كشف المهندس محمد فاروق القائم بأعمال مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي، أحد المراكز البحثية بمكتبة الإسكندرية، أن المركز يعكف حاليا على إعداد مشروع لإطلاق بوابة على شبكة الإنترنت لتوثيق تراث العلماء المسلمين الذين ساهموا فى إثراء الحضارة الإسلامية بأفكارهم ونظرياتهم وعلمهم فى مختلف العلوم الانسانية، وتركو لنا تراث هائل من المخطوطات، تعد تراثاً وطنياً لكل بلد من بلدان العالم، ويجب على الجميع معرفة هذا التراث. جاء ذلك خلال إلاحتفالية التي أقامها المركز أمس بمناسبة يوم المخطوط العربي في إطار الاحتفال السنوي الذي ينظمه معهد المخطوطات العربية، ويشارك فيه مجموعة كبيرة من المؤسسات والمنظمات العربية العاملة في مجال الثقافة والتراث. وأشار فاروق، إلى أن المركز ينفذ موسوعة (إسهامات الحضارة العربية والإسلامية في العلوم) وهو ثمرة جهد مشترك مع الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية وبرعاية منظمة اليونسكو، لافتا إلى أن من ثمار هذا المشروع تم اصدار مجلدات واسطوانات مدمجة توثق اسهامات علماء العرب والمسلمين فى مجال الطب والكمياء والفلك، وذلك باللغات الثلاثة: العربية والإنجليزية والفرنسية، وجاري الآن توثيق اسهاماتهم في مجال الفيزياء. كما أوضح فاروق، أن الكتب والأسطوانة تعد عملاً علمياً وثائقياً متميزاً يُحمد للقائمين على تنفيذه ويُحسب لمركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي، ويضاف إلى جهوده المتواصلة في إبراز الرصيد الحضاري للأمة العربية والإسلامية وتعريف العالم بالجديد من إسهاماتها العلمية والتقنية، فضلاً عن أنه يدل الباحثين في مجال المخطوطات على كنوز التراث الخفيّة ويتيح لهم مجالاً أرحب للدراسات المنهجية ، وان المرحلة القادمة سوف تشهد استخدام تقنيات حديثة لخدمة توثيق وعرض المخطوطات العربية وأكد على أنه يجرى الإعداد لإنشاء بوابة على شبكة الانترنت توثق لتراث هؤلاء العلماء والذين تخطى علمهم الحدود الجغرافية المعروفة للعالم الاسلامي كما تخطى حدود التخصصات العلمية الضيقة إلى الموسوعية العلمية . ومن جانبه أكد الدكتور فتحي صالح المدير الشرفي لمركز توثيق التراث، ومستشار مجلس الوزراء لشئون التراث خلال كلمته، أن الحضار ة انطلقت من الأمة العربية عندما انطلقت المعرفة، مشيرا إلى أن العالم ينقل المعرفة من حضارة إلى أخرى وليس هناك حضارة قائمة بذاتها، لافتا إلى أن الحضارة العربية آثرت العالم بافكارها ونظرياتها وأن العدد الكبير من المخطوطات الموجودة حالياً والتي تم تدوينها من قبل المسلمين إنّما يدلّ على ازدهار الحضارة في البلدان الإسلامية، وعلماء العرب سبقوا العالم فى قيامهم بثورة على النظريات الجامد والمغلوطة والتى كانت شائعة فى تلك الفترة حين خرج ابن الهيثم بدعوته بان الطريقة الصحيحة للفكر العلمى هى ان تختصم المعلومة حتى تتحقق منها او تثبت عكسها ، فعلماء العرب والمسلمين تأثروا بحضارات العالم واثروا فيها . من جانبه قال الدكتور عبد العزيز صلاح ستاذ الآثار الاسلامية بجامعة القاهرة وخبير منظمة الايسيسكو للتراث الاسلامي، أن المخطوطات تحتوى على عنصرين هامين الاول العنصر المادى للمخطوطة ذاتها باعتبارها اثر يجب حمايته وصيانته للاجيال القادمة، العنصر الاخر هو فحوى وما تتضمه هذه المخطوطات من نظريات وافكار لها حيثية علمية يجب دراستها وتحليل مكنونها، مؤكدا على إنّ الأهمية كامنة في هذا الأمر، لقد حَثَّت الشعوب على الاهتمام بالتراث القديم وخاصةً في مجال التراث وتبادل المعلومات ، حتى تلك التي لم تكن كالمسلمين تمتلك مجموعة كبيرة من هذه المخطوطات الثمينة. وأكد أنه حان الوقت لتوظيف الآثار لخدمة الاقتصاد والتنمية المستدامة، لافتا إلى أن التراث الثقافي هو سلعة عالمية يجب الحفاظ عليها من اجل المستقبل كما يجب مشاركة المجتمعات المدنية فى الاستثمار فى التراث الثقافى واشعارهم باهميته الثقافية والاقتصادية كما هو متبع فى العديد من دول العالم. كما أشاد بتجربة مركز توثيق التراث فى الحفاظ على الاثار والتراث وتوثيقة للحفاظ عليه، مشددا على ضرورة توفير الدعم الكامل له لكى يتعدى المنظور المحلى الى المنظور الاقليمى والدولى ، كمنارة ثقافية تشع على المنطقة العربية والافريقية، لافتا إلى أن الدول الافريقية كجنوب الصحراء والكونغو ودول اخرى ينقصها القنية الحديثة والمهارات البشرية المتوفرة بمركز توثيق التراث. وفى سياق متصل أكد الدكتور عبدالعزيز صلاح، على أنه يجب تفعيل علم الاثار الوقائى بالبحث والتنقيب خاصة قبل تنفيذ المشروعات الكبرى كمشروع العاصمة الادارية الجديدة المقرر تشيدها مطالبا بضرورة اجراء المجسات الاثرية لتجنب حدوث أىي آثارا قد تكون بموقع تلك المشروعات.