الاسلام السياسي ليس بغرض الإثارة أو الاستعداء وانما لتحقيق المصلحة الوطنية من خلال منافسة شريفة وفق قواعد نزيهة وصولا لديمقراطية حقيقية بعيدا عن احتكار وسيطرة فصيل سياسي واحد, مشيرا الي ان طريق التحول الديمقراطي الصحيح لابد وأن يمر بأساسيين هما دستور جيد ومنافسة قوية.