أثارت تصريحات وزير العدل الأخيرة حول قانون الطوارئ غضب الناشطين السياسيين والثوار بالإضافة إلى إثارة جدلاً واسعاً بين الخبراء السياسيين والقانونيين، حيث اعتبر البعض أن مجرد الحديث بعد إلغاء حالة الطوارئ التى دامت 30 عاماً، هو محاولة إنتاج كيان آخر شبيه لنظام مبارك، وأتهم البعض جماعة الإخوان المسلمين بخوفها من إنقلاب الشعب عليها وانها تحاول تقييد معارضي الرئيس والسلطة والإخوان. وبالرغم من تأكيد وزير العدل المستشار "أحمد مكي" فى وسائل الإعلام المختلفة أن الرئيس محمد مرسي لن يصدر قانون الطوارىء مادام الشارع منقسماً بشأنه ، وأن بقاء قانون الطوارىء بشكله الحالي كارثة وبالرغم من ذلك لا يمكن الإستغناء عنه، ولهذا طرح مشروع القانون الجديد للطوارئ لمواجهة مظاهر الإنفلات الأمني في الشارع، وسيتم وضع رؤية لمعالجة عيوب القديم حتى يتم تطبيقه في حال إعلان حالة الطوارئ. وفي أولى ردود الفعل أصدرت لجنة الحريات بنقابة المحامين يوم، الخميس، قرار برفضها لمشروع قانون الطوارئ الذى يطرحة "مكي"، موضحة موقفها بأن كلمة الطوارئ تقيد حرية الشعب ، وأن طرح هذا القانون غير مناسب في هذا التوقيت، وأضافت اللجنة بإنه إذا كان هناك ضرورة لتعديل مواد القانون فلابد أن يقره مجلس شعب منتخب، وهذا غير موجود الآن. ومن جانبه قال المستشار سمير جاويد أن قانون الطوارئ يجب أن يتم من خلال مجلس الشعب ، وأوضح أن طرح هذا القانون فى هذا التوقيت ربما يكون مناسباً ،حتى يتم وضع بنود ومواد تخصه فى الدستور بما يتناسب بعد ذلك مع الوضع الدستورى للقوانين، حتى لايتم الطعن عليه دستورياً. وأكد "جاويد"أن كلمة "الإضطرابات" كلمة مطاطية لا توضح معنى إعلان حالة الطوارئ خلالها فهى قد تعبر عن الثورات أو المظاهرات أو الاحتجاجات أو أى شئ آخر. وطالب بأن تكون بنود القانون واضحة وبها تفاصيل تسمح بمعرفة ظروف وحالات إعلان حالة الطوارئ من الرئيس خاصة بما يخص الإضطرابات بما لايدعو للإلتباس. وفى نفس السياق أكد الدكتور أحمد رفعت أستاذ القانون، أنه لايمكن تطبيق قانون الطوارئ إلا بموافقة مجلس الشعب، كما يجب أن يوافق ثلثي المجلس على إعلان حالة الطوارئ بالبلاد، ويجب عليه ان يناقش حالة الإعلان ويحدد الفترة الزمنية والمنطقة التى تطبق فيها ، وذلك لكي يتم تفعيل حالة الطوارئ وإستمرارها أو منعها وإيقافها. وعن قانون الطوارئ فى حد ذاته قال رفعت أنه قانون إجرائي يحدد للسلطات المختصة ماذا تفعل فى الحالات التى تحتاج لإعلان الطوارئ، لذلك يجب تفصيل بنود القانون وتحديد الظروف الواجبة لذلك، ولا نتركها للتفسيرات أو للتعميم. وأضاف أن إعلان حالة الطوارئ يقيد الحريات العامة ويفرض ظروف مشددة ،لذلك لابد أن نوضح أسباب حقيقية وواقعية ، وأن يكون هذا القانون متوافق مع الدستور. ونفى رفعت أن يتم استخدام كلمة الإضطرابات فى تفعيلها على المظاهرات أو ماشابه فى حالات الطوارئ، مؤكداً أن للفرد حق التظاهر والإحتجاج وفقاً لأراءه ولكن بطريقة سلمية، ولكن قد يتم تطبيقها فى حالة تخريب المنشآت والمؤسسات أو إقتحام أماكن السلطة وما إلى ذلك. وقال أن القانون القديم للطوارئ شابه عيوب كثيرة، وتم تطبيقه لمدة 30 عاماً فى ظل حكم نظام مبارك دون أسباب واضحة ومنطقية، ويجب تلافى ذلك فى تعديلات القانون الجديد. ووافق المحامي الدكتور صلاح صادق أنه لابد من ترتيب أولويات إعلان حالة الطوارئ، وأن تكون محددة المعالم والتفاصيل بما لا يدعو للشك أو التلاعب، وأكد أن كلمة إضطرابات هى كلمة مطاطية تسع جميع الحالات ويمكن تطبيقها على أى شئ من السلطة الحاكمة. وأوضح أن قرار رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ فى حالتي الحروب والكوارث مفهومة ومعروفة بينما كلمة أضطرابات تدعو للتسائل حولها. وأكد صادق أن يجب مناقشة إعلان حالة الطوارئ بمجلس الشعب على وجه السرعة حين يقر الرئيس بها، لكي يتم مناقشة وافية حول ظروف البلاد وتحديد المدة الزمنية لتطبيق تلك الحالة منعدمه. وأضاف صادق أن عدم وضوح القانون وتفاصيل إعلان حالات الطوارئ يتنافى مع سبل تحقيق الديموقراطية بكل دول العالم، وأكد أنه يجب وضع مادة فى الدستور لا تحتوى اللبس عن حالات إعلان الطوارئ بالبلاد، ويجب على المشرع وضع تفاصيلها بوضوح. وبالرغم من أن قانون الطوارئ يهابه المخالفين للقانون، ويرفضه الناشطون السياسيون، ويتجادل حوله المحامون والقانونيون، إلا أنه يظل حاجة مجتمعية فى ظروف الخطر والكوارث والحروب.