بعدما استطاع التيار الإسلامي، الممثل في حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وحزب النور السلفي، حجز مقاعدهم كأغلبية أسفل قبة البرلمان، راحت باقي الأحزاب السياسية الأخرى تدرس مجموعة من الحلول لمواجهة هذه الأغلبية، التي أعادت للأذهان ثقافة ومنظومة الرجل الواحد، التي كان يتبعها النظام السابق، ممثلا في "الحزب الوطني" صاحب الأغلبية الدائمة، فطرحوا جملة من السيناريوهات، كان من ضمنها سيناريو "الإندماج" لتشكيل كيان قوي قادر على المنافسة مع هذه الأغلبية الإسلامية الساحقة، التي تنذر بغبهم لهم فيكافة الانتخابات، سواء البرلمانية أو الرئاسية أو حتى انتخابات المحليات والنقابات واتحادات الطلبة بالجامعات أيضًا. كان آخر الأحزاب الذين أعلنوا اعتزامهم الإندماج في كيان واحد، هما اثنين من كبرى الأحزاب الليبرالية على الساحة الآن، وهما الحزب "المصري الديمقراطي الإجتماعي"، والذي يترأسه الدكتور محمدأبوالغار، وهو الحزب صاحب المركز الرابع في سباق الانتخابات البرلمانية بنسبة 3.15% خلفًا للحرية والعدالة والنور والوفد، وهو الحزب الذي يتزعمه مجموعة من كبار الشخصيات المصرية على الساحة ومنهم الدكتور حازم الببلاوي، وعماد جاد، وداوودعبدالسيد.. أما الحزب الثاني هو حزب "العدل" وهو من أقوى الأحزاب الليبرالية، على الرغم من كونه لم يكن لها حظًا وفيرًأ بالانتخابات البرلمانية الأخيرة التي حصل فيها على نسبة 0.19% فقط. برر أحمد صقر عضو مؤسس حزب العدل فكرة الإندماج، والتي تدخل في مراحلها الأولى الآن، بمحاولة توحيد رؤية وآراء كليهما في البرلمان وعلى الساحة السياسية، وخلق كيان أكبر، فضلا عن استخدام ما لدى كل حزب من كوارد شرية ذات خبرة علمية كبيرة بشكل جيد على الساحة. من جانبه، قال محمد كمال، أحد مؤسسي الحزب المصري، إن الأحزاب في مصر تواجه إشكاية خطيرة وهوي إشكالية التمويل، بما يجعل بعضها غير قادر على المنافسة، خاصة أن المانفسين من التيار الإسلامي لديهم مصادر تمويل هائلة، لثقلهم على الساحة، وكثرة مؤيديهم، وبخاقة جماعة الإخوان المسلمين، بما يفتح الباب أمام المشكلات والضغوط أمام تلك الأحزاب الجديدة، وبذلك يكون حل الإندماج في كيانات كبيرة حل مفيد لتلك الأحزاب، ولمصلحة الوطن أيضًا، بما يثري المنافسة على الساحة، ويعمق من الحياة السياسية، ولا يتم تهميش تيار أو فصيل سياسي عن آخر. ويأتي اندماج حزبي المصري الاجتماعي والعدل، كثالث إندماج قوي بالساحة السياسية الآن، عقب تحالف أو إندماج حزب الإصلاخ والتنمية (الذي ان يترأسه أنور عصمت السادات) مع حزب مصرنا برئاسة رامي لكح، تحت مظلةٍ شرعيةٍ موحدة باسم "حزب الإصلاح والتنمية-مصرنا"، وهي أول عملية اندماج بين الأحزاب على الساحة، فتحت الطريق لكافة الأحزاب لاتباع هذا النهج في مواجهة الأغلبية الساحقة من التيار الإسلامي، وكمحاولة لتشكيل كيان كبير يضمن الاستمرارية. كما أن حزب الريادة اندمج مع حزب "مصر المستقبل" الذي أسسه الداعية الإسلامي عمرو خالد، لتشكيل كيان أقوى بدل من حزبين صغيرين، بما يضمن لهما المنافسة. أشاد د.محمد حبيب، نائب مرشد الأخوان المسلمين السابق، والمنشق عن الجماعة الآن، بفكرة التحالفات الحزبية، مؤكدًا أن مصر عقب الثورة ظهرت فيه العديد من الأحزاب الصغيرة والكبيرة، وأن الساحة ستفرز أثقلهم وأنفعهم للاستمرار، فيما يضطر آخرون للإنسحاب لعدم قدرتهم على المنافسة، بما يجعل الاندماج حل أفضل يضمن استمرارية تلك الأحزاب، ومقدرتها على المنافسة العملية على الساحة السياسية الآن، خاصة أن المعركة تشتد وتحتد بين الفصائل المختلفة خلال الفترة الحالية. وللمفارقة، فإن حمى الإندماجات لم تشهدها الساحة السياسية المصرية فقط الآن، بل شهدتها تونس أيضًا، والتي راحت الأحزاب فيها تندمج وبعضها البعض في مواجهة حزب "النهضة الاسلامية"، من أبرز تلط الاندماجات، إندماج المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات.