قالت هيومن رايتس ووتش، إن "السلطات المصرية أظهرت في الشهور الأخيرة قدرا من التسامح يكاد يكون منعدماً مع أي شكل من أشكال المعارضة، إذ اعتقلت ولاحقت صحفيين ومتظاهرين وأكاديميين لتعبيرهم السلمي عن آرائهم". وأشارت في بيانها إلى قرار النيابة في 29 يناير بإحالة ثلاثة من الصحفيين العاملين بقناة الجزيرة الإنجليزية إلى المحاكمة بتهم مسيسة من قبيل نشر "معلومات كاذبة" والانتماء إلى "منظمة إرهابية"، وهي التهم التي يعاقب على بعضها بالسجن لمدد تتراوح بين 5 و15 عاماً". وأضافت أن "ما لا يقل عن 17 آخرين من الصحفيين والشخصيات المعارضة يواجهون تهماً مماثلة في القضية نفسها، التي تقرر بدء المحاكمة فيها يوم 20 فبراير، كما قامت النيابة في 19 يناير بإحالة 25 شخصاً إلى المحاكمة بتهم "إهانة القضاء"، وبينهم الأكاديمي والبرلماني السابق عمرو حمزاوي". وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لا ينبغي للصحفيين أن يواجهوا خطر قضاء سنوات في سجن مصري لقيامهم بعملهم، إن ملاحقة هؤلاء الصحفيين لتحدثهم مع بعض أعضاء الإخوان، والتي تأتي بعد ملاحقة متظاهرين وأكاديميين، تبين السرعة التي تتقلص بها مساحة المعارضة في مصر". وتابع: "ويواجه صحفيو الجزيرة الثلاثة المحتجزون المصريان محمد فهمي وباهر محمد، والإسترالي بيتر غريست يواجهون تهماً تشمل تحرير مقاطع فيديو "للإيحاء بأن مصر في حرب أهلية"، وتشغيل معدات بث بدون ترخيص، والانتماء إلى تنظيم إرهابي، وحيازة مواد تروج لأهداف التنظيم الإرهابي". وأضاف: "أما التهم الموجهة إلى حمزاوي فتتعلق بتغريدة من يونيو 2013 تقول إن إدانة 43 من العاملين في منظمات مؤيدة للديمقراطية تمثل دليلاً على "تسييس" القضاء، وبين المتهمين الآخرين في هذه القضية مصطفى النجار، وهو برلماني سابق أيضاً، وعلاء عبد الفتاح، الناشط المعروف المحتجز منذ أواخر نوفمبر بتهمة ملفقة تتمثل في تنظيم مظاهرة دون إخطار". وأشارت المؤسسة إلى أن السلطات وجهت في أوائل يناير إلى أكاديمي بارز آخر، هو عماد شاهين، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إضافة إلى عدد من القياديين بجماعة الإخوان، تهمة التآمر مع منظمات أجنبية للإضرار بأمن مصر القومي. وأكدت هيومان رايتس أن كل من شاهين وحمزاوي ممن جهروا بانتقاد حكومة الرئيس محمد مرسي، لكنهما انتقدا أيضاً القمع الدموي للإخوان في أعقاب قيام الجيش بعزل مرسي من السلطة، قامت السلطات بمنع حمزاوي من السفر، وأحيلت قضيته إلى المحاكمة دون تحديد موعد لها، أما شاهين فقد غادر مصر قبل الإعلان عن التهم الموجهة إليه في وقت لاحق من شهر يناير. وأضافت المؤسسة "اعتمدت الشرطة على قانون قمعي للتظاهر صدر في نوفمبر الماضي لتفريق واعتقال مئات المتظاهرين السلميين بذريعة تجمعهم دون تصريح، كما استغلت إحدى المحاكم هذا القانون في ديسمبر للحكم على ثلاثة من أبرز النشطاء أحمد ماهر ومحمد عادل وأحمد دومة بالسجن لمدة 3 سنوات". وأصدر أكثر من 50 مراسلا أجنبياً بيان بتاريخ 13 يناير يدعو إلى إنهاء سجن صحفيي الجزيرة الثلاثة، ويقول إن اعتقالهم "ظلل حرية الصحافة والإعلام في مصر بالغيوم"، كما أن لجنة حماية الصحفيين أشارت إلى مصر كواحدة من البلدان الثلاثة الأكثر خطراً على الصحفيين في 2013. وأضاف جو ستورك: "ظلت المنظمات الحقوقية المصرية والدولية لسنوات تدعو السلطات المصرية إلى تعديل قانون العقوبات الذي كانت نصوصه الفضفاضة أداة الحكومة القانونية الرئيسية لسجن المعارضين، أما اليوم فقد صارت تحت تصرف النيابة ترسانة أضخم من القوانين القمعية التي تجرم الممارسات المشروعة للتعبير عن الرأي والتجمع وتكوين الجمعيات".