حسناً، اقتنص محمد مرسى الفرصة و أمسى أول رئيس جمهورية منتخب من الشعب لجمهورية مصر العربية ، ليحقق سابقة هو أول من يبلغها فى التاريخ .. هناك من سعد لنجاحه و هناك من سعد لخسارة شفيق هم كثر بالمناسبة .. و هناك من كان بين جحيمين، فرآها خاربة خاربة سواء مع ذلك أو ذاك. فلم يهتم بمن يفوز أو يخسر، و قد ألقى بطوبة البلد كمان نقولها بالدارجة، ولكن علينا الآن أن نتعامل مع الواقع الذى لا مفر منه أو محيص، محمد مرسى هو رئيس الجمهورية شئنا أم أبينا، قبلنا أم رفضنا .. كثيرون - ممن هم ناقمون على نتيجة الانتخابات - يقولون فى حسرة ممصمصين الشفاه : " ماذا فعل مرسى من قبل ، ليتولى .. و ماذا فعل بعد أن تولى؟ " .. و بغض النظر عن توجهى انا سواء كنت مع مرسى او ضده.. فأنا أرى أن هناك ردود مقنعة عن سؤالين مثل هذين يحتمها علينا العقل و المنطق. و هى ماذا كان بيده أن يفعل قبل أن يتولى إذ ان السلطة لم تتاح إليه البتة ؟!، أما بعد توليه، فماذا بإمكانه أن يفعل خلال عشرة أيام، والله سبحانه وتعالى اختار أن يبرئ الكون فى ستة أيام ؟! هنا سيخرج مناصريه من كل صوب و مكان ! .. لا ، لا ، لا محمد مرسى من بعد توليه بأسبوع قدم لنا العلاوة بنسبة 15 % ، فينبت المعارضين فى أرض المناظرة صارخين : لا ، لا ، لا .. هذه العلاوة كانت فرضتها وزارة المالية و الذى سمح لها بها مشروع الموازنة المالى للعام وفقاً لتصريح ممتاز السعيد وزير المالية .. و كان هذا قبل أن يتضح أيهم سيكون رئيساً للجمهورية سواء كان أحمد شفيق أم محمد مرسى.. و تتناطح الأراء ، و تكثر الاقاويل التى تتناقلها الألسنة و تقل بل تنعدم المبررات و التعليلات ! .. حتى أن المصادر تتضارب فيما بينها ، و الشعب هو التائه الاول فى الموضوع برمته .. و يبقى السؤال الحائر المريب الذى يلهب ألباب و عقول الجميع ، ترى هل أن محمد مرسى بحق هو من سيدير شئون البلاد ، ام أن المرشد و خيرت الشاطر هما المتحكمون بخيوط الماريونيت من خلف الستار ؟! .. و فى اعتقادى أن هذا السؤال لن تجيب عليه سوى الأيام المقبلة ، و إن كنت - أنا شخصياً - يصول الفأر اللعين و يجول فى صدرى و يقتلنى الشك تجاه هذا الموضوع.. وتأتى شريحة كبيرة تخبرك بأن الفريق شفيق لو كان أتى ، لما كان للثورة نتاج و لكان دم الشهداء سال هدر ، بل و الأكثر إيلاماً أننا سندخل دوامة الحكم الذى ليس منه فكاك و الذى يسير مع الدهر فى خطوط متوازية ! .. فيجيب الآخرون و هل عندما تصبح الدولة تحت سيطرة و فى زمام الإخوان لعشرات السنين هو الأفضل فى رأيك ؟! و يتلو هذا مبرراته و يتلو ذاك تعليلاته .. فتجد أن الإجابة الغالبة فى معظم الأحيان، حتى و إن كان الإخوان - متضمنهم مع محمد مرسى .. لأنهم و هذا لا يخفى على أحد ، كانوا السبب الأول و الأوحد فى فوزه - حكمهم خراب ، فلنجرب خرابهم و الذى سيكون قطعاً أهنأ من خراب النظام البائد ! و أنا بصراحة لا أحبذ تلك الإجابات و أجدها هاربة من المنطق ، أن أصوت لهذا ليخسر ذاك ، أن أجرب خراب أفضل من خراب .. كلها أحاديث لا تنم عن تدبر فى القول و من الواضح أنها تخرج لإنهاء موقف ! .. لا زلنا نتخبط فى تلك التيهة حتى لحظتنا تلك ، لا نعلم رؤوسنا من أقدامنا ، و إن كان ساد بعد الاستقرار ، و هو الذى لم يكن ليحدث لو فاز شفيق مطلقاً ، فأنا كنت أتصور البلد جمرة من اللهب لو كانت النتيجة هى فوز شفيق .. و لكنى - و بما أن قلة الحيلة هى الغالبة فى الوضع الحالى - أرى أن تلك الشريحة و التى ليست بهينة و متبنية قول : " لقد اختار الله لنا مرسي ، و الخيرة فيما اختاره الله ، فلندعو الله أن يسدد خطاه نحو الصواب و أن تتحسن أحوال البلد على يده " هى الشريحة الصائبة فى الوقت الحالى فى ظل تلك الدوامات و التضاربات التى نعيشها .. فلنأمل لك يا رئيسنا " محمد مرسى " اختلفنا أو اتفقنا مع توليك الحكم أن يسدد الله خطاك و تخرج بنا من ذلك الثقب الأسود الذى انغمسنا فيه .. و هى للأسف ليست بالمهمة الميسورة !