تزايدت الدعوات فى الأونه الأخيرة بوقف المتاجرة بجسد المرأة فى الإعلانات والذي يُعد أحد اسباب العنف ضد المرأة. فالمتاجرة بجسد المرأة والسعي دائماً لإظهارها عارية فى الإعلانات يطلق رسالة واضحة بأن المرأة "سلعة". ونلاحظ أنه كثرت الدراسات الجامعية التي أبرزت زيادة نسبة ظهور الفتيات المصريات "بشكل غير لائق" في الإعلانات التليفزيونية التجارية، والتي أشارت إلى خطورة هذا التواجد النسائي في الإعلانات بإعتباره عملاً استفزازياً غير مبرر يساهم في تهميش المرأة، وإهدار كرامتها ودعم النظرة التقليدية لدورها في الحياة العامة وانتقاص قيمتها كإنسان فاعل، فضلاً عن ترسيخ مفهوم أن المرأة سلعة. ومن بين تلك الدراسات التي تناولت ظهور المرأة المصرية في الاعلانات رسالة جامعية بعنوان "صور تمثيل المرأة في إعلانات التليفزيون المصري"سُجلت بالجامعة الامريكية بالقاهرة، وأوضحت فيها الباحثة ميراي رؤوف إسحق "متخصصة الإعلان واتصالات التسويق بإحدى الشركات العالمية الكبرى" أن مصر تعتبر من الدول القليلة التي يزيد فيها عدد السيدات على عدد الرجال في الإعلانات التليفزيونية، وذلك مقارنة بالولايات المتحدةالامريكية مثلاً وكثير من دول أوروبا التي تزيد فيها نسبة ظهور الرجال في الإعلانات على السيدات. وأبرزت الباحثة، التي تناولت فحص عينة اكثر من خمسمائة إعلان تم عرضها في القناة الأولى الأرضية للتلفزيون المصري؛ أن المرأة يجري تصويرها في الإعلانات في معظم الأحيان داخل المنزل حيث تقوم بالاعلان عن منتجات تستخدم في المنزل، على عكس الرجل الذي يعلن "في حدود ظهوره الضئيل" عن منتجات تستخدم خارج المنزل. كما أشارت الباحثة إلى أن النساء المستخدمات في الإعلانات هن في معظم الأحوال فتيات صغيرات السن، وأنهن أصغر من الرجال الذين يظهرون في الإعلانات ولا يشترط أن يكونوا شباناً. وأوضحت رسالة جامعية أخرى أجريت من قبل في كلية التربية بجامعة عين شمس بالقاهرة حول "صورة المرأة في اعلانات التليفزيون المصري" أن 95 بالمائة من الإعلانات تستخدم المرأة، وتركز على جوانبها الأنثوية كالجمال والابتسامة مع ملاحظة أن الإعلانات المذكورة تروج سلعاً ليست بالضرورة مرتبطة بالمرأة وتقع في دائرة اهتمامها. وفى دراسة أخرى لمركز "وسائل الإتصال من أجل التنمية" عن صورة المرأة فى الإعلانات؛ أشارت الدراسة إلى أن المضمون الإعلامي يرتبط بالقوى العاملة في وسائل الإعلام، وكذلك بمنتجي هذا المضمون الذين هم في معظمهم من الذكور الذين يتولون المراكز القيادية، ويتخذون القرارات المتعلقة بالسياسات الإعلامية؛ فإلى هؤلاء ترجع مسئولية الاستمرار في ترويج صورة المرأة وفق قوالب نمطية، وتستبعدها من إنتاج مضمون بديل مما يعوق مشاركة المرأة الفعالة في تحقيق المساواة وتأكيد دورها الفعال في المجتمع . وقالت الدراسة أن الثقافة الذكورية في المجتمع تحدد صورة الذكورة والأنوثة بما يتوافق مع تقسيم العمل التقليدي فيعهد للنساء بالأعمال المنزلية وأعمال الإنجاب ورعاية الأطفال " الدور الإنجابي"، ويعهد إلى الرجال الأعمال التي يتم تقديرها إجتماعياً " اتخاذ القرار، إدارة الحياة، جلب المال، المشاركة في الحياة العامة والسياسية " كما كشفت دراسة حديثة عن الإعلانات النسائية في المجلات المصرية والعربية ارتفاع نسبة ظهور المرأة في ملابس عاريه، مما يعكس رغبة المعلن في استخدام جسد المرأة كوسيلة للجذب. وفى دراسة تحت عنوان "القيم المتضمنة في إعلانات المجلات النسائية العربية وعلاقتها باتجاهات المرأة نحو الإعلان" أوضحت الدراسة أن معظم الإعلانات تبيع صورة المرأة الجميلة المصورة في الإعلانات، وليس المنتج عنه بنسبة بلغت 84.5%، وهذا بالنسبة للمجلات محل الدراسة والتي شملت مجلات "حواء- نصف الدنيا المصريتان، وزهرة الخليج الإماراتية، وسيدتي السعودية ومجلة الشرقية" نموذجاً للمجلات متعددة الانتماءات. وأكدت الدراسة أن كثير من الإعلانات تصور المرأة بطريقة سلبية مشوهة تخالف واقع المرأة العصرية، حيث تقدم الكثير من الإعلانات المرأة كمثير جنسي، وفي أدوار تقليدية، مما قد يقلل من قدرة الإعلان على إثارة اهتمام المرأة بقراءة محتواه. كل هذه الدراسات وغيرها تؤكد أن وكالات الإعلان سواء في مصر أو في الخليج أو في غيرهما من عالمنا العربي؛ كانت تعرف زبونها تماماً، وكيف ينظر هذا الزبون للمرأة التي هي بنته أو أخته أو زوجته أو زميلته في العمل.. زبونٌ يفكر بنصفه الأسفل.