هو...أديب من طراز رفيع ، استطاع أن يقدم تجربة روائية فريدة من نوعها استلهم فيها التراثين المصري والعربي، وكان معارضا شديدا للنظام السابق، ممسكا بسقطات النظام الحالي، تحدثنا معه حول المشهد السياسي، وإلى أين يتجه في الفترة القادمة .. هو الأديب جمال الغيطاني واليكم نص الحوار. -كيف ترى الوضع في مصر حاليا ؟ وإلى أين يتجه؟ أولا أؤكد علي إحترامي لجماعة الإخوان كجماعة دعوية تدعو إلي الإسلام وأحترم تاريخهم ولكن أعترض على استيلاءهم على حكم مصر، ومع هذا الاستيلاء تمر مصر بأخطر لحظة في تاريخها الحديث على الإطلاق ويرجع السبب في ذلك هو وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى حكم مصر وصولا لا يشبه أي حزب سياسي عرفته مصر سواء أكان حزب الوفد والاتحاد الاشتراكي أو حتي الحزب الوطني ، حيث كانت تقوم هذه الاحزاب وتسقط عن طريق الانتخاب. -هل تحكمت الظروف الداخلية لمصر في صعود الإخوان؟ جاء صعود الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي عموما بعد فشل ثورة يناير نتيجة ظروف ليست داخلية في مجملها وإنما خارجية أيضا بسبب قرارات الأمريكان بتولي الحركات الاسلامية لمقاليد السلطة، واتضحت تلك القرارات بتصريحات المسئولين كما أن وصول الإخوان كجماعة لها اتجاه أيديولوجي مغاير للقوى السياسية يضع مصر في مأزق خطير لأنهم لم يصلوا للسطة ليتركوها مرة أخرى. -هل الدولة المدنية متجذرة في الواقع المصري؟ عرفنا الدولة المدنية الحديثة على يد محمد علي، تلك الدولة التي جمعت بين الحداثة والمحافظة على تراث الشعب المصري الذي يظل الدين جزء منه ذلك المفهوم الذي اختلف عنه الإخوان فانحصرت رؤيتهم في تدخل الدين في كل حياتهم اليومية وأنا أعترض على ذلك لأنه بمثابة الإحتلال في ظاهره استبدال هوية الدولة إلى دولة أخرى طامسة معالمها. -ما رأيك في اختيار رؤساء الصحف الجدد؟ أعترض عليه بشدة وما حدث هو تأكيد على أن جماعة الإخوان المسلمين لا تمتلك كوادر ولا خبرة في الإدارة، وبهذا ساروا على نفس خطى مبارك مع زيادة اشتراط تقديم المرشح لرئاسة التحرير سيرة ذاتية "c.v" حتى يتم من خلاله تحديد قبوله أم لا، وهذا ما جعلني أشعر بالإهانة للصحفي وللصحافة كلها، فلو كان مصطفي أمين حي يرزق ورأى ذلك كان قرر أن يجلس في بيته معززا مكرما على أن يهينه أحد، بالإضافة إلى قيام نقيب الصحفيين إلى بعض التجاوزات ودعوات بعض "أصحابه" إلى التقدم للترشح مثبتا بأنه بذلك يعمل لمصلحة الجماعة وأعضاءها وليس مصلحة مصر، والأدهى من ذلك كله ان الإختيارات كانت معظمها صحفيين أعضاء في حزب الحرية والعدالة غير أكفاء مهنيا وكان الهدف واضح وصريح وهو "السيطرة على الاعلام". -ماذا مثلت "الحارة" لنجيب محفوظ مصر؟ الحارة لدى نجيب محفوظ هي العالم فقد لخصت الحارة عبقرية نجيب محفوظ من خلال الوصف الدقيق وتنبؤاته التي نراها يوما بيوم بعد وفاته، فالحارة بها مسلمين وأقباط ويهود ولا زال هناك 300 يهودي يعيشون بمصر وأرى أنه من الخطأ خروج اليهود من مصر وسفرهم لبلدان أخرى لأنهم لون من ألوان الشعب المصري الذي لا نستطيع طمسه. وأود أن اقول أن لنجيب محفوظ فلسفة ورؤية للزمان والمكان حيث تربي في حارة قاهرية وهي درب هرمز وتعامل مع هذه الحارة من خلال عدة مستويات ثم حولها إلى اولاد حارتنا ثم أصبحت الحارة رمزا للبشرية والكون لتتحول إلى أسطورة نراها في الحرافيش. -هل في الحارة...فتنة طائفية؟ لم تكن موجودة من قبل وإنما ظهرت الآن نتيجة للتعصب الديني وستزيد ف الأيام القادمة نظرا لوجود تيار يحكم لا يؤمن بحقوق الأقباط ,وكنت أتمنى أن يأتى قبطي في المجلس الرئاسي دون ضغط من أحد بل إيمانا بوجودهم ودورهم الاجتماعى ولكن الأحداث تشير إلى مدى صعوبة وضع الأقباط حيث هاجر العديد من الأقباط والآن من المسلمين أيضا -وهل يمكن تلون الحارة باللون الإخواني؟ بالتأكيد وقد تنبأ نجيب محفوظ بذلك . -إحالة الصحفيين للتحقيق ..كيف تراه؟ إحالة الصحفيين للتحقيق وحبسهم نوع من تكميم الحرية واستنكر حدوث هذا بعد الثورة فلم يقم مبارك أبدا بحبس أحد وكان للجميع حق النقد فوجدنا عبد الحليم قنديل ناقدا في مقالاته وأيضا ابراهيم عيسي ، ولم يحدث ما حدث مع اسلام عفيفي من حبس دون تحقيق وهذا سيظل سقطة في تاريخ القضاء المصري. كما أن التدخل المسرحي الذي حدث في نفس اليوم من إلغاء قرار حبس الصحفيين كان الهدف منه فقط تهدئة الرأي العام وتدعيم الرئيس وأري انه كان عليه منذ البداية إلغاء حبس الصحفيين والتأكيد علي الحرية ...ولكن كيف أطلبه بإطلاق مفهوم الحرية وهو نفسه عضوا بجماعة تعترض علي الحرية وبناءا على ذلك أرى أن وضع الصحافة تنتظره حقبة سوداء مع استمرار حكم الإخوان المسلمين. -لقد عملت مراسلا حربيا لفترة .. في رايك ماذا حدث للجيش؟ أنا من اكثر المدافعين عن الجيش ومازالت ولكن أذهلنى السهولة التى تمت بها عزل المشير ورئيس الأركان فخروج المشير بهذه الطريقة إهانة له بعد خدمته الطويله لمصر وأعتب على المشير أنه بعد ثورة يناير سمح للتيار الإسلامي والاحزاب الدينية أن تكون على الساحة السياسية، مثل جماعة الإخوان وحزب النور وتلك الجماعة التى رأسها طارق البشرى لوضع المبادئ الدستوريه ومعه صبحى صالح وهؤلاء لا خلفيه سياسية لهم لدرجة حكم مصر. -الجمعيه التأسيسية للدستور ماذا تتوقع لها ؟ لا اتوقع لها خير وإن اكتملت فالنتيجة هو خروج دستور يكرس مفهوم الدولة الدينيه وهذا هو حلم الإخوان. -أسمك كان يتردد مؤخرا لمنصب وزير الثقافة .. لماذا اختفى؟ فيما يتعلق بمسألة وزارة الثقافة فكان آخر ماتوليته من وظيفة عامة هى رئاسه تحرير أخبار الأدب وبعدها كان لدي حلم التفرغ التام للأدب ثم حدثت ثورة يناير فتفرغت للمقالات ولكن مع ما يحدث اليوم فلا أثق فى غدا ولا أظن سماع اسمي مرشحا لمنصب آخر فى عهد الإخوان لإنى معارضا وسأظل كذلك مقتنعا برؤيتى ومتمسكا بموقفى ولن اتغير.