أجابت دار الإفتاء المصرية، على سؤال ورد لها حول حكم جملة "اللى عايزه ربنا يكون"، وجاء فى ردها أن الجملة المذكورة ليست من اللغة العربية الفصحى، وإنما هى عربية محرفة للهجة العامية المصرية، وأصل كلمة «عايز» أو «عاوز» فى اللغة العربية هو المادة: «عَوَزَ» وهى تدل على الفقر والاحتياج. فالحاصل أن الأصل اللغوى لكلمة «عايز أو عاوز» يتضمن معنى الفقر والاحتياج والعجز عن نيل المطلوب، فالكلمة بمجرد تركيبتها اللغوية تدل على سوء حال، مضيفة وقد سجل القرآن الكريم على بعض اليهود جريمة التطاول على الذات الإلهية ووصفهم لله -سبحانه وتعالى عما يقولون- بالفقر والاحتياج، كما وصفوه بالشح والبخل لعنهم الله! قال عز وجل: (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إن اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ)،( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا). وذلك إنما قالوه على سبيل الاستهزاء أو على سبيل المناقضة والإلزام للطعن والتشكيك فى نبوة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو دأبهم فى الانتقاص من الأنبياء وسفك دمائهم والتشكيك فى أصول الديانات وإدخال التحريف عليها؛ لتضليل الناس وصدهم عن سبيل الله. وعلى هذا فكلمة «عايز» لما كانت تتضمن فى دلالتها نسبة النقص والفقر لله سبحانه وتعالى بمقتضى مصدرها اللغوى؛ كان استعمالها فى الحديث عن الذات الإلهية محرما قد يوقع فى الكفر والعياذ بالله؛ لتضمن ذلك نسبة النقص للذات الإلهية وترتب اللعن والوعيد الشديد على ذلك، وللتكذيب بكل الآيات التى دلت على الغنى المطلق له سبحانه وتعالى عن كل ما سواه كقوله عز وجل (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِى عَنِ الْعَالَمِينَ)، ومهما قيل بأن غلبة استعمال العوام والجهلة لهذه الكلمة نقلتها من الدلالة على معنى الفقر والاحتياج وطلب الشىء مع العجز عنه إلى الدلالة على مجرد طلب الشيء وإرادته كما يتبادر إلى ذهن عوام الناس اليوم؛ فهذا لا يُسوِّغ إطلاق هذا الوصف فى حق الله سبحانه وتعالى؛ لاحتماله الدلالة بأصل وضعه على معنى لا يليق بذاته عز وجل ويتنافى مع عقائد الإسلام بالكلية، وإذا كان قد ورد النهى عن التلفظ بكلمة «راعنا» لاشتراك عدة معانٍ بعضها قبيح فى هذا اللفظ فمن باب أولى يكون النهى أوكد عن ما كان فى أصله اللغوى يستلزم القبح والنقص. لكن المختار فى ظل تفشى الجهل هو الإفتاء بالكراهة الشديدة للتلفظ بهذه الكلمة؛ نظرا لعموم الابتلاء بجهل العوام بأصول الكلمات العربية؛ واعتيادهم التلفظ بمثل هذه التعبيرات وسبق اللسان بها دون أن يتبادر المعنى القبيح إلى الأذهان، مما يدل على نقل الكلمة بالعرف الخاص بالمصريين فى لهجتهم العربية عن معناها الأصلى إلى معنى آخر لا يتضمن النقص.