لا أحد ينكر أن القائمين على إدارة المنشآت المالية بصفة عامة والبنوك وشركات التأمين بصفة خاصة يعلمون أنهم قادمون إلى مرحلة تختلف شكلا وموضوعا عن كل الأنظمة السابقة . مرحلة تهدف إلى أسلمة الأنظمة المالية مما دعى كثير من البنوك في السوق المصري تكثيف إهتمامها في البحث عن أنظمة تتناسب والفكر الديني الجديد ومحاولة دراسة بعض أوجه الخلافات بين النظم الحالية والشريعة الإسلامية والقضاء عليها . أما عن قطاع التأمين فالشركات التي تمارس نشاط التأمينات العامة كالسيارات والطيران والهندسي ......الخ لا تعارض بينها وبين الشريعة الإسلامية أما عن نشاط تأمينات الحياة يمثل نوعا مستحدثا من المعاملات التي لم تكن معروفة في صدر الإسلام ، فإنه لم يأتي بشأن عملياته نص صريح في القرآن والسنة الشريفة كما لم يتعرض له أي من الفقهاء الأوائل. ويستند الفقهاء الذين يميلون إلى تحريم عقود التأمين التي تبرمها شركات التأمين التجارية إلى المبررات التالية : 1- إحتوائه على جهالة وغرر من النوع المنهي عنه 2- فيه شبهة قمار 3- فيه ربا ويحتوي على شروط فاسدة 4- فيه التزام ما لا يلزم 5- فيه أكل لأموال الناس بالباطل 6- لا توجد ضرورة توجبه 7- العقود الجائزة في الإسلام وردت على سبيل الحصر وليس من بينها عقد التأمين 8- في التأمين إنكار وتحد للقضاء والقدر ويتنافى مع التوكل على الله وبالرغم من صدور بعض الفتاوى التي تجيز التأمين على الحياة بإعتباره عقد مبني على مبدء وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان وكذلك مبني على التكافل والمشاركة في الأخطار إلا أن جمهور المستأمنين يخضعون لبعض أراء دعاة المساجد الغير مؤهلين بعلوم الاقتصاد والذين يحرمونه على الإطلاق وكذلك ماوقر في صدر المستأمنين من وجود بعض المنتجات تحمل أسم التعاوني والتكافلي ماهو إلا مجرد أسماء ولافتات ولكن سلة الإستثمار واحدة بين التعاوني والتجاري مما يثير الشبهة. وهناك إتجاه ثان يدعو إلى إباحته بصورة مطلقة ويعتمدون في حكمهم بذلك على مايلي : 1- أنه عقد مستحدث لم يتناوله نص خاص ولم يشمله نص حاظر والأصل في العقود والشروط هو الجواز والإباحة 2- نظم الحياة المعاصرة والمعقدة في حاجة إلى هذه العقود 3- إنه يمكن قياسه على عقود أو نظم معروفه في الفقه الإسلامي وللحفاظ على هذه الصناعة في ظل متغيرات السوق نرى ضرورة جلوس رجال الدين والاقتصاد على مائدة واحدة للتوصل إلى رأي موحد في شرعية التأمين على الحياة والبحث عن أرضية مشتركة يمكن الإنطلاق منها لتضييق شق الخلاف القائم والتركيز على النقاط محل الخلاف لإيجاد حل لها حيث أن الخلافات يمكن تلخيصها في ثلاثة أنواع : النوع الأول : يمكن تخليص العقد منها دون أن يترك ذلك تأثيرا يذكر مثل تقاضي فوائد ربوية في حالة تأخر العميل عن السداد النوع الثاني : إعتراضات تدخل في دائرة الأمور المختلف عليها بين الفقهاء أنفسهم مثل الخلاف الشديد القائم بخصوص موضوع المقامرة والرهان من حيث وجودهما من عدمه في عقد التأمين ونوعية الغرر الذي يحويه العقد وهل هو من النوع اليسير الذي يغفر له أو الكبير المنهي عنه النوع الثالث : إعتراضات لا يمكن التجاوز عن وجودها ويدخل موضوع الربا في هذا النوع والواقع أنه لايوجد من الناحيه الفنية ما يمنع على الإطلاق من تنقية عقد التأمين على الحياة من كل ما يوجه إليه من إعتراضات شرعية فضلا عن دور اللجان المتخصصة بالإتحاد المصرى للتأمين في تعديل النواحي الفنية وكذلك دورها في الوعي لدى جمهور المستأمنين لفهم عقد التأمين ومدى شرعيته والفتاوى الشرعية في هذا الصدد وأهميته كنوع من التعاون على البر والتقوى.