اكتب هذه المرة ،عن زيارة الرئيس محمد مرسي إلي السعودية .وهي بكل المقاييس، "بارقة أمل" ،وسط الضبابية التي يتسم بها المشهد السياسي المصري . والانقسامات غير المسبوقة علي الساحة، واختلاط الأوراق ،وميوعة المواقف ، التي تجعل من فصائل سياسية صدعت رؤوسنا بالدعوة إلي الدولة المدنية ، والتحذير من الدولة الدينية. هي نفسها التي ترحب نكاية في حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين بالعمل خدم للمجلس العسكري .تلعق "بيادة" جنرالاته ،تتسول حمايته ،من نتائج صناديق الانتخابات، تداري به عورتهم ، وفشلهم طوال كل تلك السنوات الماضية ،في التواصل مع الجماهير، أو خلق أرضية في الشارع المصري .أنهم علي استعداد للتحالف مع الشيطان ، وأنا لا أقصد جهة بعينها بهذا الوصف ولا يصل الإخوان للحكم. حتي لو تم ذلك وفقا للأعراف الديمقراطية ،المطبقة في كل دول العالم ،ناهيك عن التجاوز غير المسبوق، ضد مقام رئيس الجمهورية . والذي وصل ببعض القضاة ،إلي تقديم إنذارات ،وطلب اعتذارات، والتطاول البشع، لبعض الذين صدعوا رؤوسنا بأنهم ثوار، وإنهم أصحاب الفضل في قيام الثورة، ومع ذلك يدعو أحدهم إلي انقلاب عسكري ،ضد الرئيس المنتخب. ويذهب بعدها لينام مرتاح الضمير . وكأن الدولة المدنية عكسها الدينية مع غض الطرف عن عسكرة الدولة مثل هؤلاء ،وهم قلة، أعمتهم أبصارهم ،وقلوبهم، عن الاعتراف، بان شمس الديمقراطية أشرقت علي مصر، ولن تغيب. مهما كره الحاقدون، والمرجفون، وأصحاب النظرات الضيقة. ومعذرة ،فقد استغرقني رغما عني المشهد السياسي الداخلي، عن رصد "بارقة الأمل" المتمثلة في الزيارة الأولي، للرئيس محمد مرسي لخارج مصر إلي السعودية. وكان الرجل قد وعد بذلك إثناء الحملات الانتخابية .عندما كان منافسه الفريق احمد شفيق يقول، إن زيارته الأولي ستكون إلي واشنطن. يضاف إليها أيضا استقبال الرئيس لعدد من المبعوثين من دول الخليج ،من الكويت والبحرين خلال الفترة القليلة الماضية. وتم خلالها تقديم رسائل دعم ،ودعوات زيارة إلي الرئيس مرسي. وهذا ما يدفعني إلي التأكيد علي أن زيارة مرسي للسعودية ، تمثل إعادة اعتبار للعلاقات المصرية الخليجية، والعربية بصفة عامة ،والسعودية بصفة خاصة . علي أسس جديدة ،ومختلفة عن السابق، يتم إعلاء المصالح المشتركة .وأنها بداية مرحلة جديدة ،بعد حالة الضبابية ،التي أتسمت بها المواقف .خلال الفترة منذ قيام ثورة يناير المجيدة. والتي يمكن رصدها في التالي : الأول ،إنساني، من خلال العلاقة بين الرئيس المخلوع ،وبين قادة دول الخليج .والتي استمرت طوال ثلاثين عاما. ومثل هذه الأمور، تشكل أساسا مهما ،لدي قادة الخليج. يضاف إلي ذلك، وجود قواسم مشتركة في المواقف، بين مصر في العهد السابق ،وبين دول الخليج .والتي لم تنس أبدا لمبارك، انه سارع بالانحياز، إلي الموقف الخليجي بعد الغزو العراقي للكويت .ولم يعد سرا أن كثيرا من دول الخليج عرضت الإقامة علي مبارك، أثناء الثورة وما بعدها . قبل أن توجه له التهم ،ومثوله أمام القضاء. ومع هذا كله .يحسب للصديق العزيز، والسفير النشط أحمد قطان. انه كان واضحا وحاسما ،عندما ذكر في أكثر من تصريح. أن علاقات بلاده قد انقطعت، وتوقفت مع الرئيس المخلوع منذ 11 فبراير. الثاني :أن معظم دول الخليج ،تعاملت مع التطورات الأخيرة في مصر، علي خلفية أنها تحترم اختيارات الشعب المصري، وخياراته السياسية. بل أن البعض، وفي المقدمة منها السعودية ، سارعت في وقت مبكر، بالتقدم ببرامج للمساعدة الاقتصادية لمصر. ومنذ مايو قبل الماضي في 2011 . وقبل أن تتضح الأمور. فلم يكن هناك" برلمان" تم انتخابه ،جاءت الأكثرية فيه من تيار الإسلام السياسي .أو "رئيس" تم اختياره، جاء علي خلفية انتمائه للإخوان المسلمين .مما يعني أن الموقف الداعم، كان لمصر وللشعب المصري .ولم يكن لشخص ،أو حزب، بل ان السعودية خرجت عن عادتها ،عندما حاول بعض كبار المسئولين في مصر، الإدعاد بأن الحديث عن تلك المساعدات، "وعود لم تنفذ" وأكدت تصريحات رسمية ،من الأمير سعود الفيصل يومها، بان ذلك غير دقيق وقد أثبتت الوقائع صدق الجانب السعودي ،ووفاءه بكل ما تم الالتزام به . ولعل مثل هذه المواقف ،تؤكد الوعي الكامل من قيادات المملكة، بالارتباط الوثيق تاريخيا بين الشعبين المصري والسعودي . والتزامهم بوصية الأب المؤسس الملك عبد العزيز. بالحفاظ علي العلاقات مع مصر. بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي فيها. أو حتي شخص الرئيس ،أو انتمائه السياسي. الثالث : يحسب لحكومة الدكتور الجنزوري، أنها استطاعت بالتفاهم والحوار. ان تنهي ملف غاية في الأهمية .وهو المشاكل التي تعرضت لها الاستثمارات الخليجية. ومنها بالطبع السعودية، في أجواء ما بعد الثورة. علي خلفية القاعدة الشرعية »لا ضرر ولا ضرار«. دون تصعيد الأمور.، إلي التحكيم الدولي .وتداعيات ذلك علي المستقبل ،خاصة وان المرحلة القادمة ،تبشر بعودة كبيرة لتلك الاستثمارات الخليجية. مع الوضع في الاعتبار، أن الاستثمارات الخاصة ،أحد الأسس في عملية التنمية في مصر. دون التعويل كثيرا ،علي مساعدات الدول ،أو تسهيلاتها ،أو حتي قروضها،، و لو كانت ميسرة . والأمر مرتبط فقط ،باستعادة الأمن، وعودة الاستقرار، وهي المهمة التي تتصدر اهتمامات الرئيس. وظني ،انه من السهولة بمكان، مد جسور التفاهم، وخلق أجواء من الثقة، بين القيادة السعودية والقيادة المصرية الجديدة. والتي ستنعكس ايجابيا، علي المشهد السياسي العربي. والعلاقات بين البلدين والشعبين.