يبدو ان ساعات الخطر اوشكت على الاقتراب فتمر الايام رويدا رويدا وناقوس محاكمة الرئيس المخلوع حان ليدق في ارجاء مصر كلها. ايام قليلة ويصدر اول حكم على حسني مبارك في سابقة جديدة لم تعرفها الشعوب العربية منذ مئات السنين فمنذ عهد قريب تمت محاكمة عدد من الرؤساء العرب ولكن بأيدي اجنبية وابرزها كان بيد قوات التحالف الغربية واعدامها للرئيس العراقي صدام حسين في اجواء مغلفة ظاهرها محاكمة وطنية عراقية، وباطنها تنكيل وثأر وتخويف للقيادات العربية، وكان عبرة لكل من يتجرأ على تحدي النظام العالمي او الولاياتالمتحدةالامريكية. فبعدها تم تقليم اظافر باقي الحكام العرب خشية ان يلقوا نفس المصير. "الوادي" رصدت ردود افعال دول الخليج العربي على محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك والمتهم بعدد من التهم الجنائية والسياسية خاصة وان كانت النوايا داخل دول الخليج العربي تعارض محاكمة الرئيس السابق على اعتبار الصداقات والمواءمات السياسية والصفقات الاقتصادية التي دارت خلال الاعوام الماضية نتج عنها مصالح مشتركة بين النظام المصري وعدد كبير من دول الخليج العربي الامر الذي دفع عدد من دول الخليج الاعلان عن استعدادتها لاستقبال الرئيس السابق وبعضها عرض مبالغ خيالية مشروطة بعدم المساس بالمخلوع او افراد اسرته. الشعب المصري دائما صاحب السبق في الظواهر والاحداث الغريبة بهذه المقولة بدأ المحللون السياسيون العرب والمصريون المهتمون بالعلاقات المصرية الخليجية. فقال عبد القادر ياسين الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ان الشعب المصري يثبت للعالم اجمع انه من اكبر الشعوب تحضرا وثقافة على الرغم من حالة التخبط المؤقتة نتيجة لظروف الانتقال السلمي للسطلة من رئيس عسكري الى رئيس مدني. واضاف المحلل السياسي ان امر محاكمة الرئيس مبارك شأن مصري خالص متروك لقضائه الشامخ ولن تستطيع اي دولة مهما قدمت ان تتدخل في الشأن المصري للتأثير على قرار المحكمة سواء سلبا او ايجابا واننا على ثقة كاملة في نزاهة القضاء المصري. واشار المحلل السياسي ان الادانة السياسية للرئيس السابق قد تمت بالفعل طوال المدة السابقة وهذا يعتبر اهم تاريخيا من العقوبة الجنائية فنحن كشعب فلسطينى عانينا الامرين طوال فترة حكم مبارك خاصة من شراكته المفضوحة مع الكيان الصهيوني على حساب شقيقة العربي الفلسطيني والاطاحة به من سدة حكم مصر هي اكبر عقاب ناله على اعماله خلال مدة حكمه. كما أكد عبد القادر ياسين ان الحكم على مبارك سواء اكان سلبا او ايجابا لن يؤثر على العلاقات المصرية الفلسطينية التي هي اسمى من اي اشخاص ممكن ان يتلاعبوا بمقدرات البلدين. وقال د. عمر الحسن رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية ان الاعلان عن عدم التدخل في الشئون المصرية جاء منذ بداية إثارت عدد من الاقاويل حول تدخل دول الخليج للعفو عن الرئيس السابق حسني مبارك حيث اعلن معظم ملوك وامراء ورؤساء الدول الخليجية ان هذا القرار قرارا مصريا خالصا تابعا لقضاء شامخ بالاضافة الى ان دول الخليج تتعامل مع حكومات ودول وليس مع شخصيات. واضاف عمر الحسن ان مبارك الآن انتهى سياسيا وشخصيا بالنسبة لدول الخليج خاصة بعد الفضائح التي تعلن يوما بعد يوم هو وافراد اسرته ولا اعتقد ان احدا يستطيع ان يتحدث بشأنه. فمصر تمتلك الآن مقومات الدولة بعد قيام ثورة 25 يناير وبها قيادات قانونية ودستورية بالاضافة الى قضائها المشهود له بالنزاهة وحول ضغط بعض دول الخليج بورقة العمالة المصرية للتاثير على القرار المصري ارجع رئيس مركز الخليج للدراسات ان هذه شائعات لا تريد الخير لمصر وخاصة العلاقات المصرية السعودية او الخليجية بصفة عامة. فمنذ نجاح ثورة 25 يناير عرضت عدد كبير من دول الخليج مساعدة مصر اقتصاديا عن طريق تحويل عدد كبير من استثماراتها في الخارج الى مصر مستغلين الفائض النقدي في البنوك الخليجية. حيث رصدت دول السعودية والكويت والامارات والبحرين حوالي 4 مليارات دولار لاستثمارها في مصر بعد الثورة. وعن عدم توافر تلك الاستثمارات حتى الآن قال د. عمر الحسن انه بمجرد توافر المناخ المناسب باعتلاء رئيسا للجمهورية وحكومة منتخبة واستقرار الاوضاع تدريجيا سيشعر الجميع بتلك الاستثمارات، واكد ان كل دول الخليج تتمنى لمصر ان تتعافى وتعود بقوة الى المشهد السياسي وتتوحد مع شقيقاتها العرب وتساندهم كما ساندتهم في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات. ويرى الدكتور وجيه عفيفي مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية ان محاكمة مبارك يبدو انها ستنتهي بمفاجأه هزلية سواء من الشأن الداخلي او الخارجي. حيث توقع عفيفى ان تقوم عدد من الدول العربية خاصة المملكة العربية السعودية بالضغط على المجلس العسكري لتسهيل خروج الرئيس المخلوع بعد حصوله على البراءة خاصة وان ليس هناك شىء يدينه في التحقيقات التي اعلنت، مع العمل على ايقاف أية ردود افعال خاصة بالطعن على الحكم او ما شابه ذلك. فالمملكة العربية السعودية قامت بدعم الاقتصاد المصري بمبالغ كبيرة ابرزها قرض المليار ومائتي مليون دولار بالاضافة الى مبلغ الخمسمائه مليون دولار التي وعدت السعودية بتحويلها الى مصر خلال شهر يونيو تحديدا اي بعد اصدار حكم البراءة على الرئيس المخلوع باعتباره من اصدقاء الأسرة الحاكمة وعلى راسها الملك عبد الله. ويؤكد وجيه عفيفي ان تلك القروض تمثل دعما خفيا لمنع اصدار اي قرار يزيد في اهانة المخلوع او احد من افراد اسرته. اما اذا كان الحكم مشددا فلا بد ان نتوقع هزات اقتصاديه عنيفة مع وقف التدفقات النقدية التي تم الاعلان عنها وقد يكون عودة العماله المصرية الى مصر ورقة ضغط على الحكومة المصرية كما فعلت الحكومة الامريكية بتهريب مواطنيها في قضية التمويل الاجنبي...