يترأس البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق بطريرك الإسكندرية وسائر الكرازة المرقسية للأقباط الكاثوليك، قداس عيد القيامة المجيد، في تمام التاسعة مساء غدا السبت . فيما حصل موقع"الوادي" على العظة التي سيلقيها رئيس الكنيسة الكاثوليكية خلال قداس عيد القيامة " قام المسيح ليعطي السلام لقلب المؤمن، إنه هو ذاته السلام، إن العالم يمر بين زمن وزمن بالحروب والكوارث والصراع وليس غير المسيح يخلص العالم من آلامه وأحزانه إذا سادت شريعة المحبة، وسرت روح التضحية والفداء، وأحب الإنسان أخاه الإنسان كنفسه ، فهنا يسقط الخوف من الحاضر والمستقبل، فقيامة المسيح أرست الأمن في قلوب المؤمنين وعمقت الرجاء بالخلاص في حياتهم ". ويتابع الأنبا إبراهيم إسحق " قيامة رب المجد تصرخ في الشباب المؤمن داعية إياه أن لا يستجيب لثقافة الموت أيًّ كانت الوسائل والغايات التي تحركها. لابد للمؤمنين أن يكسروا دوائر وسلاسل العنف المنتشرة في جوانب حياتنا، لابد للمؤمنين أن يتقدّموا رافعين رايات إنجيل المحبة التي تجعل شمس الخالق تشرق على الأشرار والأبرار. فالله سيد التاريخ هو إله حياة ليس إله موت، إله أجسادٍ ملؤها الحياة ليس إله جثامين ونعوش تملا الكون حزناً وبكاءً وعويلا، يمنحنا الله النعمة والقوة، بقيامته من بين الأموات، لنسهر على حراسة الحياة بمحبتنا لإله الحياة، وحراسة السعادة بمحبتنا للقريب الذي هو شريكنا في الحياة. فقط بالمحبة نفوز بعالم أفضل، فقط بالمحبة نتمتع بالحياة كعطية من الله. ويتساءل قداسة إبراهيم إسحق، إن موت المسيح وقيامته هو طريق النور الذي يعطي حياة جديدة بعد عبور الموت، فهل يمكن للإنسانية أن تتقدم وترتقي دون حملان شهداء، وهل يمكن للعالم أن يسوده العدل والأمن والسلام دون عرق ودماء وتضحيات . ويؤكد بطريرك الكنيسة الكاثوليكية،"حدث قيامة المسيح حي في وجدان المؤمنين، حاضر في الماضي والحاضر والمستقبل، فهو حجر الزاوية في بناء إيماننا، نوقد الشموع في هذه الذكرى رمزاً لنور المسيح الذي شق ظلام الخطيئة والإثم وأنتصر وداس الموت بموته، ففي فجر الأحد جاءت مريم المجدلية مع بعض النسوة كما جرت العادة في الشرق لزيارة الموتى، يمزقهن حزن عميق، وقلق غامر بعد أن غاب عنهم السيد والمعلم، ويا للمفاجأة، القبر فارغ، والحجر الذي سده مدحرج، تجاسرت النسوة ودخلت إلى القبر لم تجد الجسد، والأكفان قد وضعت جانباً، وظهر ملاكان ليقولا لهن: لماذا تبحثن عن الحي بين الأموات إنه ليس ها هنا، إنه قام، ومنذ هذه اللحظة لازال الفضاء يردد صدى هذا القول ولازال التاريخ يتدفق حيوية بهذا النبأ، وغمر الفرح الإنسانية كافة، فرح عبر القرون، يمد كل إنسان مؤمن بالثقة والقوة، قام المسيح وكيف يمكن أن يظل سجيناً في القبر، والقبر لا يحتمل وجود الحي، بل مصدر الحياة وكلمة الله الذاتية الناطقة، إن يوم قيامة المسيح هو أعظم أيام التاريخ البشري، به أكمل المسيح رسالة خلق الإنسان وأعاده إلى البنوة الإلهية، وأكد لنا أن حياة جديدة