كتب - نادر حسين وربيع السعدني ونجوان إسماعيل ونورهان طمان 12 ألف زبال فى القاهرة و35 ألف عامل نظافة وافدين من المحافظات، مجمل كتيبة رفع تلال القمامة في العاصمة وحدها، لكن هل تحسنت الاوضاع، هل قضينا على مشلكة القمامة بهذا الكم الكبير من الزبالين وعمال النظافة، والاجابة "خيبة أمل كبيرة" بعد أن تفرغ معظمهم لبزنسهم الخاص وتحولوا إلى "زبالين دليفرى" مهمتهم نقل القمامة من بيوت الاحياء الراقية مقابل أجر وإكرامية ونسوا على الجانب الاخر الأحياء الفقيرة والعشوئيات الغير قادرة على منح الهبات والاكراميات . ابشاي رزق الله شاب مصري في عقده الرابع، يسكن بحي منشية ناصر بمدينة نصر يعمل في جمع الزبالة من البيوت والشوارع من 6 صباحا حتي منتصف الليل، رزقه الوحيد هو جمع الزبالة هو وزوجته وأولاده الثلاث منذ ما يزيد علي خمسة عشرة عاما. حياته كلها في الشارع والتلفزيون لا يتفرج عليه لأنه لا يمتلكه من الاساس كما يقول "يادوب أتعشي وأنام ويمكن كمان أستحم وأنام من شدة التعب"، يتحصل يومياً علي عشرين جنيها له ولعائلته الصغيرة، يسير وفقا لمبدأ "علي قد لحافك مد رجليك" لا تفرق معه أمور السياسة وصراعات القوى الحزبية وانتخابات البرلمان أو الرئاسة بحال من الاحوال. شغله الشاغل لقمة العيش وصندوق الزبالة ويطلب رزق الله من الرئيس أيا كان انتماؤه وجماعته أن يسوي العدل في مصر وينشر المواطنة بين المصريين ولا يفرق بين مسلم ومسيحي ثم يتراجع قليلا ويشير بإصبعه قائلا"مبارك كان راجل كويس أي نعم سرق ناس كتير لكنه في الآخر "كان مريح المصريين" ثم قال عن سجنه "لا أنا ولا أنت نقدر نحاسب العالم دي، الله يسهللهم ربنا وحده القادر عليهم بأن يبتليهم بمرض ما يقوموا منه". محمد عواد لا يختلف كثيرا عن ابشاي رزق الله فرغم أنه خريج تجارة دفعة 2010 إلا أنه لم يتحمل الحياة بين أربعة حيطان لأكثر من عامين فخرج بحثاً عن وظيفة يجد فيها ذاته ويسد بها رمقه بدلا من انتظار مصروفه من أسرته ، لكن الحظ لم يحالفه إلا بمهنة "عامل نظافة". وطالب "عواد" الرئيس محمد مرسي أن يراعي الله في البلد وألا يكون بتاع نفسه وان يوفر فرص عمل للشباب العاطل اللي مش لاقي شغل، قائلا "مصر عمرها ما هترجع زي زمان ورغم إن المخلوع كان واكلنا بس كنا عايشين في أمان واستقرار" ورغم ذلك يؤكد "عواد " أنه لا يحب السياسة ووجع القلب لأن كل اللي " يسوا واللي ما يسواش بقي يرطُن بالسياسة وبالتالي فإن العملية زاطت" بحسب عواد . يذكر ان "عواد" له أكثر من أكاونت وصفحة علي الفيس بوك بإسم "أمير الاحزان والعفريت يا كابتن"، ويمارس هواية الشات والكتابة على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي وتناقل الصور مع أصدقائه وحينما سألناه عن أخر ما كتبه علي الفيس بوك فأخذ دقيقة في التفكير بينه وبين نفسه ثم قال "إذا جرحت وعذبت يحبوني وإذا اتجرحت واتعذبت ينسوني، بناقص معرفة الناقص". وقبل أن نتركه صبّ أمير الأحزان جام غضبه علي مسؤولي النظام الحالي والسابق قائلاً: "كرهت كل حاجة في البلد وزهقت من ريحة زبالتها ونفسي أسيبها وأمشي لأي مكان في العالم ولو كانت إسرائيل"، لكنه في النهاية قال "بصراحة الواحد لما بيستحمي بيفوق". وفي شارع عباس العقاد ألتقينا محمود محمد أحمد الذي يعمل في جمع الزبالة منذ أكثر من عشرة أعوام من السادسة صباحاً حتى غروب الشمس وهو من أكثر الشخصيات التي تعشق الحديث في السياسة قبل الثورة وبعدها حتي إن أقرانه أطلقوا عليه لقب "ميدو مشاكل" من كثرة ما يسببه لهم من مضايقات أمنية. يقول "ميدو مشاكل" إنه "يحب المشير "طنطاوي" لأن دماغه أكبر من دماغ الشعب الذي لا يستحقه ولا يسمع كلام المعارضين التافهين وصاين البلد من اسرائيل والأمريكان الكفرة، ربنا يكون في عونه ويقويه ويعينه علي المصريين وعلي الأيام اللي جايه" ثم ذكرته أنه سلم السلطة للرئيس الجديد المنتخب ورحل فرد علي غاضبا "غصباً عن الشعب هيفضل القائد الأعلي للقوات المسلحة" ثم أكد أن عمرو موسى هو الرئيس القادم لأنه "أستااااذ وخبرة وابن البلد وأكبر من الرئيس المخلوع والعبرة ليست في السن إنما في التنفيذ". وقال مظهر حبيب عامل نظافة بشركة "هوم سيرفيس" بالقاهرة :"اللي بيشيل قربه مخرومة بتخور علي دماغه" وتابع مظهر أنه من الصعوبة بمكان أن تغيير عقيدة شعب مصر وكل ما فعلته الثورة أنها منحت مزيداً من الحرية للمصريين ولكن أسوأ ما في الثورة إنها نزعت الامان من الشارع المصري وفي الفترة الأخيرة نجحنا فى تأسيس نقابة للزبالين، وترخيص حوالى 720 ورشة لإعادة تدوير المخلفات، وتأسيس 19 شركة نظافة جديدة مصرية، أملا فى اعتراف الحكومة بها وفسخ عقود الشركات الأجنبية التي لا تسعي للنظافة بقدر سعيها للربح فقط. ويضيف حبيب أنه يكره الإخوان والسلفيين بصورة كبيرة بعد الاداء الهزيل الذي قدموه تحت قبة البرلمان ولم يتخيل أن يحكم مصر أم الدنيا إخوانيا أو شيخا بذقن رغم برنامج النهضة للدكتور محمد مرسي الذي شد اهتمامه وقبل أن يمضي إلي عمله قال" لا عايزين اخوان ولا سلفيين بس عايزين ريس زي حسني مبارك ".