كتب - ربيع السعدني وعائشة زيدان أكدت إحصائيات للبنك المركزي المصري أن ديون مصر بلغت نحو تريليون وثلاثمائة وإحدى وسبعين مليار جنيه، داخلياً وخارجياً، وقالت الإحصائيات أن الدين الداخلي يقدر بحوالي تريليون جنيه وفي عام 2007 كان الدين الداخلي يمثل 85% من إجمالي الناتج المحلي وهي نسبة أعلى من نسبة الدين الداخلي الآمن للشعوب المتفق عليها دولياً وفقاً لمعاهدة ماستريخيت الدولية التى تنص على ألا يزيد الدين الداخلي عن 60% من الناتج المحلي. كما تمثل أموال المعاشات المحفوظة لدى البنك الوطني للتنمية 40% من مصدر الديون الداخلية للدولة المصرية وتعتبر خدمة الديون الداخلية والخارجية (من دفع القيمة الأساسية للدين وفوائده سنوياً) من أعلى بنود الإنفاق في ميزانية الدولة، وما تنفقه مصر على فوائد الديون وحدها يساوي مجموع الإنفاق الكلي على الصحة والتعليم ودعم السلع التموينية. أكدت مصادرنا أن ما يتحمله دافع الضرائب المصري من فوائد الدين العام قد زادت من 36,8 مليار جنيه عام 2005/2006 لتصل إلى 106,3 مليار جنيه في العام المالي الحالي. فيما قالت المصادر أن بعض الديون تكون مشروطة باتباع سياسات بعينها تفرضها الجهات الدائنة، وبعضها غير مشروط وإن كانت علاقة الاستدانة بشكل عام تقلل من حرية الطرف المستدين فى التصرف فى شأنه الخاص، نظراً لالتزامه بسداد الدين كأولوية أولى. وكشفت المصادر أن الديون الخارجية تختلف في أشكالها، فمنها ما يصرف في شكل أموال سائلة تضخ في ميزان مدفوعات الدولة ومنها ما ينفق على مشروع ما كما تختلف أيضاً الفائدة على الديون و فترة سدادها و معايير إنفاقها من دولة لأخرى و من مؤسسة لأخرى، والدين الداخلي يتمثل في مديونية الحكومة لأطراف داخلية كالبنوك التجارية أو الشركات الخاصة بمختلف أنواعها أو حتى لرجال أعمال أو أطراف داخلية أخرى وتكون هذه الديون في شكل سندات وأوراق مالية تصدرها الحكومة وتشتريها الأطراف المختلفة وبذلك يكون الدين الداخلي بالجنيه. وفي المقابل لا يعرف الشعب عادة سوى القليل عما يتم بإسمه عندما تتعاقد الحكومات على الديون التى لم يكن الشعب مسئولاً عن قرار استدانتها ولا طرفاً في تحديد أوجه إنفاقها، كما أن الدين الخارجي يستخدم كوسيلة من الحكومات الشمالية والمؤسسات المالية للسيطرة على البلدان الجنوبية وسبيل لمنع تبني نماذج اقتصادية ديمقراطية بديلة تغير من العلاقات الهيكلية للعدالة الاجتماعية في البلاد. ونرى هذا بوضوح في تجربة اقتراض الدول من صندوق النقد والبنك الدوليين في التسعينات ومدى ارتباطها بتنفيذ برامج التكيف الهيكلي التي أملت سياسات(من الخصخصة إلى التحرير الكامل للأسواق إلى تقليص الإنفاق الحكومي وتشريد العمالة) التى أفقرت دولاً كثيرة في العالم الثالث. أما في حالة البلاد غير الديمقراطية فإن الدين يصل للأنظمة الدكتاتورية الغارقة في الفساد والسرية عن طريق قروض تتضمن فساد (كإثراء الديكتاتور وأبنائه)، أو قروض لتمويل مشاريع لم تعد بفائدة على الشعب( مثل توشكى، فوسفات أبوطرطور، حديد أسوان وغيرها)، بل وأسوأ من ذلك أضرت بهم (أكثرها وضوحًا مبيعات الأسلحة فى صورة غاز مسيل للدموع مثلا أو بنادق القناصة التى اغتالت الشهداء) أو مشاريع لم تنفذ في الواقع، أو تمويل مشروعات تنموية لكنها مشبعة بالممارسات الفاسدة (في تخصيص الأراضي والتعاقدات مع الشركات مثلاً)، أو قروض قائمة على تنبؤات أو تحمل معدلات فائدة ابتزازية، أو قروض دمرت البيئة.