أعطيت للبشر، الحياة بعد قيامة المسيح اتخذت مساراً جديداً، وأخلاقاً جديدة ورجاء جديداً ". ويستطرد الأنبا إبراهيم إسحق " تأتي ذكرى قيامة يسوع من بين الأموات هذا العام كصوتِ منادٍ بالخلود والفرح والسلام والسعادة في برية حضارة وثقافة الموت التي تملأ العالم ظلاما وحزنا وفزعا، إنها صوتُ شهيدٍ بشّر العالم أجمع قبل أن يُذبح، بصلاة شفتيه الطاهرتين وعينيه المغمضتين بثقة في إله الحياة، إن صورة يسوع القائم قد أسست لحضارة الحياة التي تغافل عنها العالم، أما صورة الشهيد المصلّي فقد صدمت ضمير الكثيرين ممن ينشرون حضارة الموت، وقوَّت كثيرا من الرُكَب المرتعشة لمؤمنين كان إيمانهم يحتضر. عجيب هو إله الحياة، فمنطقه دائما هو الحياة التي تولد من رحم الموت ". ويضيف بطريرك الكنيسة الكاثوليكية، خلال عظته مساء غدا السبت،"كل ارتفاع يسبقه تجرّد من الذات، وكل قيامة يسبقها موت على الصليب، إنه منطق الله في تدبيره الخلاصي، فكل حياة تخرج من حضن الموت، والموت في حياتنا يتمثّل في تخلّينا الاختياري عن كل ما نظن أنه مباح لنا، فنحن نقوم مع يسوع عندما نتخلّى طواعية عن كل ما لا يخدم المحبة لله والقريب، فقد تكون هناك الكثير من الأشياء المتاحة أمامنا التي لا تمثّل خطيئة بالنسبة للشريعة والقوانين، لكنها في ذات الوقت لا تنفع المحبة ولا تخدم تدبير الله الخلاصي. فليس كل ما يخدم المصلحة الشخصية هو بالضرورة نافع لخلاص النفوس، ليتنا نقف كجبابرة بأس طائعين حتى الموت من أجل محبتنا لله والقريب، ليتنا نقف متجرّدين عن كل مصلحة ومنفعة شخصية، مؤمنين أن "الله الذي أقام الرب يسوع سيقيمنا نحن أيضا بقدرته" . ويوضح الأنبا إبراهيم إسحق، "قيامة المسيح من الموت حقيقة إيمانية وتاريخية، زرع بقيامته الحياة والرجاء الثابت فلا ينبغي أن نيأس أمام التحديات المعاصرة، ولا موجات الإلحاد ورفض القيم الروحية ولا المعاداة للتعاليم الإلهية المسيحية ، قيامة المسيح أسقطت سلطان الشر ، فمهما أشتد فإن الرجاء في المسيح يحفظ إنسانيتنا ويصون وطننا ويقوي عزيمة شعبنا ويختتم بطريرك الكنيسة الكاثوليكية، عظة قداس القيامة، "نتحد مع قداسة البابا فرنسيس في صلاة هذه الليلة ومع اخوتنا البطاركة والأساقفة، داعين المسيح الحي القائم من الموت ان يبسط نوره على عالمنا وأن يعمق الرجاء في قلوب البشر جميعاً، نصلي من أجل كل من يعمل من أجل بناء ونشر ثقافة الحياة وزرع الرجاء في قلب من هو في حاجة إلى رجاء، من أجل عائلاتنا المكافحة الأمينة، ونصلي خاصة من أجل عزاء كل العائلات المجروحة قلوبهم لفقدان أحبائهم، ومن أجل مصر وطننا الغالي و أرض الشعب الطيب، باني الحضارة للعالم كافة، تحتاج إلى تضامن أبنائها وإخلاصهم في العمل مشاركين ومساندين لرئيسنا المحبوب عبد الفتاح السيسي، نصلي من أجله ليظل دوماً قائداً انسانياً، ورئيساً وطنياً، ومصلحاً شجاعاً، حفظه الله وأيد مسعاه مع كل المخلصين المتعاونين معه والعاملين بكل أمانة من أجل بناء مستقبل أفضل لبلدنا مصر، وكل عام ومصر بخير.